إلى متى… ولماذا؟
ما أروع الموت وأنت نائم في سريرك.
ما أروع الموت بعدما انتهت الروح من رحلتها في الحياة منهكة، متعبة، عاشت طفلة مدلّلة وماتت عجوزاً حكيمة.
ما أروع الموت وجسدك ممدّد قرب مدفأتك، في غرفتك، وتحت سقف منزلك. موت هادئ بسيط، موت عزيز كريم.
عجبي على زماني. وعجبي على نفسي وما تشتهي فيه.
عجبي على زماني، وعجبي من كلماتي ومن غزلي بالموت وما كان فيه.
عجيب هو غزلي… حزين هو غزلي.
ولكن، من منّا لم يشتهِ الموت بنكهته القديمة، بموضته البسيطة. موت من دون أكسسوارات أو تزييف. موت من دون خداع أو تخطيط.
من قال إن أقدارنا مكتوبة فلنعش بهدوء؟ ومن قال أن لنا في الدنيا قسمة ونصيب؟ ومن قال؟ ومن قال؟ ألم يصبح الموت جزءاً لا يتجزأ منّا؟ ألم يصبح الموت رفيق الروح قبل الحياة؟
ألم يصبح الموت ينبض في قلوبنا ويلازم أنفاسنا؟ موت بأشكال وألوان مختلفة.
موت لم يكن أبداً قدراً مكتوباً ولا هو قسمة ولا نصيب؟
موت صنع خصيصاً فقط للسوريين!
يكفي أن تكون سورياً أو تحمل هوية سورية حتى تموت رخيصاً، غرقاً في البحر أو مكدّساً داخل شاحنة لحوم فاسدة!
يكفي أن تكون سورياً حتى تتقطع أوصالك وتنسلخ مثل نعجة مريضة لا فائدة منها!
يكفي أن تكون سورياً ليسرقوا أعضاء جسدك بعدما سرقوا منك كل شيء!
سرقوا الضحكة واللقمة.
سرقوا براءة الطفولة وأمل الشباب والصبا.
سرقوا النور والبصر.
سرقوا الحرّية والدين وعبادة الله.
سرقوا كل شيء.
سرقوا حق الحياة وحرمة الموت.
فأصبح كل شيء أغلى ثمناً من أرواحنا نحن السوريين.
لا نملك إلا رخصة الموت، فكان الموت ذاته يخطف أرواحنا بسهولة وبساطة من دون حسيب أو رقيب.
إلى متى؟
ألم ترتوِ شعوب العالم من دمائنا؟
ألم تشبع عيونهم الفارغة من مناظر الخراب والدمار التي حلّت بأرضنا أرض سورية الحبيبة؟
إلى متى؟
لقد أصبح ما نعانيه يفوق خطوط المؤامرة بكثير. تلك المؤامرة التي تعدّت أن تكون سياسية الأهداف والمصالح. تعدّت أن تكون ضدّ المقاومة الوطنية أو تهديداً للهوية العربية. تعدّت كل شيء حتى وصلت إلى الروح البشرية إلى الوجود الإنساني، فانتهكت الحرمات بأقذر الطرق والأساليب.
إلى متى؟
لماذا المسؤول الآن في موقع المسؤولية؟ وما الفائدة من تلك القوانين والأنظمة والمنظمات ما دام لا أحد يطبقها أو يسعى إلى تطبيقها؟ بالله عليكم أن تقولوا لي لماذا لا يزال هناك في قاموس المصطلحات كلمات مثل: حماية، حقوق، ملكية، إنسانية، حدود… وما الفائدة من تلك المصطلحات؟ بالله عليكم أن تقولوا لي ما الفائدة؟
ما دامت هجرتنا وبقيت مجرّد أحرف مرسومة بين الخطوط، محفوظة على الورق؟ إلى متى؟ ولماذا؟
سورية فاق وجعها كلّ الكلمات.
سناء أسعد