أوباما وانهيار مؤسسة الرئاسة في أميركا
تعرض مسار ادارة السياسة الاميركية في عهد الرئيس باراك اوباما الى سلسلة من الانتقادات، من المقربين قبل المناوئين، سيما مع تسارع الاخفاقات والتراجعات الواحدة تلو الاخرى، على الصعد الداخلية والخارجية. الأمر الذي حدا بصحيفة «واشنطن بوست»، المقربة من صناع القرار، توصيف الأمر بأن «العالم أصبح بمثابة مسرح للإخفاقات بالنسبة للرئيس الأميركي …» عدد 13 حزيران الجاري .
الأمر بالطبع ليس محصوراً بطاقم تنفيذ السياسة المخول بالمحافظة على اسس الاستراتيجية القائمة على ارساء الهيمنة الاميركية وتفتيت الدول والكيانات. وشرعت ادارة الرئيس الى التحلي بالتردد والنأي بالنفس في بعض الساحات تفادياً لتكرار الاخطاء السابقة، كما يروج لانسحاب اميركي من العراق وافغانستان، والتدخل غير المسبوق كما يجري في سورية من دون تحقيق انجازات ملموسة باستثناء استمرار مسلسل القتل والدمار.
الانتصارات الميدانية التي يحققها الجيش العربي السوري، فضلاً عن ترتيبات المصالحة ونزع المنخرطين في القتال ضد الدولة وحملهم على التخلي عن اسلحتهم والعودة الى نسيج المجتمع، أثارت ولا تزال ردود فعل غاضبة ودعوات متنامية للتدخل عسكرياً، او على الاقل توفير اسلحة مضادة للدروع ولسلاح الطيران لقوى المعارضة المسلحة. عند هذا المنعطف، أوضحت يومية «واشنطن بوست» ما ينبغي على الادارة فعله وتذكيرها بأن «إستراتيجية تجنب المخاطر قد تؤدي إلى تعقيدات مضاعفة … الوقت حان للتخلص من الأوهام وإدراك أن تجنب المخاطر عادة ما يقود إلى مزيد من المخاطر».
ساحات وقضايا اخرى لا تزال تنتظر توجهات اوضح الى جانب الاخفاق الأبرز لأميركا في سورية، منها: الجدل المتجدد حول حقيقة دور اركان الادارة في احداث بنغازي التي ادت الى مقتل السفير الاميركي، كريستوفر ستيفنز، في 11 أيلول 2012، الانسحاب الاميركي المرتقب من افغانستان من دون التوصل الى اتفاق مسبق مع السلطات المحلية، قرار روسيا بضم شبه جزيرة القرم الذي اخذ الاجهزة الاستخبارية الاميركية على حين غرة، والأزمة في اوكرانيا، وانتقال الصراع في العراق الى الصدارة مترافقاً مع اخفاق القوات العراقية المدربة اميركيًا عن اداء مهماتها. وفي المستوى الداخلي، ما زال مناوئو الرئيس يلاحقونه ومحاصرة برنامج الرعاية الصحية الشاملة، اوباما كير، واستهداف مصلحة الضرائب الاتحادية منظمات بعينها محسوبة على الحزب الجمهوري، فضيحة اخفاق هيئة ادارة شؤون المحاربين القدامى واهمال متطلبات رعايتهم الصحية، والاحدث طبيعة الصفقة المعقودة مع حركة طالبان التي بموجبها اطلق سراح جندي اميركي معتقل، بو بيرغدال، مقابل اطلاق سراح خمسة من معتقلي تنظيم القاعدة من سجن غوانتانامو.
استطلاعات الرأي العام حول اداء الرئيس اوباما جاءت بنتائج متدنية اقلقت اركان الادارة، اذ بيّن الاستطلاع الذي اجرته أخيراً وكالة «رويترز» للانباء ان نسبة المؤيدين انخفضت الى 38 في المئة مقابل 55 في المئة للمناوئين.
مصادر القلق لا تنحصر في قواعد الخصم للحزب الجمهوري فحسب، بل امتدت لعدد من مؤيديه السابقين في الحزب الديموقراطي وشريحة الناخبين المستقلين ايضاً. اسبوعية «ناشيونال جورنال،» المؤيدة اجمالاً للرئيس اوباما عنونت مقالها الرئيسي «بلغ السيل الزبى،» موضحة ان اقلاع الممثلين الديموقراطيين في الكونغرس عن تأييد الرئيس اوباما في صفقة اطلاق سراح الجندي الاميركي شكل الخطوة الاحدث في مسار «القشة التي قصمت ظهر قادة الحزب الديموقراطي معبرين عن مدى الاحباط من قيادة الرئيس». ونقلت عن هؤلاء قولهم إنهم «يكنون الاحترام والاعجاب لشخص الرئيس لكنهم على اعتقاد بأن منصب الرئاسة قد تعرض للضرر نتيجة قصور ادائه …».
ويؤخذ على الرئيس اوباما بأنه «لا يصغي الى نصائح محبيه وبات يترنح متنقلاً بين مأزق وآخر من صنع يديه.» خطاب الرئيس اوباما في الاكاديمية العسكرية، ويست بوينت، رمى لدحض مشاعر الضعف في اداء السياسة الخارجية. بينما صفقة اطلاق سراح بيرغدال تم توقيتها لتهدئة حدة الانتقادات المتصاعدة لهيئة ادارة شؤون المحاربين القدامى واستغلال العواطف الشعبية لاستعادة جندي أسير، اتهمه الخصوم لاحقاً بأنه فار من الخدمة، مما ادى الى اختلاط مشاعر المحاربين القدامى بين مؤيد ومعارض. وعلى ضوء التعبئة المناهضة للصفقة اعرب نحو 68 في المئة من عائلات المحاربين معارضتهم لها. وتفاقمت ازمة الصفقة مع تشبث الكونغرس بنص قانون يلزم الرئيس اعلامه بشروط صفقة من هذا القبيل خلال 30 يوماً قبل اتمامها، الأمر الذي ضاعف من تدهور صدقية الادارة وباتت في موقف الدفاع لاحتواء الضرر وتداعياته على الممثلين عن الحزب الديموقراطي في مجلسي الكونغرس.
البعض يتساءل عن الدوافع التي ادت بالرئيس اوباما الى ارتكاب سلسلة مذهلة من الخطوات حصدت الفشل، بيد ان الأمر ينطوي على عدد متشعب من العوامل والحوافز تشمل طبيعة هيكلية المؤسسات الحاكمة واطباع الرئيس اوباما الشخصية فضلاً عن كبار مساعديه.
سجين البيت الابيض
نزعة البيت الابيض للعزلة والتقوقع ليست وليدة اليوم، بل تضاعفت مرات عدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. بالمقارنة، يقال إن الرئيس هاري ترومان اعتاد الخروج للتنزه الصباحي من دون مرافقة طاقم الحراسة الخاص. الرئيسان ايزنهاور وكينيدي عادة كانا يركبان سيارات مكشوفة في زياراتهما والتفاعل المباشر مع الناس. اغتيال الرئيس جون كينيدي وضع حداً وفرض اعادة مراجعة بالاجراءات الأمنية وحراسة الرئيس وافراد عائلته. شغف جهاز الحرس الرئاسي باجراءات الحماية الشخصية اضحى خانقاً وادى عملياً الى عزل الرئيس عن التواصل المباشر مع المواطنين.
الاجراءات المطبقة راهناً تقتضي وقف السير البري والتحليق الجوي في محيط المنطقة التي سيتحرك ضمنها الرئيس، واتخاذ تدابير احتياطية مسبقاً لفحص طبيعة المجموعة التي سيلتقي بها لسد ثغرات التهديد الأمني من عناصر عادية مثيرة للشغب، ربما، او لكونهم يحملون آراء سياسية مغايرة. من يقع عليهم الاختيار للقاء الرئيس في البيت الابيض يتم انتقائهم بعناية وتحديد اطار ومدة الظهور مع الرئيس والتقاط الصور التذكارية لاقصر فترة زمنية ممكنة.
جهاز الحرس الرئاسي والأجهزة الأمنية المرافقة تتحكم بقرار مدى تفاعل الرئيس مع اي جمهور مما يؤدي الى تقليص مدة الاحتكاك بين الرئيس والمواطن العادي وعدم اطلاع الأول على هموم ومطالب الناس، ويبقى الأمر على ما هو الى حين مغادرة الرئيس البيت الابيض. الاستغناء عن الاحتكاك اليومي المباشر اعطى بعداً اضافياً لاستطلاعات الرأي للتوقف عند الهموم الشعبية، والتي عادة لا تلبي غرض التوقف الحقيقي عند الاهتمامات الشعبية، بل تسعى للوصول الى نتيجة سياسية مسبقة. وعليه، تعددت الاطر والمراكز المهتمة باستطلاعات الرأي التي توظَّف اسئلة منتقاة بعناية لبلوغ النتيجة السياسية المرجوة.
مراكز القوة عادة تعج بالكفاءات والمقربين والمتملقين ايضاً والذين يحيطون بصاحب القرار بقوة يسمعونه ما تطرب له اذنيه وحجب الوقائع الجارية بخاصة ان لم تحمل انباء سارة. صحيفة «واشنطن بوست» أعربت عن اعتقادها بأن الرئيس اوباما محاط بمستشارين متملقين الذين دفعوا باتجاه انجاز صفقة التبادل مع طالبان قائلة «لا يساورنا الشك بأن تلك المجريات هي من صنع مستشاري الرئيس واستعداهم للموافقة،» متوِّجين «غرائز الرئيس اوباما» في تعامله مع قضايا شتى. كما رأت الصحيفة ان اوباما احاط نفسه «بطاقم من المستشارين يفتقد إما للمكانة او الثقة بالنفس ومواجهته مباشرة لقرار اساء تقديره … خطورة الصورة الموصوفة هو ان المرء يستحدث فقاعة يبنيها لعزل نفسه، والمستشارين يصبحون عرضة للميل باتخاذ قرار يرضيه».
وعليه يصبح ساكن البيت الابيض يعتمد في شكل كبير على قلة من مصادر المعلومات الموثوقة واستشعار حقيقة آراء الوسط الانتخابي. ومن المفارقة ان يراكم الرئيس الاميركي معلومات وآراء متعددة عما يدور في المجتمعات الاخرى ويفتقر الى ما يوازيها عن المجتمع والمواطنين الاميركيين. في هذا السياق يستطيع المرء تلمس اجواء وقوع الرئيس ضحية معلومات غير متكاملة يتخذ على اساسها قرارات سياسية تثبت خطأها، والتي كان بإمكانه تلافيها لو حرص على التواصل مع النبض الشعبي.
طبائع شخصية الرئيس اوباما
يجمع المقربون من الرئيس اوباما انه ذو شخصية حادة الذكاء منطوية ذاتياً محاط بمجموعة صغيرة من المستشارين الموثوق بهم، مثل فاليري جاريت، يجنح للاحجام عن توسيع دائرة المشاركة السياسية بخاصة عند توافر دلائل وقرائن تدل على امكانية اغناء رصيده السياسي بتبنيه هكذا اجراء.
اضحى الرئيس بعيداً من اكثرية عناصر الاطقم الاخرى المحيطة به، ومنها وزراء على رأس اعمالهم، والذين لا يسمح الضغط اليومي بلقائه سوى على عجل او في جلسات معدة لالتقاط الصور التذكارية. وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، ووزير الخزانة السابق تيم غايتنر اعربا عن امتعاضهما من اقصائهما عن المشاركة في اتخاذ قرارات مهمة.
المجلة الشهرية «فانيتي فير،» الواسعة الانتشار عنونت احدى موادها «الرجل المتيتم،» للدلالة على ان الرئيس اوباما احاط نفسه بفقاعة شخصية وسياسية. وأنبت الرئيس ومستشاريه ابان انكشاف تجسس وكالة الأمن القومي على المستشارة الالمانية انغيلا مركل قائلة: «ماذا حل بمستشاري الرئيس اوباما، هل اصيبوا بالجبن والذعر لابلاغه بذلك؟ هل أدى فصله لنفسه بعدم اثارة الأمر؟ أم حصل الامران معاً؟»
على خلفية سياق ضحالة المعلومات المتوافرة لدى الرئيس اوباما عند اتخاذه قرار ما، يبتعد عنصر المفاجآت وردات الفعل المتعددة لقرار يقدم عليه الرئيس. يأبى اوباما تقبل النقد، مما يعزز ميل اولئك المحيطين به لمشاطرته الرأي عوضاً عن تقديم وجهات نظر قيمة وربما متباينة. وينقل المقربون ايضاً عن توتر علاقة الرئيس اوباما بتجمع الممثلين السود في الكونغرس ويصاب بالاحباط امام اي اشارة انتقاد من قبل اعضاء التجمع.
كما ان الرئيس اوباما معروف بقصر انشداد انتباهه، كما اوضحت اسبوعية «ناشيونال جورنال،» بالقول إن الرئيس «تظهر عليه علامات الملل والكلل من مهمات الرئيس، والحزب الديموقراطي يدفع ثمن ترشيحه … هو انسان موهوب لكنه غير مهيأ للقيادة».
اما في برنامج عمله اليومي فيلتزم الزهد ويقلع عن العمل ساعات طويلة كما اوضح في مقابلة اجرتها معه شبكة «ايه بي سي» للتلفزة عام 2011، وعادة ما ينهي اعماله اليومية مع حلول الساعة الرابعة بعد الظهر، ويحافظ على تقليد تناول وجبة الغداء مع زوجته واطفاله قدر ما يستطيع، ومن ثم يخلو بنفسه في مكتبه الخاص، البعض يعتقد انه يطالع عدداً من الملفات والبعض الآخر يغفل ما يجري خلف ابواب مكتبه.
المحصلة النهائية لطبائع شخصية اوباما المنطوية ادت الى تراكم عدد من الازمات لادارته، فضلاً عن النتائج السلبية المرافقة لعنجهية السياسة الاميركية نحو بعض حلفائها، كالتجسس على المستشارة الالمانية، وتضعضع ثقتهم بقدرة الادارة الاميركية على مواجهة التحديات المتنامية. يستشهد خصوم اوباما بصعود روسيا القوي على المسرح الدولي بمديات ابعد مما كانت عليه التوازنات ابان الحرب الباردة اضافة الى عزم الصين ممارسة نفوذها وقوتها في الاقليم ولجوئها لاتخاذ تدابير اقلقت الدول المجاورة في بحر الصين الجنوبي.
ابتعاد اوباما عن النبض الشعبي ادى به الى عدم قراءة التوجهات الانتخابية بدقة، كما برهنت صفقة اطلاق السراح المتبادل وسوء ادارة هيئة شؤون المحاربين القدامى. ولا يزال يعبّر عن ثقته العالية بأن مشروع الرعاية الصحية، اوباما كير، ينال رضى الشعب الاميركي الذي تعارضه غالبية معتبرة. وفي السياق ذاته تندرج الازمات السياسية المرافقة للقضايا الداخلية الاخرى.
ماذا عن المستقبل؟
متاعب الرئيس اوباما في ولايته الثانية لا تقتصر على شخصه فحسب، إذ عادة ما يتعاظم مدى النقم الشعبي على الرئاسة في ولايتها الثانية، وربما نال الرئيس اوباما حظاً اسوأ بالمقارنة مع اقرانه الآخرين واقلاعه عن اعادة النظر بأخطاء السياسات المتبعة.
فهل سيستطيع استرداد شعبيته المفقودة؟ على الأرجح انه لن يكون بوسعه ذلك.
الاستدارة السياسية لمعالجة الاوضاع الراهنة تتطلب توافر شرطين: طاقم جديد من المستشارين المقربين وتعديل اوباما لمسلكه في التعاطي مع الامور. وبعكس أسلافه من الرؤساء يبتعد الرئيس اوباما عن اتخاذ اجراءات قاسية بأركان ادارته بما فيها اقالتهم من مناصبهم، بيد ان استقالة وزير شؤون المحاربين القدامى جاءت استثناء لتلك القاعدة بعد اشتداد حملة الاستقطاب في الكونغرس ورفض استمراره في منصبه. وعليه، يبقى استمرار الرئيس اوباما في انتهاج ما سلف ذكره اكثر ترجيحاً، وربما سيشهد مزيداً من تقلص اعضاء مستشاريه بالترافق مع اشتداد المعارضة لسياساته.
من المستبعد إقدام الرئيس أوباما على تعديل طبائعه وآلية اتخاذه القرارات في المدى المنظور نظراً الى صعوبة المثابرة على توجهات مغايرة احياناً. وينقل بعض المقرّبين انه يعيش أجواء ما بعد انتهاء ولايته الرئاسية والاهتمام بتفاصيل التطبيقات، منها تركيزه على انشاء مكتبة رئاسية تتضمن اوراقه الخاصة والعامة، اسوة بمن سبقوه من الرؤساء.
بما ان الرئيس اوباما يعد رئيساً للحزب الديمقراطي ايضاً، تتسع ابعاد المعضلة امام الحزب لا سيما انه مرتبط ارتباطاً عضوياً بالسياسات المقرّرة وانعكاساتها التي ستدخل موسم الانتخابات عليها قبل نهاية العام الحالي. في المقابل، تشير كافة الدلائل الى انّ الحزب الجمهوري سيحافظ على مكانة الغالبية في مجلس النواب وربما يستطيع الفوز ايضاً بغالبية تمثيلية في مجلس الشيوخ.
في ظل هذا السيناريو يتحكم الحزب الجمهوري بمقاليد السلطة التشريعية كافة والذي ينذر بمتاعب جديدة للرئيس اوباما فيما تبقى له من ولايته الرئاسية، ومن المرجح ان يعزل نفسه داخل فقاعة تدخل اليه بعض الطمأنينة الذاتية بانتظار يوم مغادرته البيت الابيض، 20 كانون الثاني 2017.
ترف خيار الانعزال والتقوقع لا يتوافر للحزب الديموقراطي الذي سيسارع الخطى للبحث عن شخصية قيادية تدير دفة مستقبله السياسي تمهيداً للانتخابات الرئاسية المقبلة، 2016. في هذا الصدد، برزت وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون في مكانة تتهيأ فيها لقيادة الحزب والتميز عن سياسات الرئيس اوباما السابقة. وقد يسعفها تخبط سياسات البيت الابيض في بلوغ مكانتها امام القوى المؤثرة في الحزب، سيما في قدرتها على جمع التبرعات المالية لمرشحي الحزب لخوض الانتخابات المحلية والقومية.
بيد ان سجل السيدة هيلاري ينوء من اعباء سياسات ساهمت في صنعها وباتت محل انتقاد تهدد مسيرتها الطامحة، لا سيما في ما يخص اخفاقات السياسة الاميركية بمجملها في ليبيا وسورية وروسيا، وقد تضطر لتبرير موقفها عما مضى ومواجهة مطالبات البعض لماذا لم تقدم استقالتها مبكراً احتجاجاً على سياسات تزعم معارضتها لها.
قسم كبير من الشعب الاميركي لا يكن احتراماً لهيلاري ويتهمونها بتصلب الشخصية والمبالغة بما يخدم اغراضها، لعل آخرها قبل بضعة ايام للترويج لكتابها الجديد بالزعم انها وزوجها بيل كلينتون كانا على حافة الافلاس المالي عند مغادرتهما البيت الابيض، رغم توقيعها عقداً بقيمة 8 ملايين دولار لكتابة مذكراتها آنئذ، وشرائهما بيتاً خاصاً في نيويورك لتلبية شرط الاقامة قبل دخول الانتخابات كمرشحة عن الحزب في مجلس الشيوخ. يخطئ من يعتقد من المرشحين ان بوسعه التحايل على الذاكرة الجمعية.
يسود اجماع بين المراقبين السياسيين يفيد بأن نفوذ البيت الابيض في تراجع، وعثراته بنيوية الطابع لن يتغلب عليها بيسر. في المقابل، يتأهب الحزب الجمهوري الى استغلال ما يستطيع من ثغرات حقيقية او متخيلة لمصلحته السياسية في الانتخابات المقبلة، مطمئناً ان خصمه الديموقراطي يحث الخطى للتوصل الى شخصية قيادية تخلف الرئيس اوباما.