تدمر في مرمى إرهاب «داعش» مجدّداً
دمّر إرهابيو تنظيم «داعش» المتطرّف قوس النصر الأثري في مدينة تدمر المدرَجة على لائحة «يونيسكو» للتراث العالمي.
وذكر مدير عام الآثار والمتاحف في سورية الدكتور مأمون عبد الكريم في تصريح، مصادر أهلية داخل مدينة تدمر التي يفرض عليها تنظيم «داعش» الإرهابي حصاراً مطبقاً منذ أكثر من أربعة أشهر، أبلغت مديرية الآثار أمس أنّ التنظيم المتطرّف قام بتفخيخ قوس النصر في المدينة الأثرية وتفجيره، ما أدّى إلى تدميره بالكامل.
ولفت عبد الكريم إلى أن هذه الجريمة تضاف إلى سلسلة جرائم تنظيم «داعش» الإرهابي بحق الحضارة التدمرية خصوصاً، والحضارة الإنسانية عموماً. لا سيما أن المدينة الأثرية في تدمر تعدّ أيقونة المعالم الأثرية في العالم.
ويقع قوس النصر الذي بناه سبتيموس سيفيروس بين عامَي 193 و211 ميلادياً في أوّل الشارع المستقيم في تدمر، وهو عبارة عن بوابة ذات ثلاثة مداخل فوقها قوس مزيّن بنقوش هندسية ونباتية، ويحيد عن الشارع المستقيم نحو 30 درجة، ويأخذ شكلَ شبه منحرف ليأتي مدخله مواجهاً لمدخل معبد «بل» الذي دمّر إرهابيو «داعش» أجزاء كبيرة منه في أواخر آب الماضي.
وتتعرّض مدينة تدمر منذ مطلع حزيران الماضي لسلسلة من الاعتداءات التي يرتكبها إرهابيو التنظيم التكفيري، إذ دمّروا المدافن التدمرية البرجية باستخدام كميات كبيرة من المتفجرات ووضعها بين الطوابق التي تتألف منها هذه المدافن، وحطّموا تمثال «أسد اللات» الشهير وثمانية تماثيل أخرى، وحوّلوا متحف المدينة الوطني إلى سجن وما يسمّى «محكمة شرعية»، ودمّروا معبد «بعل شمين» وارتكبوا جريمة قتل العالم والباحث خالد الأسعد بقطع رأسه.
إلى ذلك، دانت منظمة «يونيسكو» قيام تنظيم «داعش» الإرهابي بتدمير قوس النصر. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن المديرة العامة للمنظمة إيرينا بوكوفا قولها في بيان صدر أمس إن هذا التدمير الجديد يكشف مدى خوف هؤلاء المتطرّفين من التاريخ والثقافة، ويُظهرهم على حقيقتهم كنموذج للحقد والجهل. مؤكدة عدم التسامح مع مجرمي الحرب، وبذل كلّ الجهود الممكنة لسوق منفّذي أعمال التدمير هذه أمام القضاء ومعاقبتهم.
وأكدت بوكوفا أن الإرهابيين، على رغم إجرامهم المتمادي، لن يتمكنوا أبداً من محو التاريخ ولا طمس ذكرى هذا الموقع الذي يجسّد وحدة الشعب السوري وهويته. مشيرة إلى أن تدمر تجسّد بحجارتها كلّ ما يخشاه الإرهابيون من التنوّع الثقافي والحوار بين الحضارات ولقاء الشعوب من كل الأصول في هذه المدينة التي تشكل تقاطعاً بين أوروبا وآسيا.
وجدّدت بوكوفا عزم المنظمة الأممية على مواصلة حماية ما يمكن إنقاذه عبر التصدّي لتهريب القطع الأثرية وإقامة شبكة من آلاف الخبراء في سورية والعالم، يحرصون على نشر هذا التراث، بما في ذلك عبر الوسائل التقنية الحديثة.