«بسمة طفل» في اللاذقية… رسم وخطابة وعروض مسرحية هادفة

للسنة الثانية على التوالي، تقيم جمعية «أسرة مسرح الطفل» بالتعاون مع مديرية الثقافة وفرع طلائع البعث في اللاذقية، مهرجان «بسمة طفل» الذي يقدّم عروضاً مسرحية ترسخ قيماً أخلاقية في أذهان الأطفال من مختلف الأعمار، مع إقامة أنشطة فنية مختصّة بالرسم والخطابة ترافق العروض المسرحية طوال أيام المهرجان، وتساعد في اكتشاف مواهبهم وتحفيزهم على تنميتها.

وجاءت عطلة عيد الأضحى مناسبة لعقد المهرجان في «دار الأسد للثقافة» لعرض أعمال جديدة وأخرى أعيد عرضها بناءً على طلب الجمهور.

وبحسب فواز سيجري منسق عام المهرجان، فإن هذا الموسم من المهرجان جاء أكثر نضوجاً ونشاطاً واستقطاباً للجماهير. منوهاً بأن المهرجان مشروع وطني يسعى إلى نشر معاني الفرح ورسم الابتسامة على وجوه الأطفال من قبل أشخاص تعنيهم الطفولة بشكل كبير، لا سيما في هذه الظروف الصعبة.

ويضيف: نحاول من خلال العروض المسرحية توعية الأطفال حول معان حياتية عميقة، كالإيثار وحبّ الوطن والصدق وتعميمها كقيم عليا في حياتهم. ونحن نصرّ على أن يكون المهرجان مجانياً منذ انطلاقته وخلال مواسمه المقبلة، ليكون متاحاً لجميع الأطفال.

وأشار سيجري إلى أن الجمعية تعاونت في هذا الموسم مع منظمة طلائع البعث لترسيخ مفهوم التشبيك بين الجهات الرسمية والأهلية وكانت تجربة ناجحة جداً برزت نتائجها في العروض الفنية التي ساهم بها الطليعيون ضمن حفل الافتتاح. مشيراً إلى جهود الهلال الأحمر السوري الذي دعم المهرجان مادياً وتنظيمياً، إضافة إلى دعم غرفة التجارة والصناعة في اللاذقية التي قدّمت كل ما يلزم لإنجاح هذا الحدث.

إعلان أسماء الأطفال المتميّزين في الرسم والخطابة، وتكريم الفائزين منهم، أبرز محطات اليوم الأخير من المهرجان، ليعلن القائمون عليه تحديد عطلة الربيع المقبلة موعداً لإطلاق الموسم الثالث منه، نظراً إلى النجاح الجماهيري اللافت الذي حققه المهرجان في موسمه الحالي.

وحاز الرسم اهتماماً كبيراً من الأطفال وأسرهم، لا سيما من يندرج منهم ضمن الشريحة العمرية بين 3 إلى 12 سنة، فتراهم منسجمين في إنجاز مشهد فنيّ خاص بهم ويناسب رؤيتهم المفعمة بالبراءة وحبّ الوطن، ليكونوا مؤهلين للفوز في مسابقة الرسم التي تشرف عليها، وتقوم بتحكيمها الفنانة التشكيلية عدوية ديوب التي تعطي الأطفال في كل جلسة تعليمات مكثفة لإنجاز رسومهم بشكل مقبول يؤهلهم ليكونوا من المرشحين للفوز بالمسابقة.

قرابة 180 طفلاً وطفلة قدّموا مواهبهم في الرسم خلال الجلسات المتتابعة التي عقدت طوال أيام المهرجان ليفوز في المرتبة الأولى الطفل حمزة شادي عيسى الذي قدّم تصويراً لنسر ملفوف بالعلم السوري، قالت عنه الفنانة التشكيلية عدوية ديوب المشرفة على تحكيم المسابقة إنه استحق هذه المرتبة لواقعية رسمه والمعاني الوطنية العميقة التي قدّمها. بينما نالت الطفلة سهر اليوسف المرتبة الثانية لإتقانها استخدام ألوان الباستيل والتوزيع الجيد للمساحات اللونية بين فاتح وغامق، والتوظيف الامثل للسطح. أما المرتبة الثالثة فذهبت إلى الطفل ابراهيم جمول الذي قدّم في لوحته طرحاً مبسّطاً عن الطبيعة خالياً من التزاحم ومفعماً بالبساطة.

أما الخطابة، فنالت نصيباً من مشاركة الأطفال بأعمار تتراوح بين 7 إلى 11 سنة بهدف تمكين اللغة العربية لديهم واختيار الأفضل منهم بإشراف لجنة مؤلفة من المدرسة أحلام رفاعي ومنال نقار نائب رئيس جمعية «أسرة مسرح الطفل» التي قالت إن تجربة الخطابة تعتبر من أفضل التجارب التي أجريت على المسرح وساهمت في الدورة الماضية في اكتشاف موهبة متميزة تجسّدت في الطفل علي اليوسف، ذي الست السنوات. وفي هذا الموسم، يعتلي المسرح يومياً نحو عشرة أطفال يقدّمون أفضل ما لديهم، فيُختار ثلاثة منهم بالاعتماد على معايير تركّز على قوة الشخصية والصوت وطريقة الإلقاء واللفظ السليم.

وفي هذه المسابقة، حصلت الطفلة ماسة معلا على المرتبة الأولى تلتها الطفلة ماري صبيح في المركز الثاني، لتتقاسم روز اليوسف وحلا حبيب المرتبة الثالثة. وأكدت أحلام الرفاعي أن التركيز على شخصية الطفل وطريقة القائه ولغته العربية السليمة كانت معايير أساسية لترشيح هؤلاء الأطفال. وعلى رغم وجود تفاوت في مستويات الأطفال المتقدّمين، إلا ان اللجنة بذلت ما بوسعها لاختيار أطفال متميزين كما حصل في الموسم الأول من المهرجان مع الطفل علي اليوسف ذي السنوات الست.

مسرحية «علاء الدين والغول اللعين»، عُرضت في اليومين الأول والثاني من المهرجان، وسط حضور جماهيري كبير وصل إلى ألف متفرج. وهي من تأليف وإخراج هاني محمد رئيس جمعية «أسرة مسرح الطفل» الذي أشار إلى أن نجاح المسرحية يعود إلى قربها من ذهنية الطفل وطريقة تفكيره. مؤكداً أن علاقة المسرحيات المختارة بيوميات الطفل ساهمت في إيصال البسمة إلى وجوه الأطفال، والتي تعدّ غاية المهرجان.

وقال محمد: أعمالنا كوميدية اجتماعية تعزّز الأفكار التربوية الهادفة والنكتة الجميلة البعيدة عن الابتذال. إضافة إلى اعتمادنا على الإبهار البصري وتضخيم الأحداث الواقعية. مضيفاً: لقد ركزنا على أن يلعب الكبار دورهم في تعليم الطفل الحكمة والوعي بكل صدق وشفافية، لتقوية شخصية الطفل وتمكينه من تحديد خياراته في الحياة.

وتتناول المسرحية حكاية الوزير الذي يحيك مؤامرة على ملك المدينة بمساعدة أعوانه. ليقوم الملك بعرض زواج ابنته من الشخص الذي يستطيع حلّ لغز الغول الذي يكتشف حقيقته علاء الدين، رافضاً الزواج من ابنة الملك لقناعته أن ما قام به كان لمصلحة الشعب لا طمعاً في الجائزة.

ويرى الممثل نجم جمال مجسّد شخصية علاء الدين أن تقديمه هذه الشخصية بشكل مشابه لما عرفه الأطفال عن علاء الدين في التلفزيون، ساهم في إيصال الرسالة المطلوبة منه كممثل. مؤكداً أن الشخصية ساعدت الطفل في إدراك أهمية استخدام العقل لحلّ المشاكل، بعيداً عن الكذب والنفاق. ليقرّر الأطفال في النهاية معاقبة الوزير الخائن في محاولة لتكريس المسرح التفاعلي وإشراك الطفل في مجرى الأحداث. الأمر الذي وجدته الممثلة رنيم قطراوي أمراً إيجابياً، لا سيما أن الممثلين يحاولون قدر الامكان أن يكونوا طبيعيين وقريبين من تفكير الأطفال لشدّ انتباههم وتحقيق الفائدة المرجوة من العمل.

وتقول قطراوي: نفّذنا بأنفسنا رقصات المسرحية وأغنياتها، وحاولنا طرح أسئلة على الأطفال ليجيبوا عليها خلال العمل لكسر الحاجز بينهم وبين المسرح. ولم تغب الأزمة عن مضمون المسرحية، وإن لم تظهر بشكل مباشر. فالأطفال واعون بشكل حقيقي لما يجري حولهم. ونلمس هذا الأمر من خلال ردود فعلهم العفوية على مجريات العمل.

العمل المسرحي «رسالة من بطل» الذي قدّمه فرع طلائع البعث في اللاذقية نال حصته من العرض ليومين متتاليين في المهرجان وهو من كتابة زياد درويش وإخراجه، الذي تحدّث عن معاني المسرحية وأهدافها قائلاً: ركّزت في هذه المسرحية التي قام الأطفال ببطولتها وأداء جميع الادوار والرقصات التعبيرية فيها على ترسيخ معنى الشهادة والشهيد والبطولة التي يسطرها الجيش في جميع أرجاء سورية لتحقيق النصر المنتظر. كما قدّمت صورة أمّ الشهيد الصابرة المضحية المعطاء، واستقبالها جثمان ابنها الذي قدّمته قرباناً للوطن للخلاص من المجموعات الارهابية المسلحة. وقد استطاع الأطفال ببراءتهم وحماسهم تأدية الأدوار بالشكل المطلوب منهم، للتأكيد بلسانهم على أن مصير الخونة سيكون

العار والفشل لخططهم، لأن الوطن بتراب شهدائه سينتصر.

كذلك، تميّزت مسرحية «خائن الغابة» ـ كتابة وإخراج هاني محمد ـ بالحضور الجماهيري القويّ، فالمدرجات امتلأت لأكثر من ساعة من الزمن لمتابعة مجريات العمل الذي أضحك الكبار قبل الصغار، لا سيما انه ينقل حياة الغابة وحيواناتها إلى المسرح، ويحاول إشراك الأطفال والحوار معهم في مجريات العمل الذي يركّز على خيانة الثعلب بالتعاون مع الحمار لسرقة الدجاجة، باعتماد المكر والخديعة، وهذا ما يحصل فعلاً لتكتشف الحيوانات الحقيقة وتعرف خطة الثعلب الماكر، إذ يرى المخرج هاني محمد أن قوة المسرحية تأتي من واقعيتها وامكانية إسقاطها على ما تمر به سورية من أحداث ومؤامرات. إضافة إلى اعتماد موسيقى وأغانٍ وأسلوب اضاءة مناسب لبيئة العمل، وهي معطيات ساهمت بشكل كبير في إنجاحه.

من جهته، أشار الممثل باسل عبد الرحمن إلى أهمية المسرحية في توعية الأطفال لنبذ الخيانة والإضاءة على دورها في تخريب الوطن الذي حضر في المسرحية على شكل غابة مصغرة، فيها ستة أنواع من الحيوانات حاول كلّ منها تجسيد قيمة معينة كالوفاء والصدق. وأضاف: نتحمس بشكل كبير على المسرح حين نلمس تفاعل الأطفال مع حركاتنا وحديثنا. ويهمّنا عدم تشتت الطفل وبقاؤه معنا، ما يدفعنا إلى بذل مجهود مضاعف للحفاظ على تركيزه أطول فترة ممكنة، ليفهم العبرة من المسرحية مهما كان عمره.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى