قاسم: سيبقى هناك ضحايا ينبغي الاهتمام بهم كي لا يتحوّلوا إلى شهداء

أقامت جمعية «رودز فور لايف» في فندق «فينيسيا» مأدبة عشاء تحت عنوان «من أجل ثقافة الإنقاذ في لبنان»، بحضور وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، والدكتور بهيج عربيد ممثلاً وزير الصحة وائل أبو فاعور، والوزراء السابقين عدنان القصار وموريس صحناوي وزياد بارود ووليد الداعوق، ورئيسة بعثة الاتحاد الاوروبي لدى لبنان آنجيلينا إيخهورست،وعدد من الشخصيات.

وبعدما ألقى المشنوق كلمة نوّه فيها بنشاطات الجمعية، ألقى عربيد كلمة اعتبر فيها أن فاعلية النظام الصحي تقاس بمجموعة مؤشرات تعكس التقدم في مجالات نمو السوق الصحي وتوافر الخدمات وتوزيعها بشكل جيد على المناطق، والنجاحات المحققة في مجالات الرعاية الصحية والوقاية والتي أدّت إلى خفض معدلات المرض والوفيات عند الاطفال والسيدات والحوامل أثناء الولادة وتحسّن الأمل في الحياة عند الولادة ونوعية الحياة التي نعيش.

ورأى أن «رودز فور لايف» تتميز بأنها اعتمدت في عملها مقاربة للتعاطي مع الاصابات البالغة التي تهدّد حياة المصاب نتيجة حادث سير، وهي تعمل على تحسين نوعية الخدمات المقدمة للمصابين في موقع الاصابة وفي أقسام الطوارئ في المستشفيات. وأكد أن وزارة الصحة تلتقي مع الجمعية على أهمية التدخل الطبي السريع في موقع الحادث لإنقاذ المصاب والحفاظ على حياته.

وتحدث الأمين العام للصليب الأحمر اللبناني جورج كتّانة فكشف أن إحصاءات الصليب الأحمر اللبناني تبيّن ارتفاعاً مطّرداً في مهماته، مشيراً إلى أن حوادث الصدمات الحادة traumatic injuries التي تتسبب بخطر على الحياة ومضاعفات وإعاقات جسدية دائمة، تشكل نحو 30 في المئة من هذه المهمات. وأعلن أن عدد حوادث السير في الربع الأول من السنة الجارية بلغ 4236 حادثاً، وعدد الإصابات 5438، وعدد القتلى 75 قتيلاً.

أما رئيسة «رودز فور لايف» زينة قاسم فقالت: «عندما بدأنا الدورة الأولى من برنامج «ATLS» البرنامج التخصصي المعدّ لأطباء الطوارئ والمخصّص لعلاج ذوي الإصابات البليغة عام 2011، كنا نعرف أن الفرق سيكون كبيراً، أي الفرق بين الحياة والموت، وبين الساعة الزمنية والساعة الدهبية، وبين الفشل والنجاح في إنقاذ ذوي الأصابات البليغة. وكنّا نعرف أيضاً أن برنامج «PHTLS» المموّل من مجموعة البنك اللبناني للتجارة ـ فرنسبنك سيحدث فرقاً كبيراً مع فرق الإسعاف وسيغير نحو 70 في المئة من طرق نقل المصابين ووسائل إسعافهم، وتوقعنا أن برنامج «ATCN» البرنامج التخصصي المعدّ لقطاع التمريض والمخصص لعلاج ذوي الإصابات البليغة الذي خرّجنا الدفعة الأولى منه قبل أقل من شهر، بمساهمة كريمة من الأستاذ سمير حنا، سيسرّع الإنقاذ ويفعّل العلاج في غرف الطوارئ. وأضافت كنّا نعرف أهمية كل هذه البرامج نظرياً ولكننا لم نكن نعرف ما ستكون عليه النتيجة عملياً، وهي أن حياة الناس على المحك، أي إما أن يعود المصاب إلى أولاده بعد تعرضه للحادث أو لا يعود، وإما أن يعود ولد إلى أهله بعد حادث أو لا يعود، وإما أن ترجع أمّ أو أخت أو أخ أو صديق أو حتى غريب عند أهلهم أو لا يرجعون».

وشدّدت على أن حياة الناس تبقى أغلى من كل مال الدنيا. وتابعت: «اكتشفنا أن مجتمعنا لا يزال حياً ويتمتع بالوعي، وقد محضنا دعمه لأنه أدرك أن كل أفراده مهدّدون ومعرّضون في أيّ لحظة للموت أو الإعاقة، وإننا مهما فعلنا لتعزيز السلامة المرورية، سيبقى ثمة ضحايا وينبغي تالياً الاهتمام بهم كي لا يتحولوا إلى شهداء».

وإذ اشارت إلى أن أبو فاعور وعد بتغيير النمط السائد وتطويره، وكشفت أن المشنوق وعد أيضاً بالبدء بتطبيق تدريجي لقانون السير الجديد، أوضحت أن عدد المتدربين على البرامج الثلاثة سيصبح مع نهاية السنة الجارية أكثر من 200 طبيب طوارئ ومن 190 مسعفاً من الصليب الأحمر ومن 50 ممرضاً وممرضة.

ودعت قاسم كلّ المستشفيات إلى أن تتخطّى حساسيات المناطق والطوائف والمذاهب واللغة والمدارس الطبية، لأن لغة الإنقاذ واحدة، والحفاظ على الحياة ليس له منطقة ولا طائفة ولا مذهب ولا لغة ولا مدرسة طبية.

وختمت قائلة: «رودز فور لايف ولدت بعد خسارة كبيرة لكنها حققت ربحاً كبيراً هو الانتصار على الموت الذي يمكن تفاديه وهذا بالتحديد ما يجعلنا نحارب من أجل الحياة».

وكانت كلمة لرئيس برنامج «ATLS» في لبنان رئيس قسم جراحة الطوارئ والعناية الفائقة للجراحة في مستشفى الجامعة الأميركية الدكتور جورج أبي سعد الذي ذكّر بأن مشوار التدريب على العناية بالمصاب بدأ عام 2010 مع التصميم على تدريب كل من يعنى بالمصاب على منهج موحد، أثبت فاعليته في إنقاذ المريض من الموت أولا ومن الإعاقة الدائمة والموقتة ثانياً.

وأضاف: كانت أول المراحل وأصعبها تدريب الدفعة الأولى من الأطباء، الجراحين، وأطباء الطوارئ على منهج «ATLS»« وتخرّج الأطباء والمدربون الجدد من مبدأ تدريب المدربين لتأمين استمرارية هذا المنهج ونشره، ونُظمت 14 دورة من هذا البرنامج. وتخرّج 16 طبيباً من مستشفيات عدة منتشرة في مناطق عدة في لبنان. وحتى اليوم، حصل أكثر من 220 طبيباً على هذه الشهادة المعترف بها عالمياً في أكثر من 60 دولة».

وأشار إلى أن وحدات التدريب هذه أو «TRAUMA TRAINING UNIT»، التي كانت فكرة وحلماً، حققت الهدف الأول والأساسي، المتمثل في جعل كل من يعنى بالمصاب، منذ اللحظة الأولى وحتى العلاج النهائي في غرفة العمليات أو العناية الفائقة، مدرّباً للتعامل مع شتى أنواع الإصابات في الحوادث كافة، مع شهادة عالمية من مرجع عالمي مبنية على منهج موحد أثبتت فاعليته بعد سنين من الأبحاث والتجربة وتقييم للنتائج قياساً مع أرفع المراكز الطبية شأناً وتجهيزاً.

وتحدّث أيضاً رئيس الكلية الأميركية للجرّاحين المنطقة 17 ورئيس لجنة الإصابات البليغة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الدكتور سعود التركي، فأشار إلى أن العالم يخسر نحو مليون و240 ألف شخص سنوياً من جرّاء الإصابات البليغة، لافتاً إلى أن منطقة الشرق الأوسط هي التي تستقطب العدد الأكبر من الضحايا، إذ أن حوادث السير المميتة في الشرق الأوسط تبلغ ثلاثة أضعاف المعدّلات العالمية. وإذ لاحظ أن الإصابات البليغة غالباً ما تصيب الشباب فيترك فقدانهم حزناً وحداداً طويلي الأمد ومأساة وإعاقات شتّى. وشدّد على إمكان تفادي هذه الإصابات تماماً كما يمكن تفادي الأوبئة.

ووصف هذه الأرقام المخيفة بأنها ليست سوى قمّة جبل الجليد، خصوصاً أن ثمة نقصاً في المعلومات الدقيقة وفي أرقام الإصابات البليغة من بيانات إدارات دول المنطقة.

وأضاف: «نستطيع أن نفعل الكثير على مستوى الوقاية والكثير أيضاً على مستوى تحسين الرعاية والعلاج لذوي الإصابات البليغة ويجب أن يكون هذا ضمن أولوياتنا القصوى. وقد برهنت الأحداث أنه يمكن تفادي الموت غير الضروري بشكل ملحوظ إذا اعتمدنا تدريب المعنيين في القطاع الطبّي على برامج تتوزّع على عدّة إختصاصات ومستويات».

وقال: «كان من حظّ برامج العناية هذه في لبنان أن تشبك الأيدي مع جمعية رودز فور لايف، خصوصاً مع السيدة زينة قاسم الأمّ المتفانية والاستثنائية التي حوّلت المأساة إلى حركة وطنية والخسارة إلى انتصار وطنيّ فألهمت المجتمع الدولي وضمّته إلى قضيتها».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى