إلى عائلة أنطوان لحد…

روزانا رمال

مات عميل لبنان الأكبر وخائن العلم وأرزته والجيش والمؤسسة العسكرية أنطوان لحد في فرنسا عن عمر ناهز 88 عاماً، لكنه لم يمت ربما كما كانت تحلم أمهات الجنوب دائماً… أو كما كانت تراودهن أحلام في اليقظة والمنام عبر قنصه أو قتله أو خطفه أو ضربه أو سجنه حتى يموت بين يدي العدالة والقضاء اللبناني، وربما إعدامه لشفاء غليل أرملة أوأم أو ابنة انتظرت والدها أحد ضحاياه طويلاً ليعود فلم يعد إلا شهيداً… لم يمت كما خطط الرجال وبعض النسوة البطلات كسهى بشارة التي سعت إلى قتله لأنه كان الهدف الوحيد القادر على تهدئة روع الجنوب وأهله.

لم يكن لحد عميلاً عادياً، فهذا الرجل كان عميلاً لأكثر من عشرين عاماً، كان قائداً لمجموعة تعلن اليوم أنها غير نادمة على ما اقترفته أيديها من خيانة وطن وغدر أمة، وتنعاه كـ»قائد عظيم رحل».

أنطوان لحد مدرسة بحدّ ذاتها، مدرسة لـ»الجيش الحر» في سورية ورياض الأسعد وغيرهم من الخونة الذين تعاملوا وتواطأوا مع جيش العدو في القرى والبلدات المتاخمة للجولان المحتلّ وغيره، وهم يتمنّون سقوط الجيش السوري، جيش بلادهم وانهياره أمام دولة الاحتلال وأحزمة «جبهة النصرة» الناسفة.

أيتها العائلة ويا أفراد عائلة أنطوان لحد… لا يحق لكم التفكير أو التلويح برغبتكم في نقل جثة العميل لحد إلى أرض لبنان، لا سراً ولا جهراً، فهذا شرف لا يستحقه، ولا تحاولوا خلق بلبلة في الأوساط السياسية التي تضمّ خونة أيضاً كفيلين بمسايرتكم من باب الصفح أو معايير محبة ووجهات نظر عمالة لأنّ هناك من لن يسايركم وأنتم تعرفون كيف تعاملت المقاومة المنتصرة معكم كعائلات لا ذنب لها بما اقترفه بعض رجالها.

لا تدخلوا البلاد بحرب تخسرونها حتماً، فأهل الجنوب أقسموا أنها لن تمرّ!

لن تمرّ جثة العميل لحد لساعة واحدة فوق أجواء لبنان وفي لبنان أم شهيد ومقاوم ووالدة شاب غرّر به وضاع عليه مستقبله ومستقبل أولاده.

اللبنانيون لن يستقبلوا هذه الجثة التي لن تطأ مطار بيروت، نعني «مطار رفيق الحريري الدولي»، واذا كان الرهان على ايّ فصيل سياسي من مجموعة «السيادة والحرية والاستقلال» هو رهانكم جدياً عليكم بنسيان الفكرة وكلّ ما بثته وسائل الإعلام عن نوايا تنفيذ وصية العميل في دفنه في لبنان، وأنتم تعرفون انّ اللبنانيين جهّزوا انفسهم اليوم ليقفوا دروعاً بشرية حتى «لا تمرّ».

ايتها العائلة… يا عائلة أنطوان لحد، كبير عملاء الشرق الاوسط، وقصة حب لعشرين سنة مع الكيان الغاصب، تنص المادة 274 من قانون العقوبات اللبناني على ما يلي: «كلّ لبناني دسّ الدسائس لدى دولة أجنبية او اتصل بها ليدفعها الى مباشرة العدوان على لبنان او ليوفر لها الوسائل الى ذلك عوقب بالأشغال الشاقة المؤبدة وإذا افضى فعله الى نتيجة عوقب بالإعدام».

بالإضافة الى المادة 275 التي تقول: «كلّ لبناني دسّ الدسائس لدى العدو او اتصل به ليعاونه باي وجه كان على فوز قواته عوقب بالإعدام».

لم يُعاقب العميل بالإعدام لانه لم يسلّم نفسه الى القضاء اللبناني الذي كان من الممكن ان يحكم عليه بالسجن المؤبد… أنطوان لحد لم يطلب التوبة والمعذرة من القضاء ولم يعبّر أمام ملايين الناس عن ندمه ورغبته بتوبة يعرف انه لا يمكن ان يطلبها إلا من ربه…

لا تطلبوا من قوى سياسية تغطيتكم، فأنتم لا تستطيعون تحدي مشاعر شاب وعد بنبش قبره ورميه فتاتاً على الحدود مع العدو… لن تستطيعوا تحدّي مشاعر ملايين اللبنانيين، فلا تراهنوا على وعود وترتيبات لا يمكن ان تتحقق إلا في خيالات بعضهم، واذا كان هناك من يودّ جعل قضية الجثة قضية القضايا، فهي نعم ستكون قضية القضايا، فلا تجرّبوا أهل الجنوب واعدلوا عما فكرتم به إذا كنتم قد فكرتم… لا تدخلوا هذه الدوامة، فمن عاش خارج أرضه ولم يطلب منها المغفرة يُدفن خارجها قولاً واحداً فأيّ حق تطالبون به؟ وأي وصية يمكن ان يطلبها لمماته لم يتجرّأ عليها في حياته؟

أما الحكومة اللبنانية الغير قادرة على البت بالملفات وغير قادرة على التفريق بين النفايات والمكبات تعرف أنها سترمى في مزابل التاريخ وحكومات الاهتراء اذا ما تمادت أو فكرت في أي استسهال، خصوصاً انّ الملفات الكبرى تكفي لتحكي مخاطر الانزلاق الى المجهول، وهي مسؤولة اليوم عن هذا الملف الخطير وعن السماح لأيّ أخذ وردّ بالفكرة الجنونية التي ستستنفر الكلّ وتستعجل ما لا يتمنّون.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى