النواب يتحدّون الملل… بالتمديد

هتاف دهام

دخلت المنطقة في إعادة رسم جديدة للخريطة الاستراتيجية مع الانتخابات الرئاسية السورية التي أوصلت الرئيس بشار الأسد الى رئاسة الجمهورية لولاية ثالثة، الأمر الذي نزع الورقة السورية نهائياً من السعودية، الدولة الإقليمية الأكثر عدائية لسورية بعد «إسرائيل» كما يقول الرئيس بشار الأسد.

لم ينتهِ الأمر عند المملكة. لجأت الى العراق، فحركت المجموعات الإرهابية أو ما بات يُعرف بتنظيم ما يُسمّى دولة الإسلام في العراق والشام «داعش» على عدد من المناطق العراقية.

تدرك إيران أنّ ما جرى هو تواطؤ سعودي ضدّ الجمهورية الاسلامية الايرانية على الأرض العراقية لكبح جماح التمدّد الايراني، لا سيما أن العراق يعد الخاصرة للجمهورية الايرانية.

لن تتخلى ايران عن العراق. أعلن الرئيس الايراني الشيخ حسن روحاني أن بلاده ستكافح العنف والارهاب في العراق. ما من شأن ذلك ان يعقد الامور أكثر بين السعوديين والايرانيين غير المستعجلين للقاء الايراني السعودي المنتظر في المنطقة لما له من ارتدادات من شأنها أن ترخي بظلالها الايجابية على لبنان الذي دخل الشغور الرئاسي في 25 أيار الماضي.

يؤكد مصدر مطلع أن انتخاب رئيس للجمهورية صعب المنال، وربما من المستحيل قبل الخريف المقبل، حيث المنطقة في حاجة إلى كامل فصل الصيف لبلورة معركة الصراع الحاصل.

يبرّر المصدر سريان الشغور الرئاسي وعدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية إلى غياب التوافق الاقليمي والدولي، فضلاً عن التوافق الداخلي المعدوم حول هذا الاستحقاق، ما يجعل منه استحقاقاً بعيد المنال قبل انتهاء ولاية المجلس النيابي في 20 تشرين الثاني المقبل.

لا انتخابات رئاسية قبل الانتخابات النيابية. يعوّل العماد ميشال عون على تاريخ 20 آب موعد دعوة الهيئات الناخبة التي تسبق نهاية ولاية المجلس، إلا انّ تحوّلاً واحداً لن يحصل كما يقول المصدر، لا على صعيد الانتخابات الرئاسية ولا على صعيد الانتخابات النيابية التي يستبعد أن تجري في موعدها لا وفق قانون جديد ولا وفق قانون الستين الذي يضمن للعماد عون ما فوق 27 نائباً.

معضلة عدم إجراء الانتخابات النيابية للمرة الثانية في ظلّ انعدام الوفاق السياسي ستولد تمديداً جديداً للمجلس النيابي الممدّد له في حزيران 2013 بذرائع أمنية.

حسمت القوى السياسية المسيحية أمرها بأن لا انتخابات نيابية قبل الانتخابات الرئاسية، قطعت الطريق على انتخابات أقله بقانون الستين، فوجهت الاصابع إلى التمديد الذي حانت ساعته.

لا تؤيد كافة القوى السياسية التمديد لكنها في الوقت عينه لا تعارضه. وإذا كان رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط هو رأس الحربة في الدفع باتجاه التمديد للمجلس الحالي، فهو قلق من المستقبل لأن أية إعادة نظر في النظام لن تعطي رئيس التقدمي الاشتراكي فرصة التحكم بالبلد مثل ما هو حاصل اليوم.

لن يعارض تيار المستقبل التمديد. لا يجد فيه أي ضرر، فهو في وضع مترهّل، وأي انتخابات ستجرى ستخسره على الأقلّ سبعة مقاعد من أصل المقاعد التي يشغلها حالياً.

وإذا كانت الضرورة فرضت على حزب الله السير بالتمديد في حزيران الماضي فإنه ورئيس المجلس النيابي نبيه بري لن يقفا حجر عقبة أمام التمديد في ظلّ العجز في التوافق على إجراء الانتخابات وفق الستين. وإذا كان المستقبل قادراً على أن يأتي بحليفيه حزب الكتائب وحزب القوات للتمديد للمجلس النيابي، فإنّ العثرة تبقى في موافقة التيار الوطني الحر الذي طعن بالتمديد الحالي، فكيف به يقبل بالتمديد الجديد.

وإذا كان الواقع لا يتطابق مع تطلعات الجنرال الانتخابية النيابية، لجهة ان المجلس النيابي معطل ولن يلتئم بالتأكيد للبحث في إقرار قانون انتخابي جديد في ظلّ الاختلاف السياسي الحاصل، فإنّ التمديد لمدة أقصاها سنة سيكون سيد الموقف في المرحلة المقبلة، إلى ان تدقّ الساعة لإعادة النظر في شكل الحكم ونسف الطائف من أساسه، كما يقول مصدر مقرب من التيار الوطني الحر، إذ لا حلّ الا بتغيير شكل الحكم والتوجه الى عقد اجتماعي جديد، باعتباره انّ أسوأ ما حصل للبنان هو اتفاق الطائف وما نتج منه من تحويل لبنان من نظام رئاسي الى برلماني.

يترقب النواب ساعة ساحة النجمة لتدق إيذاناً بإعلان التمديد لنكون مجدداً على موعد جديد مع سعادة النواب الذين يتحدون الملل في الحضور الى المجلس النيابي الذي يصيب الصحافيين من تكرارهم للسنفونية نفسها منذ التمديد في العام الماضي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى