هل تتطابق حسابات أردوغان مع حصاد انتخابات تشرين الثاني؟
حميدي العبدالله
هدف ثنائي أردوغان داود أوغلو، بات واضحاً، الحصول على أغلبية مقاعد البرلمان في انتخابات الأول من تشرين الثاني المقبل كي يشكل حزب العدالة والتنمية بمفرده الحكومة التركية التي ستنبثق عن تلك الانتخابات، والمخطط بات واضحاً: تفجير الصراع الدموي المسلح مع الأكراد لخلق مناخ يساعد سياسياً وانتخابياً على بلوغ هذه الغاية، وهذا ما قصده داود أوغلو عندما ربط بين محاربة الإرهاب وبين حكومة الحزب الواحد، علماً أنّ كلّ الدول، سواء كانت ديمقراطية أم لا، تلجأ عندما تواجه تحدّيات بمستوى التحدّيات التي تواجهها تركيا الآن إلى توسيع قاعدة الحكم بالانفتاح على الأحزاب والشرائح الشعبية التي لا تؤيّد الحزب الحاكم، حدث هذا في الدول الغربية، واعتمد هذا النهج ستالين في روسيا في مواجهة النازية، لكن يبدو أنّ لداود أوغلو نظريته الخاصة. لكن هل تنجح رهانات أردوغان وداود أوغلو، وهل يتحقق لهما ما يتطلعان ويسعيان إليه؟
أولاً، مواقف حزب الحركة القومية تشير إلى أنّ الحزب بات يعتمد نهجاً يصعب معه على حزب العدالة والتنمية استعادة الأصوات التي خسرها لصالح هذا الحزب. فمواقف حزب العدالة والتنمية والثنائي أردوغان داوود أوغلو من الأكراد هي مواقف انتهازية وغير ثابتة، في حين أنّ الجمهور القومي ينظر إلى مواقف حزب الحركة القومية نظرة مختلفة، أيّ أنه على قناعة بأنّ حزب أردوغان ما كان له أن يخرج من العملية السياسية مع الأكراد ويعود إلى المواجهة المسلحة لو لم يخسر أصواتاً ذهبت إلى الحركة القومية عقاباً له على مواقفه من الأكراد، وبالتالي فليس لدى مناصري هذا الحزب، ولا سيما الذين كانوا يصوّتون لصالح حزب العدالة والتنمية ما يدفعهم للعودة إلى التصويت لصالح حزب أردوغان، طالما أنّ حزب الحركة القومية هو صاحب الإنجاز في وقف عملية السلام مع الأكراد التي كان ينتقدها حزب الحركة القومية، وكانت وراء حصوله على أصوات بعض ناخبي حزب العدالة والتنمية.
ثانياً، على فرض أنّ حزب العدالة والتنمية نجح في إبعاد حزب الشعوب الديمقراطية عن الانتخابات، فهذا يعني أنّ هناك مقاطعة واسعة للانتخابات التي ستجري في الأول من تشرين الثاني، وبالتالي لن يحصل حزب العدالة والتنمية على الأصوات الكردية التي كان يحصل عليها في الانتخابات التي سبقت انتخابات 7 حزيران الماضي، أما إذا خاض حزب الشعوب الديمقراطية الانتخابات، فالأرجح أنّ مستوى الالتفاف حوله سيكون أكبر مما كان عليه الحال في انتخابات 7 حزيران، بسبب سياسة الاعتداء التي يتعرّض لها الأكراد.
الأكراد الآن، وما يتعرّضون له من اضطهاد قد يدفع بشرائح كثيرة منهم، ربما تكون على الحياد للوقوف إلى جانب حزب الشعوب الديمقراطية، لا سيما أنّ الأحزاب المعارضة، بما في ذلك حزب الحركة القومية، تحمّل أردوغان وحزبه مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في تركيا، سواء مع الأكراد أو على مستوى تركيا بوجه عام.