مقرّبون من علاوي سرّبوا خطة حكومة الظلّ وإيران أبلغت الجميع أنّ المالكي لن يرحل…

نضال حمادة ـ باريس

لقد دخلنا أحياء كاملة من تكريت، لم نجد أحداً أمامنا، لم نطلق رصاصة واحدة وسيطرنا على هذه الأحياء من دون مواجهات، هذا الكلام لقائد ميداني من مجموعات التعبئة الشعبية قاله لشخصية عربية على الهاتف بعد ظهر يوم الخميس الفائت.

في الوقت نفسه كانت طهران تبلغ جهات إقليمية على علاقة بأحداث الموصل أنّ نوري المالكي سوف يبقى رئيساً للحكومة في العراق، وذلك على خلفية اتصالات من هذه الجهات قيل فيها لطهران إنّ الهجوم في الموصل سيتوقف في حال استقال المالكي.

الموقف الإيراني هذا يأتي من منطلق أنّ أيّ رئيس للحكومة يحلّ محلّ المالكي في هذه الظروف سيكون رهينة لتركيا وقطر والسعودية.

وبعد 48 ساعة من الهجوم الذي شنته مجاميع داعش على مدينة الموصل ومحافظة صلاح الدين ومدينة سامراء، استعادت الحكومة العراقية التقاط أنفساها، ويعود الفضل في تغيّر الموقف الميداني جذرياً يوم الخميس إلى مجموعات المقاومة العراقية إبان الاحتلال الأميركي للعراق جيش المهدي، عصائب أهل الحق، حزب الله العراقي التي سارعت إلى الجبهة وصدّت الهجوم على أطراف سامراء، ومن ثم تقدمت إلى تكريت وصلاح الدين، وبدأت عمليات حشد كبيرة في ريف الموصل، خصوصاً تل عفر استعداداً لاستعادة الموصل، بعد الهجمة العسكرية المدروسة إقليمياً وعراقياً التي استهدفتها، فما الذي حصل في الموصل؟ وما هي أسبابه ومن يقف خلفه؟

تروي مصادر مطلعة عن قرب على أحداث الموصل وعلى أوضاع الجيش العراقي، حكايات فساد قلّ نظيرها حتى في ميليشيات أدغال أفريقيا، ونراها في هذا الجيش، وكانت السبب الأول والأخير في نجاح الهجوم على الموصل وبعض المناطق العراقية منذ عدة أيام. وتقول المصادر إنّ أحد الأسباب المهمة يعود إلى ثلاثة آلاف ضابط من الذين كان قد تمّت إعادتهم من قبل حكومة المالكي، على رغم تقارير محلية وعربية، عن ارتباطات هؤلاء بالنظام السابق، وتعدّد المصادر أسماء ضباط كبار ومسؤولي قطع عسكرية كبرى وقادة إدارات لوجيستية وتسليحية وتموينية في الجيش العراقي يتولى بعض هؤلاء قيادتها، وتنقل المصادر عينها عن المالكي تبريره إعادة هؤلاء إلى المؤسسة العسكرية، بالحاجة إلى الكوادر لبناء جيش وطني عراقي.

المصادر عينها تروي قصص خيالية عن الفساد تبدأ بعملية شراء المناصب في الجيش العراقي، وهذا أمر معروف للجميع في العراق، حيث يمكن لمن يدفع المال أن يحصل على رتبة أعلى، وأن يصل إلى مركز مقرّر وحساس ضمن قطاعات الجيش العراقي، وهذا ما حصل في القطاعات العسكرية التي ارتبطت مباشرة بأحداث الموصل، أو ما سُمّي بمعركة الموصل التي لم تحصل أصلاً.

فساد آخر قلّ نظيره في أي جيش في العالم، موجود في الجيش العراقي، وهو أعداد الجنود الوهميين الموجودين على الورق لقبض المعاشات من الحكومة المركزية.

المصادر العربية المطلعة قالت إنّ الهجوم عبارة عن خطة تركية قطرية، نفذت على أرض الواقع عبر اتفاق بين أسامة النجيفي ومسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان، وقالت المصادر إنّ الطرفين شكلا حكومة ظلّ واتفقا على إقامة كونفيديرالية تضمّ محافظات الغرب وكركوك وإقليم كردستان، وهذا ما يؤسّس لكونفيديرالية في الوسط، وأخرى في الجنوب، غير أنّ مقرّبين من إياد علاوي رفضوا هذه الخطة وهذه الحكومة وسرّبوا تفاصيلها إلى جهات إقليمية، أخبرت حكومة المالكي بها قبل أسبوعين من ساعة الصفر المحددة، وتقول المصادر إنّ علاوي رفض الخطة بحجة أنها سوف تؤدي إلى تقسيم العراق، بينما أتى رفضه الحقيقي لها كونها تجعله خارج اللعبة السياسية بشكل تام، فهو ليس من محافظات الغرب وليس من إقليم كردستان، كما أنّ شعبيته في الوسط والجنوب تقارب الصفر، ما يعني انتهاء أيّ دور له في حال نجحت الخطة، وتشير إلى أنّ علاوي كشف عن كامل الخطة مع أسماء الوزراء في حكومة الظلّ مضيفة أن بعض هؤلاء الوزراء اتصل شخصياً بجهات إقليمية وعربية وأفشى المعلومات الكاملة حول الخطة والدور التركي والقطري فيها واتفاق البرزاني والنجيفي، ومن المعلومات التي أبلغها بعض وزراء حكومة الظلّ أن طارق الهاشمي يدير المعركة من غرفة عمليات خاصة في قطر، وتضيف المصادر أنّ بحوزة الحكومة العراقية وجهات عربية وإقليمية حليفة لها تسجيلات موثقة لاتصالات من تركيا وقطر ومن إقليم كردستان قبل العملية وأثناءها.

إعادة الاعتبار لفصائل المقاومة بعدما تمّ تهميشها…

لا شك في أنّ الذي حصل في الموصل أعاد الاعتبار لفصائل المقاومة جيش المهدي، عصائب أهل الحق، حزب الله العراقي بعدما تمّت تنحيتها جانباً عبر سياسة الحكومة العراقية التي سعت إلى بناء الجيش العراقي، بطريقة غير مدروسة وفيها الكثير من رواسب الخلافات الداخلية للأفرقاء السياسيين العراقيين. وقد انتجت عملية الموصل مفاعيل عكسية بالنسبة لمخططيها، بعدما عادت فصائل المقاومة العراقية المذكورة بسرعة كبيرة وبأعداد وصلت إلى عشرات آلاف المتطوّعين خلال ساعات قليلة، وقد تمكنت من وقف تقدم داعش عن أطراف سامراء وشنت هجوماً مضاداً استعادت من خلاله مدينة تكريت، ومناطق كبيرة من محافظة صلاح الدين، وأمنت الطريق والمناطق من بغداد إلى سامراء والتي تمرّ بمنطقة بلد والدجيل، كما أنّ دور هذه الفصائل سوف يعود إلى منطقة حزام بغداد من اللطيفية حتى اليوسفية وأبو غريب والتاجي، التي تشهد معارك يومية بين الجيش العراقي، وداعش وجماعات النظام السابق، وكانت فصائل المقاومة قد حسمت المعركة في حزام بغداد قبل عدة سنوات، ومن ثم تسلّم الجيش العراقي المنطقة وتعامل فيها بطريقة لينة، ما أعاد المسلحين إليها، وبحسب المعلومات المؤكدة ستتوجه فصائل المقاومة إلى حزام بغداد لإعادة الاستقرار إليها في نفس الوقت الذي ستتمّ عملية استعادة الموصل من قبل هذه الفصائل التي تحشد حالياً في أطراف الموصل، وخصوصاً في تل عفر استعداداً لساعة الصفر، وكلّ هذا بعد فشل تجربة بناء الجيش العراقي بالطريقة التي اتبعت خلال السنوات الماضية، وضرورة وضع معايير محددة ودقيقة لعملية بناء الجيش، مع ضرورة وضع عقيدة قتالية له.

أما خطأ البرزاني فقد أتى هذه المرة قاتلاً لكلّ إقليم كردستان العراق، فهو وقع ضحية الاستغلال التركي الذي يهدف إلى حلّ هذا الإقليم، بينما كان الطرف الإيراني محرجاً من تأييد حلفائه العراقيين لوجود الإقليم، وهذا التاييد قد انتهى كلياً الآن ما يجعل الموقف الإيراني في هذا الموضوع في تقارب استراتيجي مع الموقف التركي.

إنها من مفارقات الحروب في منطقتنا…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى