عاطف بزي يوقّع «من حصاد العمر»
لمى نوّام
وسط حضور نخبة من المهتمين بالأدب والشعر والفن، ومجموعة كبيرة من الفنانين والأقارب والأصدقاء، وفي مقدّمهم أعضاء الهيئة الإدارية في «جمعية التخصّص والتوجيه العلمي»، وقّع الكاتب عاطف ديب بزي ديوانه «من حصاد العمر»، في مركز الجمعية التخصص ـ منطقة الجناح.
«من حصاد العمر»، الذي زيّنت غلافه لوحة تمثّل الحصاد للفنانة التشكيلية جنان عاطف بزي، يقع في 221 صفحة، تحاكي وجدانيات شعرية من حياة الكاتب، وهو ديوان صادر عن «دار سرفي برس»، أهدى الكاتب في ديوانه قصيدتين، الأولى لرئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري بعنوان «أسد هصور في الرزايا»، والثانية لأمين عام حزب الله السيّد حسن نصر الله بعنوان «سيّد الساح».
الرسالة التي يحملها هذا الديوان، والتي أراد الكاتب إيصالها إلى القارئ، تكمن في حبّ الحياة والدفاع عنها، ومواجهة الموت بإباءٍ وكبرياء، وبلسمة جراح المتعبين والمظلومين. ومدّهم بالقوة والعزيمة في حربهم ضدّ الطّغيان والإرهاب والاحتلال.
ينقسم الديوان إلى أربعة محاور: الأول عنوانه «نزق الشباب» ويدور حول مرحلة الشباب وما يرافقها من حبّ وطيش ونزق. والثاني عنوانه «أولادنا أكبادنا»، والثالث عبارة عن منوّعات. أما المحور الرابع، فحمل عنوان «حرب واحتلال مقاومة وتحرير».
قدّم للإحتفال وليد عاطف بزي، ثمّ ألقى كل من حمد سليمان والدكتور حسن اسماعيل كلمتين تناولتا التعريف بالكتاب وصاحبه ومعاناة المعلمين والمناضلين في هذا البلد. وختم الاحتفال الشاعر بزي بقصيدة جديدة نالت إعجاب الحاضرين.
الشاعر عاطف ديب بزي من مواليد عام 1938 في مدينة بنت جبيل عاصمة المقاومة والتحرير . انتسب إلى المدرسة الابتدائية العالية فيها حتى نال شهادة البروڤيه الرسمية. تابع دراسته الثانوية في ثانوية رمل الظريف الرسمية في بيروت. عُيّن معلّماً ابتدائياً في مدرسة بلدته بنت جبيل. انتسب إلى كلّية الآداب في الجامعة اللبنانية حيث نال شهادة الليسانس في اللغة العربية وآدابها. كما تولّى تعليم مادة الأدب العربي في ثانوية بنت جبيل الرسمية وفي مدرسة القديس يوسف عين إبل، ثم أُلحق أخيراً في ثانوية فخر الدين الرسمية للبنات في بيروت، وتعاقد مع مدارس المقاصد الاسلامية والحكمة لتسع سنوات. أحيل إلى التقاعد عام 2002، ومُنح دروعاً تقديرية، كما مُنح وسام المعلم.
يقول الكاتب لـ«البناء»: يُصوّر الديوان محطات أساسية بدأت بالنضال ضد الصهيونية، خصوصاً أن أبناء المناطق الحدودية وعلى الأخص عاصمة التحرير بنت جبيل والقرى المحيطة بها، عانوا الأمرّين من الاعتداءات المتكررة التي دمرّت قراهم وقتلت أطفالهم. يضاف إلى ذلك السلطة الغاشمة في الداخل ممثلة بعملاء المكتب الثاني الذين كانوا يلاحقون الشرفاء من أبناء تلك المناطق المناضلة.
ويواكب الشاعر حركة التحرّر والتحرير مع فجر المقاومة الوطنية حتى يومنا هذا. وعن الرسالة التي يريد إيصالها إلى القراء يؤكّد: من المعروف أن العرب منذ جاهليتهم كان الشعر يلعب دوراً مهماً في وجودهم وحياتهم وقد قيل: «إن الشعر ديوان العرب»، أي أنّه كان سجلّاً حافلاً لأيّامهم وحروبهم وأفراحهم وأتراحهم وحِلّهم وارتحالهم. وكذلك الحال بالنسبة إلى الشعوب الأخرى. فمنذ قديم الزمان، كانت الملاحم الشعرية سجلّاً حافلاً لتاريخ الأمم والشعوب، نذكر على سبيل المثال الإلياذة والأوديسا لهوميروس عند اليونان، والشهنامة للفردوسي عند الفرس، والمهابهاراتا عند الهنود وغيرها.
ويختم بزي: أما في عصرنا الحاضر، ومع سيطرة الإعلام والإعلان على توجيه العقول والأفكار بالاعتماد على الكمبيوتر والإنترنت، ما يوحي بأن الأدب عموماً والشعر خصوصاً قد تراجع كَمّاً وكيفاً، مُخلِياً الساحة لسواه. ما زلنا نؤمن أنّ رسالة الشعر لم تُلغَ، وما زال طريق الجمال والغناء والموسيقى والفن وكل ما يرتبط بها من لوازمه. وما زال العبور إلى قلب الحبيبة. والسلاح الفعّال في يد المظلوم ضدّ الظالم. والحادي لبثّ روح الحميّة في نفوس المقاومين والدمعة الصادقة في وداع الأحبة.
من قصيدة «أسد هصور في الرّزايا»:
أسد هصور في الرزايا والردى
تبني وتهدم، بورك البنّاء
كلّا ولم تنزل على طغيان باغ
إن دجت في خطبِها ظلماء!
بل كنتَ حيدرة تصدُّ عُبابها
وجهاً لوجهٍ، تُزحمُ الجوزاء!
ولأنتَ إن غابت نجوم تُفتدى
أو حُمّ خطب، فارس عدّاء!
عالجتَ أوجاع الورى في رحمةٍ
في حِلمِكم تُستدفع البأساءُ
ومن قصيدة «يا سيّد الساح»:
يا سيّد الساح سيفَ الحقّ يمتشقُ
لم يعرف المجد أنداداً لهُ خُلقوا
أعدتَ للعُربِ أيّاماً مُباركةً
عزُّ الفتوحات من أردانها عَبَقُ
بنى الحضارة أجداد غطارفة
ويستردُّ شذاها سيّد حذقُ
هذي العمائمُ تيجان وألوية
كم زيّنتَ مفرقاً بالطُّهر يأتلِقُ
يضيء للناس درب الحقّ واضحةً
وينفتح الهدي من زلّت به الطّرُقُ