الكتل السلطوية الحديثة: الرأسماليون والتكنوقراط والمتطرفون

جيمس بتراس

«إسرائيل»، وفقاً للمروجين المتأثرين بها في الولايات المتحدة، فهي «أنموذج ديمقراطي»، ولكن التصريحات العامة وتصرفات قادتها دحضت هذه الفكرة تماماً. القوة الدافعة للسياسة «الإسرائيلية» هي فكرة اقتلاع وطرد جميع الفلسطينيين وتحويل «إسرائيل» إلى «دولة يهودية». لعقود كانت إسرائيل تمول وتستعمر وتعامل الفلسطينيين بعنف وتجرد الملايين من خلال عملية تهويد لما تبقى من الأراضي. واعتمد اقتصادها على المليارات، «المجتمع الإسرائيلي» تسيطر عليه عقلية الدولة العسكرية إلى حدّ كبير. التكنوقراط المتعلمون تعليماً عالياً يخدمون في النخب العسكرية والصناعية والعرقية والدينية.

تستخدم التكنولوجيا العالية «الإسرائيلية» في تعزيز النمو الصناعي والعسكري، الأطباء المتخصصون يختبرون نسبة تحمل السجناء الفلسطينيين من خلال عمليات التعذيب. الاقتصاديون وعلماء السياسة من حاملي الدرجات العلمية المتقدمة من جامعات الولايات المتحدة وبريطانيا المرموقة ومن أصحاب الجنسيات المزدوجة يصيغون سياسات تعزيز الاستيلاء على الأراضي بواسطة المستوطنين أو الفاشيين الجدد.

بناء الإمبراطورية اليورو -أميركان: العالم يتحد

بناء الإمبراطورية هو عمل قذر. فبينما يصدر القادة توجيهاتهم، التي تقوم على مظاهر الاحترام وبعيداً من المعيار الأخلاقي والمقاصد السامية، يقوم المقاتلون من البلطجية بقتل الصحافيين والحقوقيين في الميادين.

في السنوات الأخيرة استخدم أمراء الحرب اليورو-أميركان الرعاع والمرتزقة والمتطرفين لتدمير الخصوم السياسيين في ليبيا وسورية وأوكرانيا.

ليبيا تفتقر إلى أي مظهر من مظاهر الديمقراطية عند الطبقة المتوسطة، إمبراطورية الأورو-أميركان مسلحة وممولة من العصابات القبلية ومن الإرهابيين الجهاديين ومهربي المخدرات. ممولو اليورو -أميركان يتحصنون في لندن لإخضاع البلطجية، ولخصخصة حقول النفط في ليبيا وتحويل البلاد إلى مركز تجنيد وتصدير المرتزقة المسلحين للبعثات الإمبريالية الأخرى.

الحرب بالوكالة قادها الإرهابيون بدلاً من أوروبا وأميركا والسعودية في سورية وليبيا. وجرى تمويل الأصوليين الإسلاميين، وتسليحهم وتدريبهم في قواعد في تركيا والأردن والسعودية والعراق وليبيا للإطاحة بحكومة بشار الأسد في سوريا. الأصوليون الأكثر رجعية في العالم سافروا إلى قواعد تدريب اليورو -أميركان في الأردن وتركيا ومن ثم مضوا قدماً لغزو سورية، والاستيلاء على المدن، وإعدام آلاف من «الموالين للنظام» وزرعوا السيارات المفخخة في المدن المكتظة بالسكان.

الجهاديون موزعون بين الجماعات المتحاربة التي تتقاتل للسيطرة على حقول النفط السورية، والتي قتلت المئات والآلاف من السوريين قبل أن ينزحوا إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. استراتيجية اليورو -أميركان، بعد أن فقدت المرتزقة الليبراليين، تحولت نحو آخر الجماعات الأصولية للسيطرة على الإرهابيين، وقد رفض الاستراتيجيون التسوية عن طريق التفاوض، وأداروا ظهورهم للمعارضة السياسية الداخلية التي تتحدى الأسد عبر الانتخابات الرئاسية.

في أوكرانيا، دعمت إمبراطورية اليورو -أميركان المجلس العسكري المؤلف من التكنوقراط الليبراليين والنازيين الجدد الذين يطلق عليهم اسم «سفوبودا». وحاولت وسائل الإعلام الغربية تبييض صفحة النازيين الجدد الذين دعموا المجلس العسكري في كييف. وقد وُجد الفاشيون الجدد بقوة في الوزارات الرئيسية، وبرز دورهم الاستراتيجي كمقاتلين في المدن الشرقية التي يسيطر عليها المؤيدون لروسيا، وقد حولوا أوكرانيا إلى ثكنة عسكرية لحلف شمال الاطلسي.

اليورو-أميركان مبنى الامبراطورية ودور ريف راف «حثالة الأرض»

في كل مكان الإمبرياليون يعتمدون على «حثالة الأرض»: العصابات القبلية في ليبيا، الإرهابيون الأصوليون في سورية، النازيون الجدد في أوكرانيا.

بناة الإمبراطورية هم «مجموعات هامشية»، ليس لديها حصة في المجتمع أو الاقتصاد. النازيون الجدد المعادون للديمقراطية لا يتورعون عن خدمة بناة الإمبراطورية التي يتشاركون فيها العداء الإيديولوجي للديمقراطيين والاشتراكيين.

«حثالة القوم» يعتبرون أنفسهم «الحلفاء الاستراتيجيين» لبناة الإمبراطورية الأوروبية الأميركية. ومع ذلك، ليس لديهم حلفاء استراتيجيون، بل مصالح استراتيجية فقط. التحالفات التكتيكية تهدف إلى تأمين السيطرة على الدولة والقضاء على خصومهم.

لاحقاً سعت الإمبريالية إلى تخفيض نسبة التعامل مع هؤلاء المعروفين بـ «حثالة المجتمع». الأصوليون والنازيون الجدد يسعون لتقييد رأس المال، وخصوصاً رأس المال الأجنبي وفرض قيود على السيطرة الإمبريالية على الموارد والأراضي. في البداية يسعى بناة الإمبراطورية «الانتهازيون» إلى ضم «حثالة القوم» ممن هم على استعداد للتضحية من أجل المال والسلطة.

السلطة الجديدة الناشئة على النطاق العالمي، تستعرض عضلاتها بالفعل. مثل في الهند وتركيا وأوكرانيا و»إسرائيل». إنه تحالف يجمع بين الأعمال التجارية الكبيرة والتكنوقراط والفاشيين العرقيين الدينيين، ويعزز التوسع الرأسمالي غير المقيد بالتعاون مع الإمبريالية الأميركية الأوروبية.

العلماء والاقتصاديون والمتخصصون في تكنولوجيا المعلومات يصممون البرامج والخطط لتحقيق الأرباح للرأسماليين المحليين والأجانب.

يسهم اليورو-أميركان في خلق «قوة جديدة من خلال تعزيز الترويكا الخاصة بهم والتي تتكون من «عملاء الليبرالية الجديدة»، و»الأصوليين» و»النازيين» الجدد للإطاحة بالخصوم القوميين. ويستند تقدم الإمبريالية والرأسمالية في القرن 21 على تسخير التكنولوجيا الأكثر تقدماً ووسائل الإعلام لخدمة قادة الإيديولوجيات السياسية والاجتماعية الأكثر رجعية.

«انفورميشين كليرينغ هاوس»

ترجمة: وكالة أخبار الشرق الجديد- ناديا حمدان

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى