لا أحد في واشنطن يريد الحديث عن الحرب ضد «داعش»

في الوقت الذي تستعد أستراليا لتوسيع الحرب الجوية ضد تنظيم «داعش» الإرهابي، من المثير للاهتمام أن تمرّ الذكرى السنوية الأولى لبداية حملة القصف ضد التنظيم من دون ملاحظة أحد تقريباً في واشنطن.

ويعد هذا الأمر مستغرباً تماماً، نظراً لأنه بحلول 31 آب 2015 كلّفت الحرب الجوية وحدها الخزينة الأميركية ما يزيد على 3 مليارات دولار، أي حوالى 9.4 مليون دولار في اليوم الواحد.

ومنذ بداية القصف، بلغ عدد القنابل والصواريخ التي أسقطتها الطائرات الأميركية وقوات التحالف ما يقدر بنحو 20 ألفاً، متسببة في مقتل حوالى 15 ألفاً من مسلحي «داعش».

ويعد معدل النجاح هذا «فقيراً» بالنظر إلى تكاليفه الباهظة، خصوصاً أن «داعش» يبدو قادراً على تعويض خسائره من المجندين الأجانب الجدد بسهولة تامة.

الأغرب أيضاً هو عدم وجود اهتمام عام بهذه الحرب الاستثنائية في الولايات المتحدة، بالنظر إلى أن جميع كبار القادة العسكريين قد اعترفوا بأنها ستكون معركة طويلة جداً، وربما حتى سيكون على الإدارتين المقبلتين في أميركا التعامل معها.

على سبيل المثال، ذكر الجنرال مارتن ديمبسي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، أن الحرب ضد «داعش» هي «صراع أجيال»، وردد الجنرال «راي أوديرنو»، رئيس أركان القوات خارج البلاد، نفس النغمة بقوله إن «داعش مشكلة ستمتد من 10 إلى 20 سنة، وليست مشكلة عامين».

وبالطبع، لا يريد أحد في الإدارة الأميركية الحديث عن استعداد أميركا للحروب الطويلة أو الحروب التي «لديها أهداف مستحيلة»، مثل «تدمير داعش نهائياً»، ولا يريد الرئيس أوباما بالتأكيد الحديث عن ذلك أيضاً، لأنه يريد أن يُنظر إليه باعتباره الرئيس الذي يُنهي الحروب.

وبالمثل يتردد أعضاء مجلس الشيوخ والكونغرس في الحديث عن ذلك، لأن هذا الأمر سيجبرهم على اتخاذ موقف سياسي حول هذه القضية، في بيئة سياسية منقسمة بالفعل حول هذا الموضوع إلى حد كبير.

وعلى أية حال، فواضعو السياسات في واشنطن لا يمكنهم حتى التوافق على توصيف هذه الحرب ما إذا كانت «حرباً» أو «نزاعاً مسلحاً» أو «قتالاً» أو «مكافحة إرهاب».

علاوة على ذلك فهناك أيضاً قصة الأخبار التي بدأت في الظهور مؤخراً، والتي تزعم بأن كبار مسؤولي الاستخبارات الأميركية يحاولون رسم «صورة وردية» للحملة العسكرية في العراق وسورية ضد التنظيم الإرهابي، يهدفون من ورائها إظهار تفوق الولايات المتحدة في الحرب، من خلال تعديل التقارير، إلا أن ذلك لم يساعد الأمور في أن تتحسن، ولم يؤد لمنح صانعي السياسات شعوراً كافياً بأن الحرب تسير على ما يرام.

ولا يبدو أن مسار الحرب سيتغير في المستقبل القريب، ما دامت الولايات المتحدة لا ترسل قوات برية إلى مسرح العمليات.

وعلى رغم أن الجميع يعلم أن الحروب لا يمكن الفوز بها من الجو فقط، إلا أنه لا يبدو أن هناك على الإطلاق أي نية لوضع قوات مرة أخرى على الأرض في العراق.

فلا إدارة أوباما ولا الجنرالات يتحدثون عن إرسال مزيد من القوات، وباستثناء السيناتور ليندسي غراهام، الذي دعا لنشر 10 آلاف جندي على الأقل على الأرض، لم يدع أي من المرشحين للفوز بترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة إلى إرسال مزيد من القوات، ويكاد يتفق الجميع على أن هذه الحرب هي «حقل ألغام سياسي»، وهذا ما يفسر العزوف الشديد من جانب أعضاء الكونغرس عن مجرد الحديث عن ذلك في اجتماعات الكونغرس.

وقد طرحت إدارة أوباما مسودة مشروع للتفويض باستخدام القوة العسكرية، إلا أن المسودة واجهت قيوداً شديدة بسبب عدم حرص الجمهوريين على مناقشتها، لأنهم بالطبع لا يريدون «تقييد» يد الإدارة الجمهورية المستقبلية المحتملة.

والخلاصة هنا أن الحرب ضد «داعش» لا يريد الكثيرون الحديث عنها، ولكن ربما يكون الرئيس أوباما قد نجح في الحصول على مزيد من دعم المملكة العربية السعودية في المجهود الحربي خلال زيارة الملك سلمان إلى واشنطن الأسبوع الماضي، وهذا من شأنه مساعدته في استعادة بعض ما خسره سياسياً في الاتفاق مع إيران، وربما سيرضي ذلك إلى حد ما وفي شكل موقت منتقدي سياسته في الشرق الأوسط.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى