حزب الله… نزع لغم الحوار
يوسف الصايغ
تتجه الأنظار الى السادس عشر من أيلول موعد الجلسة الحوارية بنسختها الثانية بعد جلسة اولى تمهيدية لم تسفر إلا عن الاتفاق على موعد الجلسة الجديدة، لكن الأجواء التي رشحت عن الجلسة الأولى لا تحمل على التفاؤل، خصوصاً بعد الاشتباك الكلامي على جبهة الجنرال السنيورة.
في كواليس هذا الخلاف لا يبدو انه يأتي من فراغ وليس من باب الصدفة البحتة، بل يعكس أجواء تمّ التحضير لها بهدف الإطاحة بالحوار الذي عمد الرئيس بري الى بلورته، في محاولة منه لجمع الأفرقاء السياسيين على وقع الحراك القائم في الشارع والذي يهدّد مختلف هذه القوى.
المعلومات تشير الى انّ ما حصل من سجال داخل أولى جلسات الحوار كان يعكس رغبة حقيقية للإطاحة بها من قبل السنيورة في ترجمة لاتفاق بينه وبين ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري بإيعاز من الرياض، للخروج من الحوار تحت ذريعة «عدم الاتفاق على بند رئاسة الجمهورية»، وهذا ما استتبع بالبيان الذي صدر عن تيار المستقبل بعد الاجتماع الأخير للكتلة والذي وُصف بأنه استهداف لطاولة الحوار من قبل السنيورة، من خلال الهجوم الذي تضمّنه البيان إزاء حزب الله والتيار الوطني الحر.
في المقابل لم يأت الردّ المنتظر على كلام السنيورة من قبل حزب الله والعماد عون، ما شكّل ضربة لخطة السنيورة ومشروعه في إيجاد مبرّر يتذرّع به للانسحاب من الحوار الذي يشكل المنفذ الوحيد في الوقت الراهن للقوى السياسية للتلاقي والخروج برؤية مشتركة إزاء الأزمات التي تعصف بالبلاد، والذي ترجم بالجلسة الحكومية التي شكلت أولى نتائج الحوار والسير بخطة الحلّ لمعضلة النفايات.
كما انّ الثابت من خلال الحوار أنّ حزب الله أكد مجدّداً ما كان سبق وأكده عبر أمينه العام السيد حسن نصرالله وعلى لسان عدد من مسؤوليه انه لن يتخلى عن دعم العماد عون في معركة الرئاسة مهما كانت الظروف، وهو ما عبّر عنه بوضوح
رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد بقوله: هناك مرشح واحد اتفقنا عليه جميعاً وهو العماد ميشال عون، لكن عندما أتت كلمة السرّ من الخارج بدّلتم موقفكم فيما نحن لم نغيّر موقفنا».
واستتبع الحزب موقفه الداعم للجنرال بعد جلسة الحوار الأولى بالزيارة التي قام بها وفد منه الى بكركي واضعاً البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي في أجواء هذا الدعم، مع التأكيد بأنه لا يتدخل في شؤون «البيت الماروني» الداخلية.
كذلك لم تتوقف مواقف تيار المستقبل التصعيدية في وجه حزب الله والمقاومة عند البيان الصادر عقب اجتماع كتلته النيابية، بل استتبعه ببيان أشاد فيه بـ«تضحيات السعوديين والإماراتيين والبحرينيين الذين سقطوا دفاعاً عن وحدة اليمن وعروبتها»، معتبرا «أنّ بيان حزب الله الأخير يعبّر عن مدى الانزعاج الإيراني من النجاحات الميدانية التي تحققها قوات التحالف في اليمن».
لعلّ البيان الأخير يأتي بمثابة تأكيد جديد على قرار التصعيد من قبل «التيار الأزرق» الذي يقابله حزب الله بهدوء يعكس الحرص على عدم دفع الأوضاع إلى المزيد من التشنّج في ظلّ الوضع المأزوم الذي يمرّ به البلد، فضلاً عن أنّ ما ورد في بيان كتلة المستقبل لا يعكس على الإطلاق حقيقة الوضع في اليمن، حيث تزداد ورطة السعودية وحلفائها، والتي فشل العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز خلال لقائه الأخير مع الرئيس الأميركي باراك أوباما في إيجاد مخرج منها يحفظ ماء وجه مملكته التي عجزت عن تحقيق أيّ هدف من الأهداف المعلنة لعدوانها، إلا إذا كان قتل المدنيين العزل هو ما تعتبره كتلة المستقبل إنجازات…!