كارثة الحجّ… كالعادة إيران نهاجمها حتى لو كانت على حق!
هشام الهبيشان
جاء حديث السيد علي خامنئي بالأمس، في ما يخصّ ما جرى من أحداث مؤلمة للحجاج الإيرانيين وغيرهم في كارثة الحج الكبرى في «منى»، ليؤكد حق إيران بالبحث عن حقيقة ما جرى في هذه الحادثة، وما تبعها من أحداث غامضة ومعقدة بكلّ تفاصيلها التي فيها الكثير من الحلقات المفقودة، فاليوم هناك المئات من الشهداء والجرحى والمفقودين من الجمهورية الإسلامية الإيرانية ذهبوا بمجموعهم ضحية كارثة الحج الكبرى في «منى»، ولو كانت أي دولة أخرى أو نظام آخر تعرّض مواطنوه وحجاجه لما تعرّض له الحجاج الإيرانيون لقال كلاماً كبيراً وفعل أكثر مما فعلت إيران.
وهنا يجب على الجميع الاعتراف بأنّ الدولة السعودية مسؤولة بشكل كامل عما جرى من أحداث مأسوية رافقت موسم الحج هذا العام، فالإهمال واللامبالاة والاستهتار من بعض منظّمي موسم الحج لهذا العام، هي السبب الرئيس لما جرى من أحداث مؤلمة رافقت موسم الحج هذا العام، وهذه حقيقة نعلم جميعاً صوابها.
وعلى رغم كلّ هذه المعطيات التي تؤكد مسؤولية بعض منظمي موسم الحجّ، لا يزال هناك الكثير من المعايير المزدوجة التي يمارسها بعض العرب والتي تحرف حقيقة ما جرى من أحداث في هذا الموسم، فاليوم هناك جملة من الوقائع المحقة التي يتغاضى بعض العرب عن التساؤل حولها، في إطار علاقتهم مع الإيرانيين ومناهج سلوكهم في التاريخ الحديث، فلماذا يدين بعض العرب مطالب إيران بالبحث عن حقيقة ما جرى مع الحجاج؟ بل أكثر من ذلك حيث يبعث بعض العرب الكثير من الرسائل التي تظهر سوء نياتهم تجاه حق إيران في البحث عن حقيقة ما جرى لمواطنيها الذين بينهم ديبلوماسيون ومسؤولون رفيعو المستوى.
وانطلاقاً من هذه الوقائع التي تؤكد سوء نيات بعض العرب التي تدين بشكل أو بآخر حق الإيرانيين بالبحث عن خفايا ما دار خلف الكواليس في موسم الحج هذا العام، نسأل بعض هؤلاء العرب، هل لا يحق لإيران مثلاً أن تبحث عن حقيقة ما جرى لمواطنيها، فيما هي الخاسر الأكبر بعدد الحجاج الذين ذهبوا ضحية إهمال واستهتار بعض منظّمي موسم الحج، وهنا أؤكد أنه من حق الإيرانيين البحث عن كلّ الحقائق المخفية التي رافقت الأحداث المأسوية في موسم الحج وما تبعها من أحداث بقيت حلقات كثيرة منها مفقودة حتى الآن.
فهل مطلوب من الإيرانيين مثلاً أن يصفقوا للسعوديين ولبعض العرب من وجهة نظر هذا البعض، في الوقت الذي سقط فيه مئات من الشهداء والجرحى والمفقودين الإيرانيين الذين ذهبوا ضحية إهمال واستهتار منظمي موسم الحج، فهل يريد بعض العرب من الإيرانيين أن يصمتوا وهم يسمعون ويشاهدون كلّ ما جرى ويجري من أحداث مؤلمة راح ضحيتها المئات من الحجاج الإيرانيين؟
لن يصمت الإيرانيون حيال كلّ ما يجري وجرى، ولن يسمحوا كذلك بتشويه البعض حقيقة مطالبهم المحقة في البحث عن الحقيقة.
ختاماً، هذه رسالة أوجهها لكلّ من يقرأ هذا المقال، يكفينا تعنّتاً وركضاً خلف تناقضات مذهبية ودينية يصنعها لنا الساسة ونلهث خلفها دون وعي وإدراك، فاليوم كلّ من ينتقد حق إيران في البحث عن حقيقة ما جرى لمواطنيها في موسم الحج هذا العام، يجانب الحق والصواب، فمن حق إيران ومثلها كلّ دولة تعرّض مواطنوها للأذى في موسم الحج، أن تنتقد وأن ترفع الصوت عالياً، ومن حقنا جميعاً أن نعرف الحقيقة، وأن تعلنها المملكة السعودية بشفافية مطلقة، وأن تتمّ محاسبة المسؤولين عن الاستهتار والإهمال الذي هو السبب الرئيس لما جرى، خصوصاً أنّ هذه الكارثة ليست الأولى من نوعها، وقد تكرّرت أكثر من مرة في مواسم حج سابقة، ويرى البعض أنّ غياب المحاسبة والمساءلة والإجراءات العقابية في السابق هو الذي يؤدّي إلى تكرار مثل هذه الكوارث، طالما أنّ المسؤولين عن التنظيم مطمئنون إلى أن لا أحد سيحاسبهم إذا هم قصّروا أو أهملوا…!
كاتب وناشط سياسي الأردن
hesham.habeshan yahoo.com