همزة وصل بوتين والمهرجون

نظام مارديني

رغم أنه قليل الكلام ويعشق الهدوء، وعُرف دوماً بتكتمه، استطاع القيصر الروسي أن يجذب الأنظار إليه في شكل لم يتوقعه أحد، فحصل على اهتمام الجميع وبذا أدخل سورية في مرحلة جديدة من أزمتها بعدما نزع القفازات الديبلوماسية من يديه، وإرساله قوات خاصة وأسلحة حديثة، في رسالة واضحة للمعنيين الغربيين وتركيا ودول الخليج، وعبر القول لهم ان عملية ارسال جيوش لاحتلال سورية والعراق وتقسيمهما بحجة حماية الأقليات من «داعش» لا يمكن لها أن تنطلي على حلفاء دمشق، وهذا يعني في عقل قوى العدوان دق أسفين عرقي وطائفي في سورية من أجل تسهيل المهمات العسكرية لقوى العدوان في المنطقة من مدخل المساعدات الإنسانية. غير ان تحذير الدب الروسي لتلك القوى من التمادي في العبث بالخريطتين السورية والعراقية سوراقيا ، يأتي قبل ان ترتد كل الرياح على حلفاء أميركا ليصبحوا في مهب ريح «داعش» وأخواته.

لم يكد بوتين ينتهي من تأكيده ان سورية والرئيس الأسد والجيش السوري يشكلون وحدة متراصة، حتى بدأ الاميركيون بإعادة النظر في حساباتهم الاستراتيجية، وجاءت التصريحات الغربية، من البيت الأبيض وقصر الإليزية و10 شارع داونينغ، اضافة إلى تصريحات البهلوانيين من أردوغان وأمثاله وصولاً إلى الغنوشي، وحتى «بلا زغرا» تصريح البهلوان وليد جنبلاط الذي رأى ان مصير الرئيس الأسد يقرره الشعب السوري، بدت هذه المواقف وكأننا أمام مسرح كوميدي وكورس يردد كالببغاء. ولم يكن هذا الكورس سوى صورة لذلك البهلوان الذي يمتطي ظهر دجاجة بعدما كان اوحى لجمهوره بأنه يمتطي صهوة الحصان الذي لن يتوقف إلا عند أسوار دمشق وبغداد بعدما تداعت أمامه العواصم العربية الأخرى.

فما اراد ان يقوله بوتين، للبيت الأبيض وحلفائه: لن تمروا من هنا…، ومن أراد ان يحارب الإرهاب فليكن في إطار حلف دولي تشارك فيه روسيا ودول المنطقة على ان يكون الجيش السوري هو العمود الفقري والشريك الأساس والأول في هذا الحلف الدولي.

اللافت للنظر أن جامعة الدول العربية كانت استبقت الغرب وفهمت رسالة بوتين جيداً، كما فهمت أن اللعبة انتهت عند هذا الحد، وعلى وجه السرعة أعلن الأمين العام لما يسمى بالجامعة العربية نبيل العربي استعداده للقاء مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم، في أي وقت ومكان للنقاش في حل المسألة السورية.

وبين تصريحات قادة الغرب ومهرجهم العربي كان «قادة الشرق الأوسط يصطفون للقاء بوتين» لمعرفة ما تخطط له موسكو في سورية.

علّنا نتذكر قول المؤرخ البريطاني آرنولد توينبي: «كل انسان له وطنان مسقط رأسه وسورية».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى