بعد انسداد الآفاق الداخلية والإقليمية أمام الاتفاق على رئيس للجمهورية: الاستحقاق الرئاسي مؤجّل لأشهر فهل ينتظر صفقة تشمل الانتخابات النيابية والحكومة؟!

حسن سلامه

بات واضحاً أن ملف انتخاب رئيس الجمهورية يحتاج إلى أعجوبة لإخراجه من «عنق الزجاجة» الذي دخله في الأسابيع الأخيرة، ما يعني أن لا انتخابات رئاسية في المدى المنظور. وفي الحد الدنى، الأمور باقية على ما هي عليه إلى ما بعد موعد الانتخابات النيابية في أيلول المقبل.

السؤال الذي يطرح نفسه: ما هي الأسباب الفعليّة لهذا التأخير؟ وما هي الاحتمالات المطروحة للمرحلة المقبلة حول الاستحقاق الرئاسي؟

وفق المعطيات التي تملكها مصادر سياسية عليمة، فإنّ ما أدّى إلى وضع الملف الرئاسي في «ثلاجة الانتظار» يختصر في أمرين أساسيين:

ـ الأول أن فريق «14 آذار» وفي المقام الأول تيار «المستقبل» لم يبادر إلى أي خطوة تؤدي إلى لبننة هذا الاستحقاق، بل إن سلوك هذا الفريق يريد أن يفضي إلى أحد خيارين، إما الاستمرار في دعم ترشيح رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع لدفع الآخرين إلى القبول بشخصية من هذا الفريق أقل حدة من جعجع وهذا ما يعرف «المستقبل» وحلفاؤه أنه غير وارد، أو محاولة إغراء رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون بالتخلي عن حلفائه مقابل دعمه في الانتخابات الرئاسية. وهذا الرهان أيضاً ساقط سلفاً، ويعرفون أن عون لا يبيع ويشتري في القضايا الوطنية، بل هو ثابت على مواقفه وتحالفاته.

لذا تقول المصادر إنّ خياري فريق «14 آذار» المطروحين يؤكدان أنه لا يريد العمل جيداً لدخول حوارات فعلية مع الكتل النيابية الأخرى لبلوغ اتفاق حول شخصية توافقية مثل العماد عون، أو في الحد الأدنى يكون له الرأي الحاسم في تسمية هذا الشخص، وامتناع «المستقبل» عن السير في هذا الإجراء ـ الذي يفترض أولاً اللجوء إلى سحب ترشيح سمير جعجع ـ يعني أنه ما زال يرهن قراره حول الاستحقاق الرئاسي بالمعطيات الخارجية، وفي مقدمها الموقف السعودي.

ـ الثاني أن سلوك «14 آذار» هذا يعني ربط الملف الرئاسي بالمتغيرات الإقليمية، في حين أن اتجاهات الوضع في المنطقة تفيد بأن هذا الوضع يحمل مؤشرين أساسيين:

ـ أن ما حصل في العراق من مؤامرة نفذتها «داعش» بتحريض ودعم من جهات كبيرة في السعودية ودول أخرى، خاصة تركيا، يؤكد اتجاه العائلة الحاكمة في هذا البلد نحو مزيد من التشدّد في التعامل مع قضايا المنطقة، بما في ذلك الاستحقاق الرئاسي في لبنان، وبالتالي لا مؤشرات على إمكان حصول تقارب سعودي ـ إيراني في المدى المنظور ينعكس إيجاباً على لبنان.

ـ بغض النظر عمّا حصل في العراق فإن الدول المؤثرة في الوضع اللبناني إقليمياً ودولياً لا تضع لبنان في أولوية اهتماماتها، وذاك ما تبلغته جهات لبنانية رفيعة وأكد عليه حديثاً الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.

بحسب المصادر السياسية، في حال بقي موضوع الانتخابات الرئاسية على ما هو عليه اليوم، وهذا المتوقع، سيصبح في الشهرين المقبلين جزءاً من صفقة متكاملة ستشمل الاستحقاق الرئاسيّ والانتخابات النيابية وحكومة ما بعد الانتخابات. وتقول المصادر إن أي منتاقشة أو حوار حول الموضوع الرئاسي بعد أسابيع قليلة لا يمكن أن يتجاوز ملفي الانتخابات النيابية والحكومة المقبلة. لكن المصادر تلاحظ أن الوصول إلى مثل هذه الصفقة في الأشهر المقبلة إذا تعذر الاتفاق على شخصية الرئيس الجديد، من غير الممكن الاتفاق على إجراء الانتخابات وفق القانون الحالي أو قانون جديد، وأيضاً الاتفاق على حكومة جديدة، ما لم يتم انتخاب رئيس للجمهورية.

لذلك ترى المصادر استمرار الوضع الراهن طويلاً أمر غير مستبعد، ما سيقود حكماً إلى تمديد ولاية المجلس النيابي لفترة تتراوح بين سنة أو سنتين، وسيؤدي ذلك إلى مزيد من التأزم الداخلي ومزيد من معاناة اللبنانيين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى