هل آن أوان حل الأزمة الأوكرانية؟

حميدي العبدالله

كشف النقاب عن لقاء سوف يُعقد يجمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالرئيس الأوكراني الجديد. ومعروف أنّ روسيا كانت تصرّ سابقاً على ضرورة عقد لقاءات بين المسؤولين الجدد في كييف وزعماء المناطق الشرقية والجنوبية، وليس بين الرئيس الروسي والرئيس الأوكراني، ويعتبر الكشف عن اللقاء تطوراً لافتاً يوحي احتمال التوصل إلى اتفاق في وقت قريب. فهل تضع القمة الروسية الأوكرانية المرتقبة أسس حلّ الأزمة القائمة في أوكرانيا؟

ثمة مؤشرات كثيرة وعوامل ضغط عديدة توحي قرب التوصل إلى حل للأزمة الأوكرانية لا يختلف كثيراً عن التصوّرات التي طرحتها موسكو في وقت سابق:

أولاً: تردّد الغرب في المضيّ في المواجهة مع روسيا وتصعيد هذه المواجهة، وتمّ التعبير عن ذلك برفض الاتحاد الأوروبي انضمام أوكرانيا إليه، ورفض الكثير من الحكومات الأوروبية، وعلى رأسها الحكومة الألمانية، مجاراة كييف وواشنطن في التصعيد ضدّ روسيا، إضافة إلى القلق من نتائج الأزمة الأوكرانية على الاقتصاد الغربي، ذاك القلق الذي عبّر عنه بيان «الاتحادي الفيدرالي» الأميركي، أيّ المصرف المركزي، الذي حذّر من أنّ تصعيد المواجهة مع روسيا سينعكس سلباً على اقتصاد الولايات المتحدة والاقتصادات الغربية.

ثانياً: الرئيس الأوكراني الذي انتخب لا يعتبر في عداد الصقور، ورغم أنه من الموالين للغرب، إلاّ أنه لا يتجاهل أهمية العلاقات مع روسيا، وصعوبة الحفاظ على استقرار ووحدة أوكرانيا من دون التعاون مع موسكو.

ثالثاً: أزمة الغاز، إنْ لجهة إصرار موسكو على بيعه بأسعار السوق وسحب التسهيلات الممنوحة لأوكرانيا، أو لجهة خطر توقف تدفق الغاز الروسي إلى أوروبا الغربية، وتحديداً إلى ألمانيا، إذ ليس هناك بديل من هذا الغاز، لا لأوكرانيا ولا للدول الغربية، وكان عاملاً «عقلنَ» كثيراً ردّ فعل حكام كييف الجدد والحكومات الغربية.

رابعاً: صمود المقاطعات الشرقية والجنوبية في وجه الهجمات التي شنّها الجيش الأوكراني، إذ أكد هذا الصمود احتمال أن يؤدّي الإصرار على إخضاع هذه المناطق بالقوة إلى واحد من أمرين، أو الإثنين معاً، الأول نشوب حرب أهلية طويلة الأمد قد تؤدّي إلى تقسيم أوكرانيا، الثاني تدهور العلاقات بين كييف وموسكو، وصولاً إلى قطع إمدادات الغاز، وهذا ما لا يمكن تحمّله وليس شأناً أوكرانياً فحسب بل يهمّ أوروبا كلها.

خامساً: رفض روسيا انفصال المناطق الشرقية والجنوبية وعدم الاعتراف بـ «نوفاروسيا» وإصرارها على أنّ الحلّ هو عبر مفاوضات بين قادة المقاطعات الشرقية والجنوبية وحكومة كييف للوصول إلى تسوية على قاعدة الفيدرالية، وأدى موقف روسيا الرافض الانفصال المقاطعات الشرقية والجنوبية، وسحب القوات الروسية من الحدود مع أوكرانيا إلى حصول تقارب بين الغرب وروسيا منحه فرصة للتراجع عن سياساته التي اتسمت بردّ الفعل المتهوّر وتجسّد بفرض عقوبات على روسيا كان لها أثر بالغ في الاقتصاد العالمي وفي العلاقات الدولية، وتأثرت بها ملفات إقليمية ودولية كثيرة.

هذه التطورات التي حصلت في الأسابيع القليلة الماضية تؤشر بوضوح إلى تراجع حدة المواجهة السياسية بين روسيا والغرب، وتوفر شروطاً موضوعية تسهّل البدء في الحوار، وصولاً إلى تسوية تضع حداً للأزمة الأوكرانية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى