العراق والجامعة العربية والعربي القَلِق…!

جمال العفلق

التطورات الأخيرة والفلتان الأمني وسيطرة الإرهاب على الموصل – وما نتج منه من تغيّر في الخريطة العراقية، حيث دخلت قوات البشمركة إلى كركوك إحدى أهمّ مدن العراق النفطية، للمرة الأولى – وما فعلة القادة الأمنيون في الموصل ذكّر الناس بالغزو الأميركي للعراق، وكيف أنّ أم قصر حاربت وبقيت تقاتل – وبالمقابل سقطت بغداد أو سلّمت مفاتيحها.

ومع تسارع الأحداث تسارعت المواقف الإقليمية والدولية – فأعلنت إيران أنها لن تسمح بهذا الاحتلال الإرهابي – ولم تكن تركيا بعيدة عن نفس التصريح على رغم الفارق بين الدولتين في دوافعهما.

وعلى رغم معرفة العالم أنّ هذه القطعان الغازية كان لتركيا دور في تسهيل دخولها وتمويلها. وما زالت الفنادق في اسطنبول تعقد فيها اجتماعات أمنية تجمع رجال الاستخبارات الذين يديرون هذه الحرب على سورية والآن على العراق.

ولم تكن الولايات المتحدة الأميركية أقلّ قلق من الدول الإقليمية المجاورة للعراق وعلى رغم أنّ الذي حدث هو من نتائج الاحتلال الأميركي للعراق.

ويعتقد المراقبون أنّ ردّ الفعل الأميركي هذا ليس إلا مزاودة في سوق السياسة – فأميركا لا تريد أي موقف إيراني يحرجها – فإيران ما زالت في محور الشرّ – لهذا ترغب إدارة أوباما من حرمانها من أيّ دور في محاربة الإرهاب الأصولي الذي صنعته أميركا نفسها في أفغانستان وبأموال عربية وتستثمره الآن في سورية والعراق ومصر وليبيا، للحصول على مكاسب سياسية واقتصادية، ليأتي موقف الجامعة العربية على لسان أمينها العام نبيل العربي الذي وصله الخبر متأخراً، فاتصل بالسيد هوشيار زيباري وزير الخارجية العراقي ليعرب له عن «بالغ القلق من تصاعد موجة التفجيرات والعمليات العسكرية التي تقوم بها هذه المجموعات الارهابية ضد السكان المدنيين العراقيين».

كما أبلغه أن الجامعة ستتخذ التدابير اللازمة وتمّ إدراج الوضع المستجد في العراق على جدول أعمال الاجتماع الذي سيُعقد على مستوى المندوبين في الخامس عشر من الشهر الجاري.

ولم ينس العربي القلِق التأكيد على دعم الجامعة للحكومة العراقية والجهود التي تبذلها وستبذلها في المستقبل في محاربة الإرهاب وبسط سلطة الدولة في هذه المرحلة الدقيقة التي يمرّ بها العراق!

والشيء بالشيء يذكر – فالجامعة العربية وقبلها أميركا وآخرون لم يجدوا حرجاً في إدانة الجيش السوري واتهامه بمحاربة المدنيين – ولم تعترف الجامعة ولا أمينها العام بوجود داعش على الأراضي السورية – وكل الجرائم الموثّقة والمنشورة على مواقع التواصل وكلّ التقارير التي تثبت دور هذا التنظيم الإرهابي المدعوم من الولايات المتحدة وبالمال السعودي والقطري وإعلان أيمن الظواهري أنّ هذا التنظيم هو ذراع عسكرية للقاعدة في الرافدين – والمنشورات المسجلة التي بثها التنظيم نفسه وأعلن فيها عن أهدافه لم تقلق السيد نبيل العربي ولا الجامعه العربية.

وعلى رغم إدراك الجميع أنّ الاجتماع المزعوم في الخامس عشر من هذا الشهر إذا ما تمّ فلن يستطيع العربي والمجتمعون مطالبة السعودية وقطر بالكفّ عن دعم الإرهاب ووقف عمليات التدريب التي تتمّ لهؤلاء المرتزقة في معسكرات منتشرة في أكثر من بلد، ويتمّ نقلهم إلى الأراضي التركية وبطائرات عربية. ليتمّ تهريبهم الى الأراضي السورية والعراقية.

ولكننا لن ننكر على العربي قلقه…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى