«سوا للفنون المسرحيّة»… تنقل هواجس الناس وهمومهم اليوميّة
تمام الحسن
ولدت مبادرة «فرقة سوا للفنون المسرحية» في حمص، من رحم الأحداث الجارية على الأرض السورية، إذ سعى الشباب مؤسّسو الفرقة من خلال هذا المشروع إلى مسرحة الواقع ونقل هموم الناس وهواجسهم اليومية، إيماناً منهم أولاً بالدور المهمّ الذي تؤدّيه الفنون على اختلافها، في التعبير عن وجع الوطن وحجم مأساته من جرّاء الحرب الإرهابية التي تتعرّض لها سورية، وتالياَ، بحجم الفعل المؤثر للشباب السوري الواعي الذي رفض الوقوف على الحياد منذ اندلاع الأزمة الراهنة، فانخرط في العمل الإنساني الإغاثي التثقيفي بوتيرة متزايدة.
رواد ابراهيم، مؤسّس الفرقة، أوضح أن الفرقة انطلقت بهدف الترويج لمجموعة من المقولات الإنسانية والوطنية التي يؤمن بها أعضاؤها، وجميعها تنسجم والوعي الجمعي للشعب السوري المقاوم. مؤكداً أن الأعمال المسرحية التي قدّمها هذا المشروع منذ انطلاقته، تتماشى في مضامينها مع هذه الأفكار وتستعرضها بأسلوب دراميّ مشوّق. وأضاف أن أولى العروض المسرحية التي قدّمتها الفرقة على خشبة مسرح الشهيد عبد الحميد الزهراوي في مدينة حمص، كانت في عام 2012 تحت عنوان «حكاية وطن»، وذلك لمناسبة أعياد تشرين.
وتتالت أعمال الفرقة كما لفت ابراهيم، فقدّمت في عام 2013 مسرحية «أمّ الشهيد»، وكذلك مسرحية «رسالة إلى وطني» على خشبة المسرح الثقافي العربي في المحافظة، وعام 2014 قُدّم عرض بعنوان «درويش بهالوطن».
وتقديراً للدور الكبير الذي يقوم به الإعلام الوطني خلال الأزمة، كرّمت الفرقة عدداً من ممثلي وسائل الإعلام الوطني، عبر حفل واسع قدّمت خلاله عدداً من الاسكتشات والعروض التي تسلّط الضوء على قيم التسامح والمحبة والتآلف.
وأشار ابراهيم إلى أن أعضاء الفرقة وعددهم حالياً 12، هم من الشباب الجامعيين الذين وجدوا في المسرح أداةَ تعبير راقيةًً، لتسليط الضوء على قضايا المجتمع ورصد معاناته بأسلوب غير تقليديّ، يختصر الكلام ويميل إلى التعبير بأساليب درامية أكثر تأثيراً من خلال استخدام الحركة والإيماء والرقص، إضافة إلى اللعب على عنصرَي الإضاءة واللباس خلال تقديم العرض، من خلال مشاهد تغلب عليها الحالات الدرامية التي تفيض بالمشاعر والأحاسيس الصادقة.
وتقتصر تدريبات الشباب خلال العام الدراسي على أيام العطل الأسبوعية، في حين يتم الاتفاق على مواعيد تناسب المجموعة في باقي أيام السنة. ولفت ابراهيم إلى أن الفنانين الشباب يطمحون بالارتقاء إلى الحدّ الذي ينقل معاناة الناس ووجعهم بكل صدق وشفافية. مؤكداً أن جميع الأعضاء يعملون بشكل تطوّعي، وتغمرهم السعادة عند إنجازهم أيّ عمل يمسّ هموم الناس ويلقى صدى الحضور وإعجابهم.
في السياق نفسه، لفتت يارا إسبر طالبة هندسة سنة رابعة إلى أنها انضمت إلى الفرقة التي رأت في عملها ما يعبّر عنها وعن تطلّعاتها وهواجسها كشابة سورية تتقاسم وأشقاؤها في الوطن الكثير من الأفكار والأحلام. مشيرة إلى أن أجمل ما في العمل الذي تقوم به هو ذلك التمازج الجميل ضمن مشاهد العرض الواحد بين أنواع الدراما المختلفة، من الكوميديا والتراجيديا والحركات الإيمائية والراقصة للوصول إلى قلب المُشاهد وعقله.
وأضافت إن تنظيمها الوقت يسمح لها بالعمل ضمن الفرقة بشكل مريح، والتوفيق ما بين التدريب والدراسة الجامعية. مؤكدة أنها مستمرة في العمل مع الفرقة حتى النهاية، طالما أن هدف الفرقة الكبير يكمن في ملامسة وجع الناس والوقوف على إيجاد حلول لمشكلاتهم.
أما الشاب يوسف علي، وهو الأصغر في الفرقة ويدرس في السنة الأولى في كلّية التربية، فأكد أن انتسابه إلى الفرقة جاء على خلفية حبّه المسرح والتمثيل، إنما لا يهدف من مشاركته هذه استعراض إمكاناته ومواهبه فقط، لا بل يسعى إلى إيصال رسالة العرض السامية والهدف النبيل من ورائه.