«القاعدة» و«داعش»… أطفال أميركا المدلّلون

محمد أحمد الروسان

الولايات المتحدة الأميركية عسكريّاً ومخابراتيّاً واقتصاديّاً لم تغادر العراق الذي احتلّته لكي تعود إليه من جديد أصلاً وكتبنا تحليلات عديدة حول ذلك وبأكثر من لغة، ويمكن العودة الى الجنرال «غوغل» وصفحتنا على النت ، فهي تملك أكبر سفارة في الشرق الأوسط والعالم فيه، ولها قواعد عسكرية ذات حواضن في الجغرافيا والديمغرافيا العراقية، وعملت على هندرة وجودها الشامل فيه عبر الاتفاقية الأمنية الموقعة في عام 2008. أميركا صنعت الإرهاب وتحاربه أحياناً تكتيكيّاً، وأحياناً كثيرة تتحالف معه وتوظّفه وتولّفه خدمةً لمصالحها ورؤيتها. صنعت «القاعدة» بالتعاون مع السعودية في أفغانستان، وفي ما بعد حاربتها ثم تحالفت معها، وما زالت متحالفة في الحدث السوري، وصنعت «داعش» وأحسنت وتحسن توظيفه في الداخل العراقي، بالتنسيق والتعاون مع الاستخبارات السعودية والقطرية والتركية، انطلاقاً من استغلال الساحة العراقية للضغط ومزيد من الضغط على إيران كي تقدم تنازلات في تفاوضها المباشر الآن مع واشنطن، ثم لاستخدامه لاحقاً لاستنزاف إيران نفسها عسكريّاً، وكذلك لإضعاف تركيا لاحقاً، وشعر الأتراك الآن بأنهم تورطوا في التحالف مع «جبهة النصرة» و«داعش» وأقاموا لهم معسكرات تدريب في الداخل التركي لأجل استهدافهم لسورية، وتحدثت يوم الخميس الفائت بشكل مكثّف عن ذلك، وبالمعلومات، وشاركني الرأي الآخر الزميل الدكتور سليمان الطراونة على قناة «جوسات» الأردنية حول كيف استطاعت «القاعدة» و«داعش» اختراق جهاز الاستخبارات التركي عبر الضبّاط الذين أفردوا للتعامل والتنسيق مع «جبهة النصرة» و«داعش» في الحدث السوري، إذ انتقل الوباء العقائدي إليهم، وتحدثت عن تقرير الاستخبارات الإيرانية الى مجتمع الاستخبارات التركي وقبل زيارة روحاني الأخيرة بشهر الى إيران ومفاده: أنّ «جبهة النصرة» و«داعش» باتتا تشكلان خلايا نائمة في الداخل التركي وتخترقان الأجهزة الأمنية التركية نتيجة التنسيق الأمني المشرّع معهما عبر حكومة أردوغان لاستهداف الدولة الوطنية السورية قبل بداية الحدث السوري بعام، وأن إيران وواشنطن ونتيجة للقاء غيرمعلن وضعت الدولة الوطنية الإيرانية ما في جعبتها من معلومات استخبارية على طاولة اللقاء مع واشنطن، وعلى أثر ذلك أرسلت الولايات المتحدة الأميركية وفداً أمنياً عالي المستوى يرافقه مسؤولون من «إف بي آي» الى تركيا، وطلبت واشنطن من أنقرة وقف التنسيق مع «جبهة النصرة» و«داعش»، فوضعتهما تركيا قبل عشرة أيام على قوائم الإرهاب الأممي والإقليمي وقبيل الطلب من «داعش» في تحركاتها الأخيرة، وتحدثت عن «آفة جبل أحد» التي تعانيها المؤسسات الأمنية والمدنية في العراق ومؤسسة الجيش العراقي وجهاز مكافحة الإرهاب، وعن الفساد في المؤسسات الأمنية وعن المال القطري والسعودي ودفع الرشى لتسهيلات مهمات «داعش» و«فاحش» وعائلة «القاعدة» كلّها، وكيف فعل المال فعله في تقدم «داعش» مثلما فعل المال السعودي فعله في تقدم حركة «طالبان» أفغانستان و«طالبان» الباكستان آنذاك، وعن تساوقات السياسة الخارجية السعودية مع واشنطن حيال المنطقة، فخلاصة السياسة السعودية هي: سورية فلنخرّبها، وبغداد فلنفجّرها، لبنان فلنعطّلها، واليمن فلنصفعها، ويمكن العودة الى البرنامج «بكل جرأة» على قناة «جوسات» الأردنية بتاريخ 12 حزيران الجاري. وتناولت ذلك في 11 حزيران الجاري، الأسبوع الماضي، أيضاً على قناة «الحقيقة»، وفي 5 حزيران على قناة «الميادين»، ويمكن العودة الى المقابلات عبر مواقع التواصل الاجتماعي و«يوتيوب»، وأحاول قدر الإمكان الاشتباك مع جلّ هذا الموضوع المهمّ عبر هذا التحليل السياسي والإستخباري، ملخصاً أفضل الكلام.

ما يحصل في العراق عمليات كرّ وفرّ استخباريّة دولية وإقليمية بأدوات عراقية محلّية نتيجة فعل استخباريّ قذر على الأرض سرّعت واشنطن من خلاله تفعيل وجودها في الداخل العراقي وتهيئته لفعل مقبل ضدّ إيران وإزاء سورية ولاحقاً إزاء الدور التركي والسعودية نفسها، فأعلن روحاني وعلى وجه السرعة أنّ إيران ستحارب الإرهاب في الداخل العراقي والمنطقة والعالم، وهذا الإعلان الإيراني هو نتيجة لمعرفة مجتمع الاستخبارات الإيرانية بخطط الولايات المتحدة الأميركية ونواياها نحوها ونحو سورية ولاحقاً تركيا والسعودية نفسها أيضاً. إنّ ما يحصل في العراق لعبة أمم بأدوات عراقية محلية وبعض عربية وبعض غربية فإلى أين المفرّ؟

لماذا أينما وجد النفوذ الأميركي ونفوذ حلفائه الغربيين وجدت «القاعدة» ومشتقاتها ومعظم «الزومبيات» الإرهابية؟ من الذي جعل «القاعدة» وعائلتها في سورية والعراق أخطر وأعمق اللاعبين في المنطقة؟ من المنتج والأب الروحي لها؟ لماذا تقدّم العاصمة الأميركية واشنطن «دي سي» الجهد الحربي والجهد الإستخباري كدعم لمحاربة «القاعدة» و«داعش» في العراق ولا تقدمها إلى الدولة الوطنية السورية؟

لماذا تفتح خزائن السلاح الأميركي للعراق في محاربته «القاعدة» و«داعش» ولا تفتح لدمشق الرسمية، والأخيرة تحارب الجذور «القاعديّة» الإرهابية ذاتها المدخلة؟ ولماذا تقدّم صور الأقمار الاصطناعية التجسسية الأميركية إلى العراق، كنوع مساند للدعم اللوجستي لأماكن وجود «القاعدة» و«داعش» ومعظم «زومبيات» تلك العائلة الإرهابية، ولا تقدّم إلى سورية الرسمية، رغم أنّ الأخيرة تحارب منذ ثلاث سنوات جذور «القاعدة» وما تفرّع عنها ويتفرّع؟ لماذا يدفع مجتمع الاستخبارات الأميركي «داعش» و«الزومبيات» الأخرى في منهجية نحو الشمال اللبناني تحديداً الآن وبعض المخيمات الفلسطينية، ولماذا يُنقل «داعش» الى الداخل الأردني عبر ما يحصل في العراق؟

هل أضحت طرابلس لبنان حواضن اجتماعية لتلك «الزومبيات» الإرهابية حيث لا سلطة قانون فيها وتعاني عنفاً؟ وهل هي كذلك مخيمات اللجوء الفلسطيني في الشتات غدت حواضن لـ«القاعدة» ومشتقاتها؟ هل يدفع ذات المجتمع الإستخباري الأميركي «داعش» وإخوانه و«القاعدة» وأبناء عمومتها بالتوجه والتغلغل في الداخل الأردني، عبر تنشيط بعض الحواضن الجاهزة لاستقبال «القاعدة» و«زومبياتها» لخلق المشاكل واللعب بورقة الديمغرافيا السكّانية، مع انطلاق مفاوضات التقريب على المسار الفلسطيني «الإسرائيلي» كجزئية مهمة من معظم الصراع العربي ـ «الإسرائيلي»، وتمّ اختزال الأخير فيه كمسار ثنائي ومسألة ثانوية بحتة تحل فحسب بين رام الله و«تل أبيب»؟

الموقف الأميركي في ظاهره مرتبك ومتناقض على نحو واضح وصريح وعميق، وبحسب منطق البيت الأبيض الأعوج والمعوّج أنّ «القاعدة» و«زومبياتها» من «داعش» وغيره خطر كبير في العراق يجب إسقاطه، بينما في سورية الخطر ليس «القاعدة» و«زومبياتها» و«الدواعش»، بل النظام الحاكم والحكومة والنسق السياسي، فأيّ صفاقة ووقاحة أميركية؟! بل تبلورت هاتان الصفاقة والوقاحة لدى الولايات المتحدة الأميركية في تسليحها الطرفين في العراق، «القاعدة» ومشتقاتها و«داعش» ومشتقاته، وكذلك حكومة الرئيس المالكي.

من الزاوية الأميركية الصرفة، مسألة تسليح «القاعدة» ومعظم أفراد عائلتها من ناحية، والحكومة وجيشها من ناحية أخرى في العراق أمر لا يعتبر تناقضاً! بل هو كما أسلفنا، صفاقة وهبة حقيرة لصناعة الأسلحة الأميركية وعبر المجمّع الصناعي الحربي الأميركي.

فالبنتاغون و«سي أي إيه» ووكالة الأمن القومي الأميركي يضعون تصوّراتهم على الورق بعد تلقّيهم التعليمات من إدارة المجمّع الصناعي الحربي، فتعليمات الأخير من البلدربيرغ وقلبه المعتم جمعية الجمجمة والعظمتين ، ثم ينفذونها على أرض الميدان وعبر أدواتهم المحلية والإقليمية يخلقون مشكلة إرهابية، ثم يضعون وعبر الكونغرس الديمقراطي تشريعات تسمح للحكومة الأميركية بتزويد الأطراف المتصارعة كلّها سلاحاً، للتعامل مع ذلك المشكل الإرهابي، وهذا يعني الربح السريع ومن دون خسارة.

لأنّ «القاعدة» و«زومبياتها» و«داعش» و«دواعشه» الأخرى أطفال أميركا المدلّلون ، والأخيرة تخدم كإطار إيديولوجي متلون متحوّل مثل الحرباة، ومستعد للتدخل الأميركي الإمبريالي في الشرق الأوسط وما وراء الشرق الأوسط، ومرّت تلك العائلة الإرهابية الأميركية وتمرّ بعمليات استنباط وتحولات كثيرة، مع تغيرات مخادعة وماكرة إن لجهة الاسم أو لجهة الطريقة، وهي في الحقيقة صنيعة واشنطن وبعض مشيخاتها العربية، وتتقلّب بين كونها عدوّاً لما هو ملائم لمصالح البلدربيرغ وقلبه المعتم جمعية الجمجمة والعظمتين في بعض الدول، ووكيلاً لا يرحم للبلدربيرغ وقلبه المعتم في دول أخرى، للقيام بتفجير الأنسقة السياسية القائمة من الداخل سورية مثلاً ، فيصار إلى تغييرها إذ لا تتلاءم مع مصالح محور واشنطن «تل أبيب» ومن ارتبط به من بعض العربان والعرب.

لأنّ مشروع الطاقة الأميركي الضخم ترياق البلدربيرغ الأميركي وقلبه المعتم جمعية الجمجمة والعظمتين على سواحل سورية ولبنان وفلسطين المحتلة، أعاقه صمود الدولة الوطنية السورية وتماسك جيشها العربي العقائدي وتماسك القطاع العام في سورية، وذلك كله مع سند روسي كبير مدعوماً بسند صيني نوعي وعميق أيضاً، لكن بنعومة، وسند إيراني استراتيجي، أصاب الولايات المتحدة الأميركية «تكويع» سياسي لعلاقة ذلك بالطاقة وبعجلة الاقتصاد، وبدأت واشنطن «تتكوكب» من جديد حول «القاعدة» ومشتقاتها و«داعش» و«دواعشه» وتدفع بعائلتها الإرهابية هذه نحو لبنان والأردن وفلسطين المحتلة، وحتّى إزاء إسرائيل نفسها التي غدت عبئاً على جنين الحكومة الأممية البلدربيرغ فأعيد إنتاج الأخيرة من جديد عبر تفجير الائتلاف الحاكم فيها وهندسة منظومة حكم جديدة في إسرائيل ، لذا سارعت بعض وسائل الميديا «الإسرائيلية» الصهيونية أمس إلى القول إنّ ما يحصل في العراق سينتقل الى الأردن، ما يؤكد وجهة نظر حكومة دولة اسرائيل وإصرارها على الوجود العسكري في غور الأردن، كذلك قالوا إنّ خوف الاستخبارات «الإسرائلية» والإستخبارات العسكرية أنّ المستوطنين الثلاثة قد يكونون نقلوا الى الأردن.

والسؤال هنا: هل يلجأ بنيامين نتنياهو إلى خيار حل الكنيست والدعوة إلى انتخابات مبكرة تعرقل وصول ترياق الغاز والنفط الطبيعيين إلى القلب المعتم جمعية الجمجمة والعظمتين للبلدربيرغ الأميركي جنين الحكومة الدولية رغم انّه جزء من المحفل ذاته؟ وإلى حين نضوج الظرف الدولي والإقليمي للحل في المسألة السورية والمسألة الفلسطينية، وإنجاح الفوضى الخلاّقة على الساحة الأردنية عبر الولايات المتحدة الأميركية، مخارج تنفذ على الأرض لساحات أخرى؟

في المعلومات والخلفيات التاريخية، يعتبر السيد زبيكنيو برجينسكي مصمم مشروع العرب الأفغان الجهاديين ، والأخير قاد كمشروع ناجح إلى النمو المتفاقم للبنى التحتية لأفاق الأصولية الإسلامية المتطرفة وتحركاتها، عبر حركة طالبان في مواجهة السوفيات في أفغانستان وقبل نهاية الحرب الباردة.

جرت جلسات عصف ذهني في زمن غابر حول ما الأكثر أهمية من أي شيء آخر في العالم؟ حركة طالبان أم الإمبراطورية السوفياتية عهد ذاك؟ تحريك المسلمين وتحريضهم،أم تحرّر أوروبا المركزية ونهاية الحرب البادرة بين المعسكرين الغربي والشرقي في أوانه؟

بالنسبة إلى الأشخاص الذين تعوّدوا أن يدفعوا نفقات سياساتهم من جيوب الآخرين، ثمة بالطبع خطر ماثل لتكرار حدوث هذا الأمر كل نصف قرن تقريباً، لكن بالنسبة إلى الشعوب التي تعيش في المنطقة، فهي التي تدفع يومياً من جراء انتهاج هذه السياسات النفقات الباهظة من موردها البشري وتطورها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والفكري.

خلال نصف قرن تقريباً دفع الشرق الأوسط لمرتين متتاليتين الفاتورة الباهظة للصراع في أوروبا، وتمثل هذا الأمر أولاً في احتلال فلسطين التاريخية كلها، وتشكيل الدولة «الإسرائيلية» مثل «ديّة» عن دماء الضحايا اليهود الذين سقطوا في الحرب العالمية الثانية! ثم خلق مشروع جهاديي «العرب الأفغان» وكان هدفهم النهائي إسقاط سلطة الروس في الشرق ومركز أوروبا.

إنه الفيروس الذي زرعه برجينسكي، مفاخراً بأنه أحد أهم الإنجازات خلال توليه مسؤولية مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، فبعد اجتثاث نفوذ الإمبراطورية السوفياتية في أوروبا سرعان ما تحول إلى مرض فتّاك مزمن، ويشكل زعماء «القاعدة» الملا عمر وأيمن الظواهري فضلاً عن أسامة بن لادن قبل قتله، أول إصدار من هذا الفيروس، ويكفي أن نستذكر جرائم طالبان فحسب في وادي باميان في منطقة هزارهجات في أفغانستان، كي ندرك الطبيعة الخطيرة لهذا الإصدار من فيروس الأصولية الإسلامية المتطرفة.

لم يمضِ وقت طويل حتى راح فيروس برجينسكي يحصد أرواح المواطنين الأميركيين حوادث أيلول 2001 ، التاريخ يعيد نفسه مرة أخرى، وهذه المرة مع الجيش الأميركي المحتل الذي دخل أفغانستان، مكان الجيش الأحمر، لمواجهة العدو الذي صنعته أميركا نفسها سبحان الله، يا لها من مفارقة عجيبة غريبة.

كان لمشروع مكافحة الإرهاب تحت الشعار المعروف «من ليس معنا فهو ضدّنا» إصدارات وأجيال جديدة من فيروس الأصولية الإسلامية المتطرفة، وظهرت هذه الإصدارات في العراق بعد الغزو العسكري الأميركي له تحت عناوين الجهاد ضد المحتلين والكفّار، إذ قتل عشرات ألوف العراقيين الأبرياء، وهجّر الملايين منهم في أنحاء المعمورة .

الإصدارات الجديدة من فيروس الأصولية الإسلامية المتطرفة خطيرة جداً أكثر من السابقة، ويكفي أن نقارن إصدار نسخة «أبو مصعب الزرقاوي» مع إصدار نسخة «أيمن الظواهري»، عندئذٍ كم تحوّل وتطور هذا الفيروس بعد دخوله العراق إلى فيروس فتّاك مزمن متنقل بحريّة، وما يحصل في العراق من تفجيرات إرهابية بشكل يومي خير دليل على ذلك، وكيف فعّلت الاستخبارات السعودية والتركية أدواتهما في الداخل العراقي.

يجب الاعتراف بأن مشروع المجاهدين العرب حاول امتطاء القوالب والإيديولوجيات الفكرية المتجذّرة عميقاً في التاريخ الإسلامي لمثل ابن تيمية الذي يعتبر أن كفر الشيعة أكبر وأخطر من كفر المسيحيين واليهود ويحكم عليهم بالموت! وهل نمط تفكير شخصيات مثل الزرقاوي مختلف عن بعض فقهاء إسلاميين من السنّة يعلنون أن الشيعة جميعاً كفّار! ورحم الله الشيخ نوح القضاة عندما كان يسأل عن المسلمين الشيعة قائلاً: لنبحث عن القواسم المشتركة بيننا وبينهم، لنبحث عمّا يجمعنا لا ما يفرّقنا.

أليس اللحن نفسه تكفير كل الشيعة – الذي يسمع من فقهاء الوهابية السعودية الذين يعلنون أن قتل الشيعة والمسيحيين والعلويين أمر مباح، وأنّ المجاهدين الذين يقتلون في هذا الطريق يصبحون جلساء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الجنة!؟

الممتع في ذلك أن هؤلاء المجاهدين في سبيل الله لم يفعلوا حتى الآن فعلهم في فلسطين المحتلة، فلا «قاعدة» ولا «داعش» هناك، ولم يرموا ولو حجراً واحداً على جدار السفارة «الإسرائيلية» الصهيونية في بلدين عربيين، وهذا يظهر ماهية قياداتهم التي تتحكم فيهم وتسيطر عليهم عن طريق أجهزة استخبارات الدول تتعهد أنظمتها السياسية الحاكمة، تفعيلاً لمعاهدات موقعة، الحفاظ على آمن الكيان الصهيوني الطارئ على الجغرافيا والتاريخ في المنطقة.

أي فيروس يحتاج إلى ظروف مناسبة وبيئة حاضنة لاستمرار بقائه، والبيئة الحاضنة لفيروس التكفيريين تكمن في الحروب، بحسب مدّعي «الجهاد» في سبيل الله، وهذا ما صارت تستثمره أجهزة الاستخبارات المختلفة والمتحالفة بصورة مباشرة وغير مباشرة، مع محور واشنطن «تل أبيب» ومن ارتبط به من بعض العرب المتخاذل، إزاء الحدث السوري الآن، لكي تكون كل سورية محرقة لهؤلاء التكفيريين، كي تتخلص تلك الدول المصدّره لهم، بما فيها بعض دول الجوار السوري، من عبء استضافتهم. وسيصار الآن الى استخدامات قديمة جديدة في الداخل العراقي، والداخل التركي والسعودي لاحقاً، ضمن رؤية واشنطن الجديدة لاستنزاف إيران وتركيا والسعودية ومزيد من استنزاف سورية.

محام، عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية

www.roussanlegal.0pi.com

mohd ahamd2003 yahoo.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى