فرح زين الهاشم: بيروت كتبت الفيلم معي!

لمى نوّام

امتلأت صالة سينما «صوفيل» ـ الأشرفية حتّى الكرسي الأخير خلال العرض الأول لفيلم «ترويقة في بيروت»، لا بل أنّ عدداً من الشباب والشابات من أصدقاء مخرجة الفيلم فرح زين الهاشم ، آثروا الوقوف عند باب القاعة وفي الأروقة المحاذية للجدران، كي يتسنّى للجمهور المتدفّق أن يحظى بالمقاعد.

فيلم «ترويقة في بيروت» الذي شارك مؤخّراً في مهرجان الاسكندرية السينمائي، ولم يوفّق بجائزة لأسباب لم تفهمها الصحافة ولا حتى كثيرين من الذين شاهدوا الفيلم في مصر. كان عرضه الأوّل مساء أمس في سينما «صوفيل» ـ الأشرفية، وسط حضور حاشد وكثيف، تقدّمه فريق عمل الفيلم بدءاً من مخرجته الشابة فرح زين الهاشم، والنجم اللبناني بديع أبو شقرا وآخرين.

الفيلم يُحاكي واقع الحياة اليومية في بيروت، بإيجابياتها وسلبياتها، عبر حوار لا ينقطع بين أبطال الفيلم، ومع مواطنين عاديين.

«البناء» واكبت فعاليات العرض الأول، وأجرت لقاءات عدّة، كان أوّلها مع المخرجة فرح زين الهاشم التي قالت: وددت أن «ترويقة في بيروت» هنا في بيروت لليلة واحدة فقط، لأننا حالياً في مرحلة عرضه في مهرجانات دوليّة، وأشجّع اللبنانيين والمقيمين في لبنان أن يشاهدوا الفيلم، لأنه يعنينا جميعاً. فهو يحكي عن علاقتنا مع المدينة، ويشي بسرّ تعلّقنا بهذه المدينة الغريبة، التي إن هجرها الناس اغتراباً، يعودون إليها. ومن يتركها قسراً بسبب المشاكل والأزمات التي تحصل، يشتاق إليها ويعود، ثمّة روح غريبة وطاقة أغرب في هذه المدينة التي تجمعنا.

وتابعت: «أحاول من خلال الفيلم أن أجيب على هذا السؤال: ما سرّ بيروت وجمالها؟ إحدى وسبعون دقيقة تمرّ وأنا أحاول الإجابة على هذا التساؤل الجوانيّ العميق، ويشاركني في هذه المحاولة عدد من الممثلين: بديع أبو شقرا، عبد الرحيم العوجي، المخرج السينمائي محمود حجيج، ووالدتي عواطف زين ناقدة سينمائية التي تظهر مع عدد من المواهب الشابة مثل زينة مكي، ناتاشا شوفاني، مي سميث، نور شحادة، نجيب لبث، ومحمود العوجي والد عبد الرحيم، وجميعهم يتحدّثون بطريقة صريحة وواقعية وكأنهم يجلسون على كرسيّ الاعتراف أمام الكاميرا ويدلون باعترافاتهم. الكاميرا كانت مجرد مساحة ليعترفوا ويفتحوا قلوبهم ويتحدّثوا بمنتهى الشفافية عن كل ما هو سلبيّ وإيجابيّ في هذه المدينة.

وأضافت: عُرض الفيلم في مهرجان الإسكندرية السينمائي، وكان ضمن مسابقة نور الشريف للأفلام الطويلة، وحصل على تقدير من لجنة التحكيم. كما رُشّح ليكون فيلم السنة في سدني ـ أستراليا.

وعن إطلاقها اسم «ترويقة في بيروت» على فيلمها قالت فرح: عندما كنت أعود من الغربة إلى بيروت، وعندما كنت أتناول فطوري الترويقة باللهجة اللبنانية ، كنت أشعر دائماً أن أمراً ما يحدث. ذات مرّة، قصف العدوّ الصهيوني مطار بيروت عند الساعة السابعة صباحاً، ومرّة أخرى انطلقت تظاهرة، ومرّة ثالثة اندلعت اشتباكات. ثمّة جملة تقال في الفيلم وهي: «بيروت لحظيّة»، بين كل لحظة وأخرى، تُخلق لحظة جديدة. من هذا المنطلق، أحببت أن أقوم بأرشفة هذا الجمال بـ«الترويقة»، لأن لـ«الترويقة» سحراً خاصاً. فهي بداية جديدة لنهار جديد، لهذا الأمر أسميت الفيلم «ترويقة في بيروت». وعلى رغم كلّ السلبيات التي ذُكِرت في الفيلم، لديّ أمل أن بيروت ستحافظ على سحرها الخاص المتمثّل بالصباح الجديد المبشّر ببداية جديدة.

وعن طموحها في إيصال الفيلم إلى أكبر عدد من المشاهدين في لبنان والعالم العربي تقول فرح: سيخضع هذا الفيلم لجولة واسعة، إذ سيُعرض بعد بيروت في البندقية ـ إيطاليا، ثمّ في باريس وفي الخليج العربي، وفي صالات سينما الكويت، وسيعرض أيضاً في القاهرة، وهناك عدّة عروض عالمية في الدول الأوروبية منتصف ربيع السنة المقبلة.

وعن العوائق التي تعترض المخرج اللبناني تقول فرح: أنا لا أرى عائقاً مادياً كبيراً، لكنني أرى أن هناك كسلاً لدى بعض السينمائيين. يمكننا أن نصنع فيلماً بإمكانية محدودة وتصِل الفكرة إلى الجمهور، ويمكننا أيضاً أن نصنع فيلماً بإمكانية مادية ضخمة وتصل الفكرة، ويعود ذلك إلى رؤية المخرج وعينه السينمائية.

كنت محظوظة في هذا الفيلم بالممثلين الذين تعاملت معهم بصفتهم أصدقاء لا ممثلين، الكاميرا بقيت مضاءة طوال الوقت واستغرق تصوير الفيلم سنة كاملة. مقابلات ومشاهدات يومية، كتبت سيناريو هذا الفيلم حوالى 17 مرّة كي أصل إلى سكريبت يشبه المدينة التي أتواجد فيها، إذ كنت أحضّر لدراساتي العليا في السينما في لوس أنجلس. وفي هذا الوقت، تغيرت المدينة، حاولت إعادة الكتابة عدة مرّات، وبيروت كتبت الفيلم معي.

بدوره، قال الممثّل بديع أبو شقرا: هذا الفيلم عبارة عن مقاربة للوضع الذي تحدثت عنه المخرجة فرح زين الهاشم بأسلوب نوعاً ما غير تقليدي، وهنا تكمُن أهمية الفيلم من ناحية كيفية طرح فكرة الفيلم. فرح فكّرت في هذا الموضوع من منطلق إيصال فكرة الفيلم بأسلوب حقيقي ومباشر وواقعي إلى الجمهور المتلقّي.

وعن دوره في الفيلم قال أبو شقرا: لا أعتبر أنني قمت بأداء دور في هذا الفيلم، لأنني كنت أنا، في الواقع الذي أعيش. لكن المخرجة حاولت أن تجد فيلمها من خلال أشخاص عاشوا تقريباً تجربة شبيهة، لديهم هواجس شبيهة بالهواجس الموجودة لديها. حاولَت أن تجد فيلمها من خلالهم إنما بتجربة حقيقية لا بكلام له ارتباط بالوطن والمدينة وتراب لبنان، وليس من منطلق المواضيع المتعارف عليها، لقد قاربته بأسلوب مختلف، من خلال تجربة غيرها التي هي شبيهة بتجربتها.

وقال الممثل عبد الرحيم العوجي: لهذا الفيلم ميزة خاصة، تكمن في أنه يقع بين الوثائقي والحبكة الدرامية، لأن الشخصيات الموجودة في الفيلم تُبدي آراءها أكثر مما تؤدّي أدواراً تمثيلية. نحن مجموعة من الممثلين ومجموعة من أشخاص غير ممثلين، يُبدون آراءهم ببيروت ويتحدّثون عن علاقتهم بها. المخرجة أخذت هذه الآراء وجعلت منها قصة وحبكة درامية واقعية، هذه التجربة جديدة على الجمهور. ولأنني ممثل كوميدي، أبرز هذا الفيلم وجهي التمثيلي الآخر. ففي الفيلم تحدثت بتشاؤم عن علاقتي مع المدينة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى