قوات سورية أنهت تدريبات وبدأت معركة تطهير ريف حماة

أطلق الجيش السوري والقوات المساندة له أمس أول عملية عسكرية واسعة بمساندة جوية من الطيران الحربي والمروحي الروسي في ريف حماة الشمالي والشمالي الشرقي، حيث تمكن الجيش بعد ساعات من بدء العملية من السيطرة على لطمين ومعركبة.

وأكدت مصادر خاصة لـ»البناء» أن تشكيلات الجيش السوري والقوات الرديفة المشاركة في معركة ريف حماة، تلقت تدريبات مكثفة خلال الأشهر الستة الماضية على أيدي مدربين روس، للتدرب على المهارات القتالية الروسية ورفع مستوى التنسيق في المعارك بين الوحدات.

كما تسلمت التشكيلات المشاركة في المعركة أسلحة نوعية جديدة ووسائل اتصال وتشويش روسية حديثة، والقادة الضباط المشاركون في المعركة على اتصال مباشر مع غرفة العمليات الجوية الروسية – السورية المشتركة في حميميم لتأمين الإسناد الجوي للقوات البرية.

وقال مصدر عسكري سوري من ريف حماة الشمالي: «إن الجيش أخذ المبادرة ببدء عملياته العسكرية المباغتة البرية في أرياف مدينة حماة الشمالية والشرقية، باتجاه أرياف مدينة السلمية».

وأفاد المصدر أن الجيش تمكن من الدخول إلى قرية عطشان في ريف حماة الشمالي، لتكون أول بلدة يدخلها، بعد بدء عملياته البرية، بغطاء من الطيران الروسي. وأضاف: «إن الجنود المشاركين في الحملة، سمعوا أكثر من مرة نداءات الاستغاثة من قبل المسلحين، وخصوصاً في أطراف قرى كفر زيتا ولطمين ومورك، التي تعد خط الدفاع الأول عن قرية كفر زيتا، المعقل الأكبر للمسلحين في ريف حماة الشمالي».

وتابع المصدر: «إن الجيش، بالاشتراك مع الطيران الحربي الروسي، باغت المسلحين في قرية اللطامنة، وقضى على عشرات المسلحين هناك، ودمر العديد من المقار الأساسية لهم».

وأوضح أن الجيش يسعى إلى التقدم في عمق ريف حماة الشمالي، للوصول إلى أرياف مدينة إدلب عبر مناطق سهل الغاب، التي تدور فيها معارك عنيفة مع مسلحي «جيش الفتح»، المنضوين تحت راية «جبهة النصرة».

وأفاد المصدر أن الطيران الحربي الروسي استهدف رتلاً من السيارات والمعدات الآلية على طريق حلب – دمشق الدولية، ودمرها بشكل كامل، وقضى على كامل المسلحين الموجودين في الرتل.

وبالتوازي، أكد مصدر عسكري من مدينة السلمية، أن الطيران الحربي الروسي استهدف مواقع لمسلحي «داعش» في ريف السلمية الشرقي، في قرى عقيربات وقليب الثور، وقام مسلحو التنظيم الإرهابي بإخفاء راياتهم كافة على سطوح القرى المسيطرين عليها، في محاولة للاختباء عن أعين الطيران الروسي.

وأكد أن الجيش دمر سيارات حاملة لرشاشات في قرية الرهجانة، شرق مدينة السلمية، وسط تكثيف لقذائف المدفعية على مواقع مسلحي «داعش» في القرى الشرقية للمدينة.

وفي ريف حمص الجنوبي، قال المصدر إن الجيش يقوم برمي المنشورات للأهالي في مدن تلبيسة والرستن، لحثهم على الخروج، وتسليم المسلحين لأنفسهم من دون أي مقاومة، مضيفاً أن هذه المنشورات تأتي قبل معركة كبيرة جداً يحضر لها الجيش، لفتح طريق حماة – الرستن- حمص الدولي، والذي يعد طريقاً مهماً جداً، بالنسبة لوسط البلاد، ويصل محافظة حلب بالعاصمة دمشق.

وفي السياق، كشف وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أن سفناً روسية قصفت صباح أمس مواقع «داعش» في سورية من بحر قزوين، حيث أطلقت تلك السفن 26 صاروخاً عالي الدقة قطعت مسافة 1500 كلم.

وأوضح خلال لقاء جمعه أمس مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن 4 سفن صاروخية أطلقت 26 صاروخاً مجنحاً من طراز «كاليبر» أصابت 11 هدفاً في سورية بنجاح، مؤكداً أن وسائل المراقبة الروسية سجلت تدمير جميع الأهداف من دون أن تؤدي الغارات إلى سقوط ضحايا في صفوف المدنيين.

وأكد شويغو أن «23 طائرة تستمر، منذ صباح اليوم، في توجيه الضربات لمواقع الإرهابيين» في الأراضي السورية. وذكر أن الضربات الجوية التي بدأت الطائرات الروسية في توجيهها يوم 30 أيلول، أدت إلى تدمير «19 نقطة قيادة و12 مستودعاً تحتوي على الذخيرة، و71 آلية مدرعة، و6 معامل للمتفجرات».

وفي السياق، أوضح شويغو أن روسيا تنسق عملياتها مع تركيا والولايات المتحدة، مؤكداً استحالة التغلب على تنظيم «داعش» من دون إقامة التعاون مع هذين البلدين، كاشفاً أن المركز الوطني لإدارة الدفاع في روسيا أقام اتصالات مباشرة مع الشركاء الأتراك بشأن أنشطة سلاح الجو الروسي في المناطق القريبة من الحدود السورية – التركية.

وقال بوتين إن تنفيذ عمليات الرماية هذه عبر مسافة نحو 1500 كلم باستخدام أسلحة عالية الدقة ونجاح جميع الغارات، يدل على مستوى التأهيل الرفيع للعسكريين والاستعداد العالي لمؤسسات التصنيع العسكري.

ودعا بوتين الولايات المتحدة التي تزعم أنها تعرف الوضع الميداني في سورية أفضل من أية جهة أخرى، إلى تسليم وزارة الدفاع الروسية معطيات عن مواقع تمركز مسلحي «داعش» في أراضي سورية، وقال: «إنهم الأميركيون يزعمون أنهم يعرفون الوضع بصورة أفضل، وذلك لأنهم يعملون في أراضي السورية منذ ما يربو عن عام، وهم يعملون هناك بصورة غير شرعية، كما قلت لهم، ولكن إذا كانوا يعرفون الوضع أفضل منا فعلاً، فعليهم أن يسملونا إحداثيات الأهداف التي رصدوها حتى الآن، ونحن سنضربها».

كذلك أكد الرئيس بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة مهمة سلاح الجو الروسي المتمثل في تنسيق عملياته مع الجيش السوري. وأوضح: «وفي ما يخص مهمتنا المستقبلية، فإنني أعول على تنسيق هذا العمل مع أنشطة الجيش السوري على الأرض، لكي تساهم خطوات قواتنا الجوية في دعم العملية الهجومية للجيش السوري بصورة فعالة».

وفي الوقت نفسه، شدد بوتين على ضرورة تسوية النزاعات المشابهة للأزمة السورية عبر حل القضايا السياسية، وكشف أن نظيره الفرنسي فرانسوا هولاند طرح خلال لقائهما الأخير اقتراحاً يقضي بتوحيد جهود الجيش السوري و «الحر».

وأردف قائلاً: «إننا لا نعرف حتى الآن أين يعمل هذا «الجيش الحر» ومن يتزعمه، لكن إذا كنا ننطلق من أنه جناح قتالي لما يسمى المعارضة السورية المعتدلة، فسيسمح توحيد الجهود، إن نجح، في النضال ضد العدو المشترك المتمثل في الجماعات الإرهابية ومنها «داعش» و»جبهة النصرة» وتنظيمات مشابهة، بتوفير مقدمات جيدة للتسوية السياسية المستقبلية في سورية.

وكلف بوتين وزير دفاعه بدعم هذه المبادرة، مع الحفاظ على المستوى الحالي من الاتصالات بالشركاء الأجانب الأخرين. وقال إن وزارة الخارجية الروسية ستواصل بدورها الجهود في هذا المجال وستعمل مع جميع أطياف المعارضة السورية.

وأكد بوتين أن من المستحيل إنجاح مهمة إطلاق الحوار السياسي من دون مشاركة الشركاء الأجانب، وبينهم السعودية وتركيا والولايات المتحدة وإيران والعراق، والدول المجاورة الأخرى

بدورها نشرت وزارة الدفاع الروسية على حسابها في موقع «يوتيوب» شريط فيديو للضربات المكثفة التي شنتها سفن بحر قزوين الليلة الماضية على مواقع في سورية، موضحة أن تلك الضربات نفذتها باستخدام منظومة «كاليبر إن كا». وشددت الوزارة على نسبة الخطأ في الإصابات خلال الغارات لم تتجاوز 3 أمتار.

وأوضحت الوزارة أن الضربات استهدفت منشآت من البنية التحتية التابعة لـ»داعش» في الأراضي السورية، بما في ذلك ورش لتصنيع القذائف والعبوات الناسفة ومراكز قيادة ومخازن للذخيرة ومخازن أسلحة ووقود وقواعد تدريب.

من جهة أخرى، ذكرت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية أن المواقع التي أصابتها الصواريخ الروسية تقع في ريف الرقة وإدلب وحلب. واعتبرت أن الغارات الروسية تساهم في تقييد قدرات الإرهابيين على التحرك ومنعهم من تدبير هجمات إرهابية دموية.

وفي سياق متصل، كشف أندريه كارتوبولوف رئيس مديرية العمليات العامة في هيئة الأركان العامة للجيش الروسي، أن مسار الصواريخ التي أطلقتها سفن أسطول بحر قزوين الروسي مرت فوق مناطق غير مأهولة، وذلك بغية ضمان أمن السكان المدنيين. وكشف أنه تم مسبقاً تنسيق توقيت مرور الصواريخ ومساراتها مع شركاء روسيا.

وتابع كارتوبولوف أن البحارة الروس لدى توجيه الضربات اعتمدوا على معلومات استطلاعية جمعتها الاستخبارات الروسية، إذ كشفت عن مواقع مهمة يستخدمها إرهابيون واعتبرت تدميرها مهمة عاجلة. ولذلك قررت القيادة العسكرية استخدام صواريخ مجنحة بعيدة المدى لإصابة تلك الأهداف.

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها قد تقبل مقترحات «البنتاغون» بشأن التنسيق في محاربة «داعش» في سورية، مشيرة إلى أن الخبراء سيبحثون في هذه التفاصيل.

وقال ممثل وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف إن الوزارة ردت على طلب «البنتاغون» وقامت بالنظر في مقترحات الجانب الأميركي، مؤكداً أنه يمكن قبول هذه المقترحات للتنفيذ. وأضاف إنه لم يبق سوى توضيح بعض الأشياء التقنية التي سيتم بحثها بين وزارة الدفاع الروسية و»البنتاغون» على مستوى الخبراء.

إلى ذلك، قال الناطق باسم البيت الأبيض جوش إيرنست إن على روسيا ألا تتصدى للقوات المدعومة أميركياً في سورية. ورأى إيرنست أن الخطوات العسكرية الروسية تعارض الموقف الرسمي الداعي لأولوية الحل السياسي، مشيراً إلى أن أميركا قلقة من نوايا وأفعال روسيا في سورية.

البيت الأبيض رأى أن «ما تواجهه روسيا من عقوبات دولية لا يضاهي الخسائر المقبلة التي ستترتب جراء تدخلها العسكري ودعمها النظام السوري» على حد تعبير إيرنست.

وأعلن المندوب الأميركي لدى حلف شمال الأطلسي دوغلاس ليوت أن «الناتو» لن يتبادل المعطيات الاستخباراتية مع روسيا ما لم تتخل موسكو عن دعمها للرئيس السوري بشار الأسد.

وقال ليوت أمس: «لدينا ربما مصلحة مشتركة تتمثل في الانتصار على «داعش»، إلا أننا لا نتوحد في دعم نظام الأسد. ومن الواضح أن القوات الروسية تعمل على دعم الأسد، بينما يرى أعضاء التحالف الدولي أن الأسد يجب عليه الرحيل. وطالما لا تتوافق أهدافنا بهذا الشكل لا أرى أي آفاق لتبادل المعلومات الاستخباراتية».

ومع ذلك أكد الدبلوماسي الأميركي أن واشنطن تريد الحيلولة دون الانزلاق في نزاع مع روسيا، معرباً عن ارتياحه بشأن ترتيب الاتصالات العسكرية والسياسية مع روسيا حول سورية.

من جهة أخرى، أعرب ليوت عن استيائه بشأن الوضع المعقد على الأرض في سورية، مشيراً إلى وجود «خليط عسكري متنوع» يضم قوات روسية في اللاذقية وطرطوس والآلاف من القوات الإيرانية وكذلك حزب الله اللبناني، ويواجه «خليطاً متنوعاً مشابهاً من القوات المعارضة».

من جانب آخر، أعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف أن رفض واشنطن تقديم المعلومات الاستخباراتية حول مواقع مسلحي «داعش» يشير، على ما يبدو، إلى أن لديها «موقفاً مغايراً» بشأن هذا التنظيم الإرهابي.

وقال: «حلفاؤنا من الدول التي تعتبر «داعش» عدواً حقيقياً ينبغي القضاء عليه من دون أي شروط، يساعدوننا بنشاط في تقديم معطيات حول القواعد والمخازن ومراكز القيادة ومعسكرات التدريب للإرهابيين. وهؤلاء الذين لديهم، على ما يبدو، رأي مغاير بشأن هذا التنظيم الإرهابي، دائما يبحثون عن أسباب لرفض التعاون في مكافحة الإرهاب الدولي».

إلى ذلك، أعلن السفير السوري في موسكو رياض حداد أن المقاتلات الروسية دمرت 40 في المئة من البنية التحتية لـ»داعش»، نافياً الأنباء التي تحدثت عن وجود عمليات برية مشتركة بين الجيش السوري والروسي.

وأشار السفير السوري إلى أن هناك حرباً إعلامية شعواء تشن ضد روسيا بسبب الضربات الجوية التي توجهها المقاتلات الروسية لتنظيم «داعش»، مؤكداً أن العمليات الأخيرة لسلاح الجو الروسي: «أجبرت الغرب على نزع القناع والاعتراف بأنه شكّل وموّل كل هذه العصابات».

وأشار إلى أن الإرهابيين يستخدمون تكتيك حفر الأنفاق غير الفعال أمام الضربات الجوية الروسية، مشيراً إلى أنه قبل إقلاع المقاتلات الروسية تقوم طائرات الاستطلاع بطلعات فوق مناطق وجود الإرهابيين لتحديد مكانهم بدقة واستخلاص أكبر النتائج من القصف.

وأكد عدم وجود أي من أعضاء المعارضة في المناطق التي يستهدفها سلاح الجو الروسي الذي ينفذ عملية ضد الإرهابيين فقط، وهم «داعش» و»جبهة النصرة» و»جيش الفتح» و»جيش الإسلام»، بالإضافة إلى مجموعات أصغر منضوية تحت رايتها.

ونوه حداد الى أن من أهم نتائج العملية الروسية في سورية هو استسلام الكثير من المتطرفين وإلقائهم السلاح طوعاً، مشيراً، كمثال، إلى استسلام نحو 400 مسلح دفعة واحدة خوفاً من القضاء التام عليهم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى