انتصار كسب والدلالات المهمة التي يؤكدها
حسن حردان
شكل الانتصار الجديد للجيش العربي السوري في شمال اللاذقية أمس باستعادته بلدتي كسب والسمرا ودحر الجماعات الارهابية المسلحة وهروبها باتجاه ريف ادلب تطوراً جديداً يؤكد جملة من الدلالات المهمة في هذا التوقيت بالذات وأبرزها:
الدلالة الأولى:
إن هذا الانتصار الجديد يعكس التقدم المطرد للجيش السوري في الميدان في كل المناطق والذي يؤكد ترسخ المسار الانحداري المستمر للجماعات المسلحة، وأن الجيش السوري المدعوم بلجان الدفاع الوطني بات يملك زمام الهجوم والمبادرة في حين أن المسلحين يخفقون في كل محاولاتهم المستمرة لتحقيق مكاسب على الأرض وهو ما عكسته هجماتهم المتتالية الفاشلة في الهجوم على مقر الاستخبارات الجوية في حلب وتكبدهم خسائر كبيرة.
الدلالة الثانية:
إن هذا الانتصار يشكل هزيمة كبيرة ليس للمسلحين فقط بل وأيضاً لحكومة أردوغان التي كانت وراء فتح جبهة كسب وتمكين المسلحين من الدخول عبر أراضيها وتقديم الدعم العسكري المباشر لهم واحتلال بلدة كسب وبعض القرى والتلال المجاورة لها، في سياق الرهان على إشغال الجيش السوري في حرب استنزاف تشتت جهوده وتربكه وتؤثر على معنوياته وتجهض انتصاراته وتضعف من عزيمته، وترفع معنويات المسلحين في حلب بما يمكنهم من تحقيق تقدم في الميدان. فاستعادة كسب يشكل سقوطاً لهذا المخطط التركي وفشلاً جديداً يضاف إلى مسلسل الخيبات التي منيت بها حكومة أردوغان.
الدلالة الثالثة: سقوط محاولة المسلحين والدول الداعمة لهم لتعديل موازين القوى في الميدان عبر تركيا، بعد سقوط القلمون وقلعة الحصن وإقفال منافذ الحدود اللبنانية، وبالتالي فان محاولة تعويض الخسارة عبر الجبهة التركية قد فشلت ما اضطر أنقرة إلى إقفال الحدود مع كسب لتفادي تبادل إطلاق النار بين الجيش السوري والمسلحين عبر الحدود وبالتالي ينفضح أمرها أكثر أمام الشعب التركي بالمسؤولية عن دعم الارهابيين من جبهة نصرة وضعتها أنقرة أخيراً على لائحة الإرهاب.
الدلالة الرابعة:
لقد جاء هذا الإنجاز الجديد والهام للجيش السوري بعد التفويض الشعبي الكبير الذي حصل عليه في الانتخابات الرئاسية بما يؤكد أن سورية تسير بإرادة قوية جيشاً وشعباً بخطى ثابتة نحو استعادة سيطرة الدولة على كل المناطق الخارجة عن سيطرتها بسرعة أكبر من السابق وبالتالي الاتجاه نحو التعافي والبدء بمسيرة إعادة بناء ما دمرته قوى الارهاب.
الدلالة الخامسة:
إن تزامن هذا الانتصار للجيش السوري مع التطورات السلبية في العراق جاء ليؤكد عدة عوامل مهمة:
العامل الأول: إن قدرة الجيش السوري على الصمود وتحقيق الانتصارات على الجماعات الارهابية من داعش والنصرة إنما يعود إلى امتلاكه عقيدة وطنية وقومية تجعله مستعداً للتضحية والقتال بصلابة وعدم الهروب من المعركة، وهو ما يفتقد إليه الجيش العراقي الحالي.
العامل الثاني: وجود دولة وطنية تشكل عماد الوحدة الوطنية لا تميز بين فئة وأخرى من فئات الشعب، فيما الدولة العراقية التي جرى إعادة تركيب مؤسساتها في ظل الاحتلال وكرست بعد رحيله لا تعكس هذا البعد الوطني الذي يجعل الشعب العراقي يجمع عليها لأنها تقوم على دستور عراقي وضعه الحاكم العسكري الأميركي في زمن الاحتلال وزرع فيه بذور الانقسام والفرقة بين الشعب العراقي.
العامل الثالث: وجود قيادة على رأس الدولة السورية تحظى بتأييد الغالبية الساحقة من الشعب السوري لأنها تتبنى سياسات وطنية وقومية تعبر عن كل تطلعات الشعب ولهذا فشلت محاولات النيل منها ومن شعبيتها. مما حال دون إيجاد بيئة حاضنة للجماعات الارهابية وأفقدها في الوقت نفسه البيئات التي وجدت في بداية الأزمة بفعل عوامل التضليل التي مورست باسم الدين واستغلال بعض الأخطاء من قبل الدولة.
أما في العراق فإن القيادة العراقية الحالية لا تملك هذه الخاصية فهي لا تشكل موضع تأييد غالبية الشعب وتتعرض لانتقادات من جميع الفئات نتيجة سلوكها السياسي القائم على الاقصاء والاستئثار وهو ما وفر بيئة شعبية حاضنة لتنظيم داعش الإرهابي.
hassan.hardan yahoo.com