هل نقرأ النجوم؟ أو ما بين السطور؟

شهناز صبحي فاكوش

ما الذي يحدث في العالم؟ هل اختلطت الأوراق؟ هل على المرء أن يتعلم قراءة النجوم… أم لا بدّ أن يكون على درجة عالية من الفطنة ليقرأ ما بين السطور؟

من هي المعارضة السورية؟ من هي «المعارضة المعتدلة»؟ كيف يمكن قراءتها… ما هو مفعول الحضور الروسي الحليف في سورية؟ كيف هو التحالف الأميركي الوهابي؟ لماذا تصعّد «إسرائيل» شراستها في الداخل الفلسطيني؟

كيف نفرّق بين الصهيوني العربي المندسّ بيننا، والواضح على عرشه، وبين الصهيوني المحتلّ، والمعتدي على الضفة والقطاع؟ كيف يعيش اليهودي التناقضات داخل فلسطين المحتلة، وهل ما يحدث في القدس يهتمّ له حكام العرب والمسلمون؟

هل ظهرت آثار النفاق العربي والقيادات العربية المزيّفة، وهل حقاً يريد العرب حلّ الأزمة السورية؟ أميركا هل يعنيها استقرار سورية؟ ولماذا السعي إلى لبننة سورية أو صوملتها؟ هل يهتمّ الغرب بالهدوء والأمان ليعودا للوطن العربي وخلاصه؟

ما مبرّر قلق السعودية من الغارات الروسية السورية على «داعش»، ولِمَ يقضّ مضجعها تمسك السوريين برئيسهم بشار الأسد، ولِمَ تشهر عداءها له أمام الرئيس بوتين، الذي يعلن بأنّ هذا شأناً سورياً، ويهمّ السوريين وحدهم.

لماذا تستشري السعودية في إغراق اليمن بالخراب والدمار…؟ هل لتثبت وجودها لأنّ دورها الوظيفي بدأ ينتهي، بعد فشلها مع «داعش» في إسقاط سورية الدولة. أم لإلهاء الرأي العام، واستقطاب الإعلام بعيداً عن تهويد القدس والأراضي الفلسطينية.

هل التنسيق السوري الروسي العراقي الإيراني يغيظ أميركا وحلفاءها وعملاءها في المنطقة، ويقلق «إسرائيل»؟ هل يمكن إعادة تفعيل غرفة موك في الأردن؟ وماذا يمكن أن تفعل خلية الصقور العراقية، بعد استهداف موكب البغدادي، ومقتل كثير من القياديين.

أسئلة كثيرة مشروعة، لا تزال تجول في ذهن المواطن في سورية، وحتى العربي، من ابتعد عن الارتهان للغرب، وبقي صامداً على أرضه. ألا نحتاج إلى عمل كبير للخلاص من الإرهاب، في سورية والمنطقة، وهي الوحيدة التي تواجهه.

هل تكفي الضربات الموجعة لـ«داعش» في سورية، هل بدأت «داعش» تفقد السيطرة على جماعاتها… كم يمكن أن يؤثر قتل قياديين لـ«داعش» في العراق، من قبل خلية الصقور التي تتبع للداخلية العراقية، على خلخلة صفوف عناصره.

كيف يمكن الإجابة عن كلّ هذه التساؤلات؟ من أين يمكن البدء؟ هل أضاع العرب بوصلتهم؟ هل سيبقى العقل العربي في نزهة وهل ستطول نزهته هذه؟

الصمود السوري لخمس سنوات، كيف أعان إيران لإنهاء عوالق ملفها النووي، وجعلها دولة يحسب حسابها إقليمياً، وعالمياً، والإقرار الأميركي بفشل سياساته في الحصار الاقتصادي عليها، بعد فشله على كوبا لخمسين عاماً؟

كيف أعطى الصمود السوري روسيا الثقة بنفسها، لتدخل في ثلاثة فيتوات مع الصين لصالح سورية، لتكون أولى الخطوات الواضحة نحو استعادة ملء الفراغ الذي حصل بانهيار الاتحاد السوفياتي، والإقرار بأنها دولة عظمى، وإعلان نهاية القطب الواحد؟

الصمود السوري عرّى السياسة الأردوغانية وأسقط عنها ورقة التوت، هل الفشل في المنطقة العازلة هو سبب نقمته على شعبه، بعد فشله في إغراق عين العرب السورية، بالحريق الذي أشعله، ما جعل المعارضة التركية تقف في وجهه بقوة؟

هل مشاركة المقاومة اللبنانية للجيش العربي السوري تكفي لتعزيز قوته، أم سورية بحاجة لجهود الشرفاء، وخبرة الأصدقاء، ومساعدة الحلفاء عسكرياً، للقضاء على الإرهاب، والوصول إلى الحل السياسي بمساندة الأوفياء؟

الصمود السوري وحده منح أبناء المنطقة وأصدقاءها القوة، وهو الذي يرسم أسباب النصر الآتي، صمود أسطوري، علّم كلّ من تعاطى مع سورية أنّ الصبر والصمود هما أصل الانتصار، لسنا بحاجة إلى تعلّم قراءة النجوم… ولن نضرب بالرمل…

فقط علينا التفكير والتركيز وقراءة ما بين السطور لكشف أسرار المؤامرة، وهذا ما أكده الرئيس بشار الأسد منذ بداية الأزمة السورية، حين كشف أنّ مؤامرة تستهدف سورية الوطن، وما علينا إلا التماسك والصمود للحفاظ على بلادنا.

في كوامن كلّ سؤال مشروع جواب شافِ وأكثر. ما دامت فلسطين هي البوصلة لسورية كان لا بدّ لها من دفع الثمن، لأجل أمن «إسرائيل»، ما دامت تقول لا، ولا ترتهن لأحد، لا بدّ من النيل منها، وذلك ليس بجديد.

منذ لجنة بيكر ـ هاملتون… بعد فشل كيسنجر بربط سورية بأشباه «كامب دايفيد»، و«أوسلو» و«وادي عربة»، كان لا بدّ من إضعاف سورية، بعد احتلال العراق وتفكيكه، وانقطاع الطريق على المحتلّ، باتجاه سورية، كان لا بدّ من ضرب سورية، لن تأمن «إسرائيل» إلا بذلك.

لكن أوراقهم اختلطت، وحساباتهم أخطأت، ورهاناتهم خسرت. الصمود الأسطوري السوري أوقعهم في شرّ أعمالهم، صمود لأكثر من عامين لوحدها ولم تُغلب. أعانتها بعدها المقاومة كما فعلت هي لها قبلاً، فازدادت صموداً.

حين أدرك الأصدقاء، أنها ستظلّ صامدة مهما غلت التضحيات، وأنّ قوة الجيش فيها وإرادة الشعب أفشلت كلّ المؤامرات، والشهيد فيها يقضي واقفاً كأشجارها، وقفوا إلى جانبها، فهي تستحق البقاء كما عاشت دائماً، واحدة في أرضها وشعبها وجيشها.

رغم أنف الغزاة ومن وراءهم، رغم أنف العملاء برخص أثمانهم، رغم التغريب والتهجير والقتل والتنكيل، باقية هي، ولن تنسى، ثأرها في قلبها، صامدة هي لتبني مستقبلها، كما بنت حاضرها المستهدف. لكن الألم علّمها كيف تحافظ عليه.

قالها الرئيس بشار الأسد مرةً، ونكرّرها معه دائماً… ثمن الصمود مهما عظُمَ، يظلّ أقلّ كلفة من ثمن التخاذل، ففي الصمود عزٌّ وفخارٌ ونصر…

لله درك من رجل… هل أدرك العالم لماذا يحبك شعبك ويتمسك بك؟ لكنك لن تسمع من ماتت منهم القلوب، وتبلّدت العقول، أما الواعون فلن تهون عليهم سورية ولا هم يهونون.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى