وزير الدفاع الأميركي: موسكو قد تتكبّد خسائر في الأيام القريبة في سورية
وسع الجيش السوري مسرح عملياته العسكرية التي أطلقها أول من أمس في ريف حماة، و تمكنت وحداته من فرض سيطرتها على أكثر من 70 كم2 من الأراضي التي كانت تحت سيطرة التنظيمات الارهابية.
وأطلق الجيش السوري فجر أمس بالتعاون مع وحدات من الحزب السوري القومي الاجتماعي «نسور الزوبعة» وحزب الله والدفاع الوطني، عملية عسكرية موازية بدأت من الريف الشمالي لمدينة اللاذقية، باتجاه الريف الشمالي الشرقي نحو سهل الغاب، حيث تمكنت الوحدات من السيطرة على تلال جب الأحمر الاستراتيجية المشرفة على ريف إدلب الغربي وواصلت تقدمها باتجاه تلال السرمانية.
كذلك سيطر الجيش على قرية كفر عجوز على محور سلمى في ريف اللاذقية الشمالي، وواصلت تقدمها باتجاه كفردلبة تحت غطاء ناري كثيف، في حين سيطرت الوحدات المتقدمة من سهل الغاب على قرية البحصة بعد التمهيد بالقصف المدفعي والإسناد الجوي الروسي، وتابعت تقدمها باتجاه المنصورة وتل واسط.
العملية سبقها تمهيد ناري كثيف من سلاحي المدفعية والصواريخ في الجيش السوري، كما شنّ الطيران الحربي والمروحي الروسي غارات على أهداف للمسلحين في قرى الزيارة وتل واسط والمنصورة وجب أحمر وسلمى وفورو.
ودمر سلاح الجو الروسي 27 هدفاً للمسلحين في ترتياح ودورين والمغيرية وسلمى وقواعد صواريخ «تاو» قرب الصفصافة وملاجئ محصنة قرب عرافيت ومعسكرات تدريب قرب المغيرية وترتياح والسنديان ودويركة، أدت إلى تدمير منشآت وملاجئ قرب وادي حزيرين في منطقة الغابات.
وأكد مصدر عسكري سوري في ريف حماة: «أن الجيش السوري يعمل في عملياته الأخيرة على
فصل ريف إدلب الجنوبي شمال غربي عن ريف حماة الشمالي»، مضيفاً أن الجيش يسعى إلى «تأمين طريق دمشق حلب الدولي» الذي يمرّ عبر حماة و«المغلق حالياً بسبب العمليات العسكرية».
وكان العماد علي عبد الله أيوب رئيس هيئة الأركان العامة في الجيش السوري أعلن صباح أمس بدء عملية عسكرية بهدف القضاء على التنظيمات الإرهابية في المناطق والبلدات التي عانت من الإرهاب وويلاته وجرائمه.
وأكد العماد أيوب أنه بعد الضربات الجوية الروسية التي خفضت القدرة القتالية لـ«داعش» والتنظيمات الإرهابية الأخرى، فقد حافظت القوات المسلحة السورية على زمام المبادرة العسكرية وشكلت قوات بشرية مزودة بالسلاح والعتاد كان أهمها الفيلق الرابع اقتحام.
وفي السياق، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن طيرانها نفذ ليلة الأربعاء على الخميس 8 تشرين الأول 22 طلعة في سورية، وجهت خلالها ضربات إلى 27 موقعاً للإرهابيين.
وقال المتحدث باسم الوزارة اللواء إيغور كوناشينكوف إن القاذفات الروسية هاجمت 8 مواقع للمسلحين في محافظة حمص، ما أسفر عن تدمير حصونهم بالكامل، مضيفاً أن الطائرات الروسية وجهت ضربات على 11 منطقة تقع فيها معسكرات تدريب لتنظيم «داعش» في محافظتي حماة والرقة، وتم تدمير البنية التحتية الخاصة لتدريب الإرهابيين.
وأوضح كوناشينكوف أن القصف الدقيق بقنابل خارقة للخرسانة المسلحة أدى إلى تدمير مخابئ للمسلحين تم اكتشافها سابقاً بواسطة الاستطلاع الفضائي في منطقة بلدتي سلمى وعرافيت.
وأضاف أن الاستطلاع الجوي كشف أيضاً قاعدة لـ«داعش» مخفية في الغابة وتم تدميرها لاحقاً بهجوم نفذته طائرتان من طراز «سوخوي- 25».
وذكر المتحدث أن ادعاءات ممثلي بعض وزارات الدفاع الأجنبية حول عدم فعالية الغارات الروسية لا أساس لها. وقال: «نحن على علم بأن نقادّنا يرون موادنا ويحللونها ويعرفون حجم الخسائر التي نكبدها لداعش في هذه المنطقة. لكنهم يلتفون على الحقيقة مردّدين عبارات مثل: لا نصدقكم أو عملياتكم غير فعالة».
وأشار إلى أن الوزارة تنشر يومياً تقارير عن عملياتها ضد «داعش» مع تحديد أماكن توجيه الضربات وتقديم بيانات المراقبة المستقلة عن تدمير مخازن ذخائر ومعامل لتصنيع أسلحة ومتفجرات يستخدمها انتحاريون.
وقال كوناشينكوف: «أود أن أقول لنقادنا: أيها السادة، لقد قمتم بقصف مواقع «داعش» في هذه المنطقة خلال أكثر من سنة، لكن أين النتيجة؟ فقد اتسعت مساحة الأراضي التي يسيطر «داعش» عليها في سورية والعراق أضعافاً مضاعفة».
إلى ذلك، أكد دميتري بيسكوف الناطق باسم الرئيس الروسي أن الضربات الجوية التي يشنها التحالف بقيادة واشنطن على مواقع «داعش» في سورية منذ ما يربو عن عام، لم تؤد إلى إضعاف التنظيم على الإطلاق.
وقال تعليقاً على الاتهامات التي توجهها واشنطن إلى موسكو بأن الأخيرة لا تركز خلال حملتها الجوية في سورية في ضرب مواقع «داعش»، وأضاف: «علينا أن نتذكر أنه قبل بدء عملية القوات المسلحة الروسية لدعم الجيش السوري، كان التحالف الذي يضم دولاً عديدة بقيادة الولايات المتحدة، قد واصل منذ أكثر من عام، توجيه الضربات على مواقع وصفت بأنها تابعة لـ«داعش»، لكن ذلك لم يؤدّ إلى تقليص الأراضي الخاضعة لسيطرة هذا التنظيم والتنظيمات الإرهابية الأخرى».
وأردف: «على العكس، توسعت مساحة هذه الأراضي الخاضعة لسيطرة داعش أضعافاً خلال السنة الماضية، وهذا ما يزعزع الوضع في سورية نفسها ويمثل خطراً على تركيا».
وأكد بيسكوف أن موسكو تقدر العلاقات الثنائية بين روسيا وتركيا، وقال: «بالطبع أُبلغ الرئيس بتصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. ونحن نقدر علاقتنا الثنائية مع جمهورية تركيا، ونأمل باستمرار تطور وازدهار هذه العلاقات بموجب الخطط التي حددها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس أردوغان».
وجاءت تصريحات الرئاسة الروسية بعد الموقف التركي من اختراق مقاتلتين روسيتين مطلع الأسبوع الماضي للمجال الجوي التركي خلال حملتها الجوية في سورية، لتأكد موسكو بذلك حرصها على العلاقات الثنائية بين البلدين.
وأضاف المتحدث الروسي أن الحملة العسكرية الروسية في سورية تساهم في تحقيق الأمن والاستقرار للمنطقة وبخاصة على الحدود التركية، في حين أكدت وزارة الخارجية الروسية أنها لا ترى أي أسس لتدهور العلاقات بين روسيا وتركيا بما في ذلك العلاقات الاقتصادية.
وأكدت ماريا زاخاروفا الناطقة باسم الوزارة أن جميع الخطوات التي تتخذها موسكو على المسار السوري تستهدف المساهمة في التسوية السياسية بالبلاد.
وأضافت أن الجانب الروسي تلاحظ أن وسائل الإعلام الغربية بدأت تتحلى بموضوعية أكثر لدى تغطية العملية الجوية الروسية في سورية، لكن ما زالت هناك محاولات لتشويه أهداف روسيا في سورية والخطوات التي تتخذها في سياق تحقيقها.
واعتبرت الدبلوماسية الروسية أن الهدف وراء جميع هذه المحاولات يكمن في إثارة شكوك حول مدى تمسك روسيا بمهمة القضاء على بؤرة التطرف والإرهاب الدوليين، وقالت إن «جميع الخطوات التي تتخذها روسيا على المسار السوري ترمي إلى المساهمة بالتسوية السياسية في البلاد».
وأكدت زاخاروفا أن إدراك أبعاد الخطر التي يمثله تنظيم «داعش» والذي يهدد الجميع، يمهد الطريق لاتخاذ خطوات جماعية وفعالة ضد الإرهابيين. وشددت على انفتاح روسيا على التعاون في مكافة الإرهاب، لكنها أصرت على ضرورة أن تعتمد مثل هذه الجهود المشتركة على الوفاء بمبادئ القانون الدولي قائلة: «هذا الإدارك لأبعاد الخطر التي توصل إليه كثيرون بينهم دول مما يسمى التحالف، يعطي مقدّمات للانتقال إلى اتخاذ خطوات جماعية وفعالة حقاً… إننا منفتحون على ذلك، ولا يوجد ما يمنعننا من التعاون».
كما شدّدت زاخاروفا على عدم استخدام سلاح الجو الروسي في سورية إلا في محاربة الإرهابيين الدوليين. وأردفت: «في ما يخص الأولويات التي تضعها روسيا نصب عينها، فيدور الحديث عن تعزيز المؤسسات الحكومية في سورية وتنظيم جهود جماعية لمكافحة الإرهاب».
ونفت الدبلوماسية قطعاً الأنباء التي تحدثت عن سقوط ضحايا مدنيين جراء الغارات الروسية، ووصفتها بالأكاذيب، وأضافت أن الجانب الروسي أبلغ جميع الشركاء الإقليميين بأن القوات الجوية الروسية في سورية تُستخدم حصراً لمكافحة الإرهابيين الدوليين، وتحديداً مسلحي تنظيم «داعش» والجماعات الإرهابية الأخرى.
وأوضحت: «في ما يخص أولئك الذين لا يتعاونون مع التنظيمات الإرهابية، فلا يوجد شيء يهددهم. على العكس، تدعو روسيا جميعهم إلى العمل المشترك من أجل تسريع العملية السياسية ومكافحة الإرهاب».
وأكدت زاخاروفا انفتاح روسيا على التعامل مع هذه الأطراف كافة، مؤكدة أن موسكو لم تحاول أبداً تحديد من هو على حق ومن هو على باطل في الأزمة السورية.
وقال وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر أمس، إن بلاده لن تتعاون مع روسيا في سورية ما دامت الأخيرة تدعم قوات الجيش السوري.
وأضاف كارتر في اختتام اجتماع لمجلس حلف شمال الأطلسي أنه «بدلاً من أن تشجع روسيا الانتقال السياسي للسلطة في سورية اختارت طريق دعم الأسد، ولن تتعاون الولايات المتحدة معها ما دامت تدعم هذا التوجه الخاطئ».
وأشار كارتر إلى أن الإجراءات الروسية في سورية لن «تتمكن من تشتيت نظر الولايات المتحدة عن الأوضاع في أوكرانيا»، مضيفاً أن موسكو قد تتكبد خسائر في الأيام القريبة بسورية.
وقال إن الولايات المتحدة ستستمر في التشاور مع روسيا في ما يتعلق بأمن الطيران في سورية، مبيناً في الوقت نفسه أن الصواريخ المجنّحة التي أطلقتها روسيا على مواقع لـ«داعش» الأربعاء من دون إبلاغنا مسبقاً «حلقت على بعد أميال عدة من طائرات أميركية من دون طيار في سورية » وأكد: «نحن نعتبر أن إجراء روسيا هذا ليس مهنياً».
وأضاف أن الولايات المتحدة تعتبر أيضاً اختراق الطائرات الروسية للمجال الجوي التركي والذي يعتبر مجالاً جوياً لحلف الـ»ناتو» غير مهني كذلك.