من قزوين… إلى أين؟
لؤي خليل
منذ بداية الأزمة السورية والحرب اللامتوازنة لا من حيث الأدوات ولا الضخّ الإعلامي او حتى في الضخ البشري الوهابي الإرهابي من كافة أصقاع الدنيا. تبدّلت اوجه الحرب وتناثرت قذائف الحقد الطائفي الإعلامي خليجياً وغربياً، وحدهم اختلقوا حرباً قبل ان تبدأ على الأرض، ابتدعوا ربيعا أزهر فراخاً وهابية لا تعرف سوى لغة الموت، ظنوا انّ مصطلحاتهم والحرب التي ستخرق جدار الحلف المساوم ستبث سمومها في الجسد العربي قاسمة ظهر كلّ دول الحلف المقاوم. وحدهم كانوا يخترعون المعارك ويصنفون انتصاراتهم وفقط إعلامياً حتى كاد القريب والبعيد يعتقد انّ سورية لم تعد موجودة على الخارطة، ولم يعد هناك ايّ أثر للجيش العربي السوري! هذه الكذبة أصبحت لديهم كمن تكلم بها وصدّقها وعمل بها. وحدهم الحلفاء كان لديهم الواقع وحوّلوا النصر الى واقع، حتى التأخر في منطقة أو مناطق كان واقعاً معترفاً به، ولكن كلّ هذا وذاك كان تحت المجهر الروسي وبداية رؤيته العملية كانت بإسقاط صواريخ الكروز الأميركية في زمن انتزاع الأسلحة الكيماوية السورية.
ذُهل الأميركي ووقف الأوروبي غير مصدق، فاختلقوا الأزمة الأوكرانية والعقوبات الاقتصادية، ظنوا انّ الخيال الإعلامي والضيق الاقتصادي والمخاوف الأمنية الروسية ستنهك الكرملين وتقزّم تحركاته ليعيد حساباته وينكمش من جديد داخل شواطئ بحر قزوين. فالغرب المتبدّل كمسؤوليه نسي أنه في خريف السياسة والاستراتيجية، والدفع الروسي منذ حرب تموز والدعم اللامحدود للحلف المقاوم، وصولاً الى الفيتو المضاعف دعماً للحليف السوري، الى ملف إيران النووي وقوفاً عند صواريخه الأخيرة، كلّ هذا كان رسماً واقعياً، له مؤسساته وراسمو أبعاده. فالصوت الاستراتيجي للقيادة السورية منذ إعلان نظرية البحار الخمسة والتحالف المقاوم وصولاً الى كلام الرئيس الأسد عن ضرورة تعزيز التواجد العسكري الروسي في شواطئ المتوسط السورية، كلّ هذه الأبعاد وما تبعها من مقرّرات شنغهاي وخط السيل الروسي الذي لربما رسمت خطوطه الصواريخ الروسية العابرة للبحار وربما للمحيطات.
كلّ هذه المؤشرات الواقعية الروسية والتي فاجأت في مداها وخطوطها الغرب خصوصاً الذي كان أمام الخنوع الاميركي الغير مسبوق والذي لم يكن يتوقع مدى الصراحة الروسية في دعم القيادة والجيش السوري. فالغرب المثقل بالوعود الاميركية والتي صدقت كذب الوعيد المتبدّل بأسرع من واقع البراغماتية الاميركية، والتي حتى ساستها لربما وقعوا في فخ التناقض او تصيّد ما يّسمّى تنظيم «داعش» الارهابي والذي ينمو على الإنعاش الاميركي تارة بالخطأ ومرة بالإصابة، ظنوا أنّ البدع الإعلامية والخرف الوهابي ومالهم الحاقد سيغيّب الأقمار الروسية عن الحقائق، والتي سيكون وقعها أكبر من «ويكيليكس»، نعم ويكيلكس روسية ستقلب الطاولة وستعيد الميزان الى المربع الدولي، كلّ هذا وما خلفته البدع الغربية من مجموعات ارهابية ما يسمى معتدلة واخرى منغمسة وإسقاطاتها الفاشلة.
كلّ هذه الديباجات كانت تحت واقع الرصد الروسي، وهذا ما تؤكده دقة الأهداف التي رسمت والتي تصوّب والتي تنفذ من خلف البحار. فالغرب والاميركي ضمناً ذهل لأبعاد التدخل الروسي، وفشل هذا الغرب الذريع في خلق رادع او مبرّر لرفض التدخل لن يجد ايّ آذان تصغي، فطيرانه يخرق خارج القانون الدولي، وارهابه يعيث قتلاً في الارض السورية، فجميع الاوراق التي بات يمسك بها القيصر الروسي تجعله لا يأبه لحربهم الإعلامية الوهمية كـ»جيشهم الحرّ» الفاشل على الأرض الذي بات اشدّ إرهاباً.
هذه الاوراق التي تملك دقة التحرك والتنسيق في أكبر الغرف الاستخبارية، الروسية والايرانية والسورية والعراقية. فمشوار الصواريخ الجديدة تحت قاعدة الكماشة الروسية الجديدة التي صنعت مساراً كاسراً لجدار الصمت التاريخي الوهمي الذي تكاسل الغرب في دعمه واقعياً، لتأتي صواريخ بحر قزوين تكسر القواعد التي رسمتها آخر الحروب العالمية ظناً منهم انّ الانكفاء الروسي طغى للأبد.
فالروسي لم يعد يحتاج الأجواء التركية او البلغارية وغيرها، فنظرية البحار قائمة والحليف الصيني يحمي الظهر اقتصادياً والايراني يفتح المجال لأقوى ترسانات التسلح الروسي العسكرية وربما الاقتصادية عبر خط سيل قد يصل الى المتوسط عبر سورية، والأحلام الغربية ستسقط والأميركية ربما تحصل كعادتها على صكوك براءة لها تدعم تحصل على زاوية في مائدة الكبار الجدد، ليخرج الحلف المقاوم ومن خلفه الداعم الروسي الصيني ليرسم واقعاً موجوداً يجسّد قوة قد تكتب ولادة واقع لا أبعاد لحدود بحاره قد تصل الى مصر، ولا ندري الاستراتيجيات الروسية ودقة اصابتها إلى أين تصل… الى اين واين…؟