أثيل حمدان: الفنانون السوريون قادرون على تطوير الموسيقى واستمرارها
محمد سمير طحان
تسلّم الموسيقي أثيل حمدان مناصب إدارية عدّة كمدير «معهد صلحي الوادي للموسيقى»، وعميد المعهد العالي للموسيقى. كما تعدّدت المجالات الموسيقية التي دخلها من تدريس وتأليف. إلا انه يصرّ على التعريف بنفسه كعازف آلة التشيللو.
ويعتبر حمدان أن هذه الصفة هي ماهية حياته وهويته الحقيقية مع تغير كل المهام والمناصب الأخرى لتبقى هي الثابت الذي لا يتغير وتستمر علاقته مع آلته من خلال التمرين الدائم وإقامة الحفلات وتطوير المهارات وزيادة المعارف وتراكمها عبر متابعة الاطلاع على كل ما هو جديد.
وعن مشروعه الموسيقي يقول حمدان: مشروعي الشخصي كعازف منفرد مشروع يتطور. فأنا أعمل باستمرار على أن أكون في جاهزية جيدة. وأدرس مؤلفات حديثة دائماً، سواء لمؤلفين جدد أو مؤلفات قديمة لم أعزفها. مبيناً أن اهتمامه بموسيقى الحجرة يأتي من كون هذا النوع من الموسيقى يساعد في تطوير الموسيقيين من الناحية التقنية والفنية والدرامية.
ويتابع حمدان: لدي تجارب في التأليف الموسيقي لعدّة أفلام ومسرحيات. وعلى رغم ذلك لا أحاول إطلاق صفة مؤلف موسيقيّ على نفسي، لأن هذا علم قائم بحدّ ذاته ويحتاج إلى تراكم علمي كبير. مشيراً إلى ان الموسيقيين السوريين الشباب يحاولون في هذا المجال وهناك تجارب تأليفية موسيقية قليلة تحمل قيمة وأهمية ولكن وجود هذه التجارب مهم وسيتطور شيئاً فشيئا.ً
ويوضح حمدان ان هناك عقبات تواجه الموسيقيين المهتمين في مجال التأليف الموسيقي كالانتاج والتسويق. ما يعيق إظهار ما لديهم من إبداع كمؤلفين موسيقيين ويضغط على موهبتهم ما يحدّ من تطور هذا المجال. لافتاً إلى ان هناك مؤلفين موسيقيين سوريين مهمين على المستويين المحلي والعالمي. كالمؤلف الموسيقي زيد حبري.
ويشير عازف التشيللو في رباعي دمشق الوتري إلى أن الموسيقى في سورية تأثرت كثيراً بالأزمة طوال أكثر من أربع سنوات، من خلال سفر عدد من الموسيقيين والأساتذة في المعهد العالي للموسيقى إلى الخارج، ما شكل نقصاً في الكثير من المواقع والفرق الموسيقية. مبيناً انه على رغم هذا النقص، ما زالت النشاطات الموسيقية ـ كما التدريس في المعهد العالي ـ مستمرّة من دون توقف. مؤكداً ان من بقي في البلد من الموسيقيين ما زالوا قادرين حتى الآن على سدّ الثغرات، وهم يعملون بجدّ كي لا يتوقف النشاط الموسيقي، لا بل أن يتطور أيضاً.
ويقول حمدان: الموسيقيون السوريون اليوم ليسوا بحالة جيدة من حيث الأجور وعدد الفعاليات والنشاطات بسبب الضغوط الاقتصادية الكبيرة على البلد، من جرّاء الأزمة. لافتاً إلى ان الشركات الخاصة عليها مسؤولية يجب أن تتحملها إلى جانب المؤسسة الثقافية الرسمية التي تتحمل وحدها حتى الآن أعباء النشاط الموسيقي في هذه الظروف الصعبة.
ويضيف: القطاع الخاص يقوم بدور كبير في إنتاج العمل الموسيقي وتسويقه وتطويره، وذلك في غالبية دول العالم. إلا ان الشركات الفنية المنتجة لدينا لم تدخل هذا المجال حتى الآن. فهي تنتقي من الأعمال الفنية ما يعود عليها بالربح المادي الأكبر والأسرع فقط من دون اكتراث بالحالة الفنية الثقافية.
ويرى العميد السابق للمعهد العالي للموسيقى ان أداء المؤسسة الثقافية الرسمية في ما يخصّ الموسيقى متوسط في ظل الظروف الصعبة. مبيناً انه من الممكن الارتقاء بهذا الأداء وتطويره من خلال زيادة الدعم لهذه المؤسسة التي بدورها ستقدم الدعم لمختلف القطاعات والفرق الموسيقية بصورة حقيقية لينعكس هذا على الأداء الموسيقي العام. لافتاً إلى ضرورة الاهتمام بزيادة تنسيق الجهود والتواصل مع كل الأطراف المعنية في الشأن الموسيقي للاستفادة من كل الطاقات الموسيقية الوطنية في هذه المرحلة الصعبة والاستمرار بالعمل الموسيقي وتطويره.
ولا يجد خريّج «كونسرفتوار أوديسا» الوطني ان هناك هوية موسيقية سورية منفردة بصورة عامة، موضحاً أن الموسيقى التي تقدّم في سورية متمازجة مع الألوان الموسيقية المحيطة بها بفعل سيطرة شركات الإنتاج الموسيقية غير السورية على الإنتاجات الفنية العربية وغير العربية. مبيناً ان شركات الإنتاج لدينا لم تسع للبحث العلمي في هذا المجال لتقديم أعمال موسيقية بهوية سورية.
وينصح أستاذ آلة التشيللو في المعهد العالي للموسيقى كل الموسيقيين الشباب بمتابعة التمرين وزيادة القراءة والاطلاع الدائم على كل جديد في عالم الموسيقى. لافتاً إلى ان هذه الأمور تعتبر عملية متكاملة بالنسبة إلى أي موسيقي لكي يمدّ عقله وروحه بالعلم والتقنية للاستمرار والتطور.
ويعبّر حمدان عن تفاؤله بمستقبل الموسيقى في سورية بعد انتهاء هذه الفترة الأليمة من حياتنا وختم بالقول: سنعود لصناعة موسيقى جميلة ومتكاملة تمثل الصورة الحقيقية لحالتنا الفنية والإبداعية وتعبّر عن تطور العقل الثقافي السوري. فما يقدم اليوم ليس أفضل ما لدينا ولا يمثل الحالة الفنية الصحية في سورية.
يذكر أن الموسيقي حمدان من مواليد دمشق عام 1970 درس الموسيقى من عمر سبع سنوات على آلة التشيللو في المعهد العربي للموسيقى و«معهد صلحي الوادي» حالياً، وأوفد إلى الاتحاد السوفياتي لمتابعة دراسته الموسيقية العليا حيث تخرج بدرجة ماجستير من «كونسرفتوار أوديسا الوطني» عام 1995 وعمل عازفاً في الفترة ما بين 1991-1995 في الأوركسترا السميفونية لدار الاوبرا والباليه في مدينة أوديسا، وعزف كصولو وكعازف مع أوركسترا في كثير من بلدان العالم. وبعد عودته إلى سورية درس في كل من «معهد صلحي الوادي» والمعهد العالي للموسيقى، وعمل عازفاً في الفرقة الوطنية السيمفونية وعازفاً في رباعي دمشق الوتري، وشغل منصب مدير «معهد صلحي الوادي للموسيقى» بين عامي 2002 و2005، كما شغل منصب عميد المعهد العالي للموسيقى.