ملتقى التصوير الزيتيّ الثالث ينطلق في قلعة دمشق تحت عنوان «سورية جسر المحبة»

دمشق ـ محمد سمير طحّان

انطلق ملتقى التصوير الزيتي الثالث «سورية جسر المحبة» في قلعة دمشق بمشاركة اثني عشر فناناً تشكيلياً من الأسماء البارزة في الحركة التشكيلية السورية. وفي حديقة القلعة الداخلية، اختار كل فنان زاوية ليعمل فيها على إنجاز عملين خلال عشرة أيام، فقدم كل منهم تجربته الفنية الخاصة من خلال هذه الأعمال التي ستقتنيها وزارة الثقافة في نهاية الملتقى.

الفنان التشكيلي عماد كسحوت، مدير الفنون الجميلة في وزارة الثقافة، يقول: «دعونا اثني عشر فناناً تشكيلياً من الأسماء البارزة في سورية إلى هذا الملتقى لتقديم رسالة إلى العالم بأن بلادنا كانت منذ آلاف السنين تصدر الفن والحضارة للدنيا وما زالت اليوم بفنانيها قادرة على تقديم هذا الزخم الفني والحضاري للإنسانية» مبيّناً أن الفنان السوري استطاع بموهبته ومخزونه الحضاري أن يثبت جدارته على مستوى العالم فاستحق مكانته المرموقة. ولفت كسحوت إلى أن الملتقى يقول من خلال عنوانه «سورية جسر المحبة» إن بلدنا ملتقى الفن والحضارة للإنسانية جمعاء، ويعتبر تجسيدا لاستمرار العمل والحياة في سورية رغم الأزمة الصعبة التي نعيشها، فكل فنان سينجز خلال فترة المعرض أعماله ليعبر عن تجربته الفنية وأفكاره من دون تدخل من المديرية في المواضيع أو أسلوب الأعمال الخاص.

وأوضح كسحوت أن الفنان السوري بطبعه إنسان محب، لذا ستكون الأعمال المنجزة رسالة محبة للعالم، مؤكداً أن اختيار الأسماء المشاركة تم من خلال انتقاء تجارب فنية متنوعة ومن أعمار مختلفة، مع مراعاة عدم تكرار أسماء شاركت العامين الفائتين في الملتقى.

من ناحيته، يرى التشكيلي باسم دحدوح أن أهمية هذا الملتقى هي في إثبات قدرة الإنسان السوري على الحياة، وأن الفنان السوري ما زال قادراً على تقديم صورة إبداعية وجميلة تعبر عن المخزون الحضاري للشعب السوري، بعيداً عن صورة الموت والدمار التي أراد أعداء سورية أن تكون عنوان بلدنا. وأضاف أن مشاركته في الملتقى تخلق لديه حواراً جميل مع زملائه من الفنانين بعد تباعد بسبب الظروف الصعبة، موضحاً أنه سيعمل على تقديم عمل ثلاثي ذي علاقة بدواخل الإنسان وبأسلوب تعبيري، وأنه لا يحدد صورة نهائية لعمله قبل أن يبدأ به بحيث يترك الحالة الحسية تأخذه إلى أمكنة متنوعة لتنتج في النهاية عملاً معبراً عنه بصدق كفنان.

الفنانة التشكيلية أسماء فيومي تقول: «إن الملتقى مهم جداً في هذا الوقت كون الفنانين السوريين مروا في ظروف صعبة منذ بداية الأزمة، وكانوا يرسمون إحساسهم الحزين تجاه بلدهم سورية»، مبينة أن طريق الانتصار لسورية بدأ يرتسم واتضحت انفراجات في الأفق، لذا يأتي هذا النشاط نوعاً من التعبير عن مشاعر التفاؤل والاستمرار في العمل. وتؤكد أن تجمع هذا العدد من الفنانين سينتج أساليب متنوعة ومواضيع مختلفة لكنها تعبر في النهاية عن هم الإنسان السوري. وتوضح أنها ترسم بطريقة تعبر عمّا يعتمل في داخلها، لذا هي لا تملك فكرة محددة للعمل وستترك للوحتها أن تتفاعل مع إحساسها الداخلي.

وترى فيومي أن إقامة الملتقى في مكان تاريخي جميل مثل قلعة دمشق يخلق اختلاطاً في الإحاسيس لديها، ما يولد شعوراً بالسعادة يمكن أن ينتج منه أسلوب جديد في عملها.

الفنان التشكيلي أحمد أبو زينة يشير إلى أهمية العمل في هذا الظرف الصعب الذي نعيشه وزيادة الملتقيات الثقافية من سائر المشارب الأدبية والفنية/ فالإنسان السوري في حاجة إلى فسحة من القيم الحضارية والتعامل مع قيم جمالية وثقافية راقية. ويرى أبو زينة أن اختيار قلعة دمشق كمكان للملتقى عامل محرض للفنان ويشعره بالقرب من الناس وطلاب الفنون، ما ينعكس على مزاجه أثناء العمل، مبيناً أن مدة الملتقى كافية لإنجاز العمل الذي سيقدمه بأسلوبه التجريدي المألوف. ويؤكد أن الازمة لم تؤثر في عمله الفني أو أسلوبه فظل عمله مستمرا وشارك في عدة معارض داخل البلد وخارجه، منوّهاً مبينا أهمية الاستمرار في العمل في مناحي الحياة كافة لنكون إيجابيين في هذه الأزمة ونخرج منها بأقل خسارة ممكنة.

الفنان التشكيلي برصوم برصوما يعتبر الملتقى رسالة إلى العالم أن الحياة في سورية تسير بشكل طبيعي وأن الانسان السوري في بحث دائم عن القيم الجمالية والثقافية، كما أنه فرصة للتعرف إلى فنانين سوريين مهمين. ويوضح أن المساحة البيضاء التي تشكلها اللوحة ستتفاعل مع ذاكرته وأرشيفه البصري، ما ينتج عملاً فنياً في النهاية يرضى عنه، مبيناً أن مدة الملتقى غير كافية له لإنجاز لوحته لذا يدخل في تحد مع ذاته قد ينتج منه أسلوب عمل جديد.

أما الفنان التشكيلي اسماعيل نصرة فيقول: «إن فكرة تنشيط الفنون كالتصوير والنحت من قبل مديرية الفنون الجميلة من فترة إلى أخرى عبر مثل هذه الملتقيات هي جهد مفيد وتعتبر إنجازاً في هذا الوقت الصعب، مؤكداً أهمية إتاحة مثل هذه الفرص للفنانين للخروج من العزلة التي رافقت الفترة الماضية لمعظمهم وليدخلوا مجدداً في علاقة جميلة مع لوحاتهم». ويرى نصرة أن المشاركة في أي نشاط فني أو ثقافي في هذه الفترة يعتبر تحدياً للفنان كي يقدم عملاً فنياً يحمل قيمة ويستحق مشاهدة الناس له، لافتاً إلى أن العمل الذي سيقدمه يحاكي أسلوبيته التعبيرية المألوفة إنما على نحو معدل في اللون والتكوين مع إدخال كتابة في اللوحة بعيداً عن أسلوب اللوحة الحروفية للتعبير عن مشاعر داخلية خاصة حيال دمشق التي هي حصن سورية.

عبّر عدد من طلاب معهد الفنون التطبيقية الذي يستضيف هذا الملتقى عن سعادتهم بمشاهدة الأعمال تنجز أمامهم فقالت الطالبة مريم الجراح اختصاص خزف سنة أولى : «إن إقامة الملتقى أمام أعيننا يتيح لنا كطلاب التعرف إلى تجارب فنانين سوريين مهمين، ما يزيد من مخزوننا البصري الفني ويتيح لنا الحوار معهم واكتشاف آفاق معرفية وفنية مهمة». أما الطالب شاهر اليوسف اختصاص نحت سنة ثانية فيقول: «إن مشاهدة اللوحة تنجز أمامنا فرصة مهمة لنا كطلاب، وهذا يزيد معرفتنا ويفتح آفاقا فنية جديدة لنا ويتيح الإفادة من خبرات من خارج المعهد ويخفف الكثير من الضغط علينا خلال فترة الامتحانات».

يضم ملتقى التصوير الزيتي مجموعة من الفنانين التكشيليين هم: غسان السباعي، باسم دحدوح، طلال معلا، أحمد أبو زينة، سائد سلوم، يوسف البوشي، وليد الآغا، برصوم برصوما، أسماء فيومي، زهير حسيب، سوسن الزعبي واسماعيل نصره.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى