ماذا يريد المغتربون السوريون؟ لو يسلك العرب طريق أوروبا

تامر يوسف بلبيسي

التطورات التي شهدها موقف عدد من الدول الأوروبية من سورية خلال الأسبوع الأخير يشكل تحوّلاً مهماً بالنسبة إلى السوريين في فهم ما يجري في بلدهم، أكثر مما هو كلام يرضينا لأنه يلاقي قناعاتنا وتفكيرنا وتمنياتنا، خصوصاً نحن المغتربين السوريين، الذين نال من يتواجد منهم في إسبانيا والنمسا وحتى بريطانيا نصيباً كبيراً من الفرح، عندما سمعوا ما صدر حول بلدهم سورية من وزراء خارجية الدول التي يقيمون فيها ويلتزمون بقوانينها ولا يتمنّون إلا الخير لها، اعترافاً بجميلها عليهم وفضل استضافتها لهم، ويعبّرون عن ذلك باحترام مواقفها المختلفة أحياناً كثيرة عن مواقفهم، خصوصاً في ما يخصّ شؤون بلدهم، فيلتزمون بالسعي لعدم إحراجها بأشكال من التعبير انطلاقاً من هذا الاحترام، مثلما يعبّرون دوماً عن عرفانهم لها ببذل ما يستطيعون للمساهمة بنموّها وعمرانها.

قال وزيرا خارجية إسبانيا والنمسا إنّ التعاون مع الحكومة السورية ومع الرئيس السوري والجيش السوري هو الطريق لمكافحة جدية للإرهاب، ولتحقيق أمن دول الجوار التي صارت أوروبا جزءاً منها، تجاه المخاطر التي تتسبّب بها الحرب التي تشتعل في سورية وعليها، سواء خطر الإرهاب أو خطر الهجرة.

تبعهم وزير خارجية بريطانيا وقال إنّ حكومته ترتضي بتصوّر عن الحلّ السياسي في سورية يكون الرئيس بشار الأسد جزءاً منه خلافاً لمواقف حكومته السابقة.

هذه المواقف في ظلّ احتدام النقاش الأوروبي حول أزمتي المهاجرين والإرهاب تعبّر عن نضج ومسؤولية وعن فهم صحيح لكون الاستقرار في سورية هو الردّ على المخاطر التي تهدّد بزعزعة الاستقرار خارجها بسبب ما يجري فيها، وهذا ما يريح المغتربين السوريين لأنه فهم حقيقي لواقع سورية وخطورة استمرار معاناة شعبها، ومواصلة العالم لسوء الفهم وبالتالي سوء التصرّف نحوها.

ما بدأ يصدر في أوروبا من مواقف وما يجري من تطورات، يوحي ببداية مسار سيعمّ الكثير من بلدانها، وينعطف بالأزمة السورية نحو بوادر أمل وخير.

يتطلع المغتربون السوريون إلى أن تتعمّم هذه النظرة وهذه المواقف، ليس لأنها تشبه مواقفهم، فيفرحون لكون الدول التي تستضيفهم تتخذ مواقف قريبة لقلوبهم فيصير عطاؤهم فيها أشدّ حماسة وعرفانهم لها أقوى وأعمق، لكنهم فوق ذلك يفرحون لقرب خلاص بلادهم من محنتها لأنهم يدركون أنّ الفهم العالمي لما يجري في بلدهم يقرّب ساعة الفرج والخلاص، لأنه يبشر بولادة جهود دولية موحّدة لدعم دولتهم في الحرب على الإرهاب من جهة، والمساعدة على حلّ سياسي يكون عنوانه الحفاظ على هذه الدولة ومؤسساتها الدستورية وفي مقدّمها الرئاسة، من جهة أخرى.

البداية الأوروبية تزرع الأمل باقتراب اللحظة التي ينتقل فيها هذا النقاش إلى الحكومات العربية التي يتطلع المغتربون السوريون المقيمون في رعايتها إلى تبنّيها لمبادرات تسهم بنهاية محنة البلد العربي الذي لم يبخل بشيء على أشقائه يوم دعت الحاجة، وبكلّ احترام من المغتربين السوريين لخصوصية كلّ دولة عربية وحساباتها تجاه أزمة بتعقيد ما يجري في سورية وحجم التداخلات المحيطة فيها، لهم أن يعقدوا الأمل على موقف عربي يسرّع ساعة الخلاص ويستفيد من هذه المتغيّرات لإطلاق المبادرات التي تعكس الأخوة العربية، التي عصفت بها رياح عاتية وقاسية، وآن لها أن تستردّ حيويتها وحرارتها.

بهذا الأمل ينظر المغتربون السوريون إلى ما يسمعون… وينتظرون.

مغترب عربي سوري في الكويت

رئيس مجلس إدارة قناة «زنوبيا» الفضائية

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى