«خطة شهيّب» لمكبّ سرار… غير قابلة للصرف

يوسف الصايغ

لا تزال خطة وزير الزراعة أكرم شهيّب المتعلقة بأزمة النفايات والتي تتضمّن في أحد بنودها إقامة مطمر في منطقة سرار الواقعة في سهل عكار تجابَه بالرفض من قبل أهالي المنطقة، الذين تعرّضوا قبل أيام للرصاص الحيّ أثناء منعهم الجرافات من إكمال عملها لفتح طريق لربط المكب بأوتوستراد العبودية، حيث أقام الأهالي اعتصاماً مفتوحاً في خيمة نصبوها على طريق العبودية – منجز عند مدخل مكب سرار.

ويؤكد الناشطون من أهالي المنطقة المحيطة بمنطقة سرار انهم لن يتراجعوا عن موقفهم الرافض مهما اشتدّت الضغوط عليهم من قبل وزير البيئة والجهات السياسية عليه في ظلّ حديث عن سعي المشنوق للاجتماع مجدداً بالأهالي لمحاولة إقناعهم، في المقابل يؤكد الناشطون في حملة رفض المطمر انهم لن يلبّوا أيّ دعوة للاجتماع مع الوزير، خصوصاً في ظلّ التقاعس عن حمايتهم من مطلقي النار، وعدم تأمين وصول فريق من الخبراء البيئيّين الى المكب لتقييم الأخطار الناجمة عن رمي النفايات.

وفي ظلّ مطالبة أهالي المنطقة المحيطة بالمكب الحكومة بالتراجع عن قرار إقامة المكب بسبب الأضرار التي ستنجم عنه صحياً وبيئياً، لا تزال الأعمال في مكب سرار متوقفة، ما دفع بمتعهّدي الأعمال شركة «غزاوي طالب» الى إعلان التوقف عن العمل، ما لم تتمّ مواكبتهم وحمايتهم أمنياً، وأنهم ليسوا مضطرين الى الوقوف في مواجهة أحد.

ويأتي ذلك في ظلّ فشل الاتصالات التي أجريت مع الذين يشدّدون على أنهم سيمنعون دخول أو خروج ايّ جرافة أو شاحنة إلى أرض المكب، ما لم يتمّ اتخاذ القرار المناسب من الحكومة والعودة عن قرارها في شأن اعتماد مكب سرار لاستقبال نفايات لبنان.

قاسم

في هذا السياق لفت رئيس بلدية عمار البيكات وليد قاسم في حديثه لـ«البناء» إلى انّ صاحب مكب سرار خلدون الياسين استعان بمرتزقة من المقيمين في المنطقة، لإطلاق النار على المعتصمين والشباب الرافضين لإرسال النفايات الى منطقتهم خلال محاولتهم منع الجرافة من المرور على الطريق خارج المكب وليس بداخله، سائلاً عن سبب عدم تحرّك الأجهزة الأمنية لتوقيف هؤلاء خصوصاً وأنهم معروفون بالاسم ومكان الإقامة.

وينفي قاسم جملة وتفصيلاً كلّ الإشاعات عن قيام شباب الحراك بخطف سائقي الجرافات أو تحطيمهم للجرافات وتصوير إطلاق النار على المعتصمين، وكأنه ردّ فعل على هذه التصرفات من قبل الحراك الرافض للمطمر، لافتاً إلى أنهم عرضوا مشاهد تدحض محاولة ترويج الشائعات عن تكسير جرافات او خطف سائقيها، والأمر لم يتعدّ أخذ مفاتيح إحدى الجرافات لمنعها من العمل، وهذا ما أكده صاحب تلك الجرافة.

كما يلفت رئيس بلدية عمار البيكات إلى أنه وفي خطوة مستهجنة تمّ استدعاء أحد الشباب الناشطين في الحراك من قبل القوى الأمنية بتهمة إطلاقه النار على المعتصمين، بينما هو كان يشارك معهم في التحرك، ولعلّ هذا يؤكد الكيدية في التعاطي معنا بينما نحن سلميون في تحركاتنا ولم نحمل حجر في يدنا، بينما تمّ إطلاق النار علينا من قبل سلاح حربي وبنادق صيد من قبل عناصر مرتزقة، وقاموا لاحقاً بحرق بستان زيتون لمختار بلدة قشلق.

ويجزم قاسم بأنّ المطمر لن يتمّ فرضه كأمر واقع من قبل الدولة بالتنسيق مع الجهات السياسة في المنطقة، ويلفت الى أنّ أبناء وأهالي بعض رؤساء البلديات في المنطقة ممّن يوافقون على إقامة المطمر يشاركون معنا في حملة رفض تحويل عكار الى مكب للنفايات، وهذا دليل على أنّ بعض رؤساء الاتحادات والبلديات لا يمثلون إلا نفسهم، وبالتالي لا يمكنهم أن يفرضوا شيئاً على أبناء المنطقة، والحلّ الوحيد لهم هو أن يقوموا بشراء منازل حوالى عشرين ألف مواطن في البلدات الستة عشر المحيطة بمكب سرار حتى يمرّروا مشروعهم.

ويختم قاسم حديثه مؤكداً الرفض القاطع لإقامة المطمر بأيّ شكل من الأشكال، ويشير الى أنه رفع دعوى قضائية ضدّ صاحب المكب بعد أن باتت النفايات تستقدم من مناطق شكا والهري والكورة، بينما كان الاتفاق مع صاحب المكب على استخدامه لرمي نفايات 16 ضيعة مجاورة للمكب فقط، ويسأل كذلك عن البراميل المغلقة التي يتمّ طمرها في المكب وعن المواد الموجودة في داخلها.

عكار لعيونك توحدنا

من جهته يؤكد خالد الزعبي الناطق بِاسم حملة «عكار لعيونك توحدنا» في حديث لـ«البناء» انّ تمرير مشروع مطمر سرار يعتبر من سابع المستحيلات في ظلّ حملة الرفض الشعبي الواسعة، فالناس في المنطقة متضرّرون ومناطقهم منكوبة بفعل الروائح المنبعثة من المكب، وبالتالي بدل أن تأتي الدولة وتعمل على حلّ الأزمة البيئية تريد ان تفاقمها من خلال إقامة المطمر.

ويضيف: «نحن لا نرفض لمجرد الرفض بل موقفنا جاء بعد ان تمّت الاستعانة بخبراء بيئيين، ولمسنا حجم الأخطار التي ستنجم عن إقامة المطمر، خلافاً للإشاعات التي يحاولون التسويق لها لجهة انّ المطمر لا ينعكس سلباً على البيئة والصحة، والآن هناك 33 مكباً عشوائياً في ظلّ غياب الرقابة ومياه الشرب باتت ملوّثة.

كذلك يلفت إلى أنهم يتحدّثون عن استقدام 1500 طن من النفايات ولكن مَن يضمن ألا تكون كمية النفايات أكثر من الرقم المعلن بكثير؟ ونحن نعلم أنه كلما زادت كمية النفايات كلما ارتفعت أرباح صاحب المكب، لكن هذا لا يمكن أن يأتي على حسابنا، كما نرفض ان يكون العمل على إقامة المطمر في سرار، لإيجاد التوازن مع منطقة البقاع للسماح بإقامة مطمر في منطقة المصنع والذي قوبل بالرفض المطلق من قبل أهالي المنطقة، وتم قطع الطريق أمام إقامة المطمر هناك أيضاً.

ويختم الزعبي كلامه مؤكداً انه لا يمكن شراء عشرات الآلاف من أبناء البلدات المحيطة بالمكب، وهم يمكنهم ان يكسبوا تأييد عدد من رؤساء البلديات، لكن هذا لا يعني أنهم قادرون على وضعنا تحت الأمر الواقع، ويؤكد أن لا ثقة بالحكومة وخطتها المقترحة لحلّ أزمة النفايات، عبر إرسالها الى عكار، ويشير إلى أنّ إطلاق النار الذي تعرّض له الرافضون للمطمر هو بمثابة ردّ على موقف أهالي المنطقة، الذين وحّدوا جهودهم وتصدّوا لمحاولة تمرير المطمر.

عكار منا مزبلة

من جهته يؤكد الناشط في حملة «عكار منّا مزبلة» فراس عبدالله في تصريح لـ «البناء» أنّ الاعتداء كان بمثابة كمين مسلح تعرّض له عدد من الشباب أثناء محاولتهم منع إحدى الجرافات من القيام بفتح طريق بين المطمر وبين قرى مجاورة له، ومن بينها قرى قشلق وشيرحمرين والعبودية، ولكننا تفاجأنا بالعناصر المسلحة التي كانت مؤلفة من مجموعتين، الأولى قامت بإطلاق النار على الشبان الذين كانوا يحاولون توقيف الجرافة، والمجموعة الثانية أطلقت النار على المعتصمين في بلدة شيرحمرين، ولمدة نصف ساعة لإرهابهم وتفريقهم بقوة السلاح.

كما يشير عبدالله الى أنهم يقومون كلّ يوم باعتراض أيّ محاولة للعمل في المطمر الذي يسعى نواب المنطقة بالتعاون مع الجهات الأمنية ورؤساء البلديات الى فرضه بالقوة وتحت التهديد، كما يشير الى أنّ الأمر وصل ببعض البلديات في عكار حدّ محاولة تقديم رشوة للمنازل المحيطة بمكب سرار، ووصلت المبالغ حدّ الـ30 ألف دولار للمنزل الواحد، مقابل الموافقة على تمرير وتهريب المطمر، لكننا لم ولن نقبل بهذه المحاولات، ومستمرون حتى النهاية في التصدّي لمنع إقامة المطمر في سرار.

خيمة الاعتصام

أما في ما يتعلق بالوضع في خيمة الاعتصام التي أقيمت في العبودية رفضاً للمطمر، فيؤكد أحد الناشطين مرعب العبدالله لـ«البناء» أنّ موقف أهالي المنطقة والبلدات العكارية ثابت، لجهة رفض أيّ طروحات تتعلق بتمرير مشروع المطمر في سرار، مستنكراً الضغوطات وحملات الترغيب والترهيب التي تمارس على الأهالي لإجبارهم على الموافقة لإقامة المطمر، والتي كان آخرها إطلاق النار على المعتصمين، كما تمّ منع لجنة من خبراء البيئة من الوصول الى المطمر لتقييم الوضع الكارثي الناجم عن رمي النفايات عشوائياً دون حسيب أو رقيب، رغم أننا طلبنا مؤازرة القوى الأمنية للوفد البيئي.

ويضيف: «لكن هذا الأمر زاد الأهالي إصراراً على موقفهم الرافض، وأعداد الوافدين الى خيمة الاعتصام تتزايد أكثر فأكثر، ما يؤكد مزاج الأهالي الرافض لمحاولات تخويفهم والضغط عليهم من قبل وزير الداخلية نهاد المشنوق والسياسين في المنطقة لتمرير المشروع، لكننا نؤكد انّ كرامتنا لا تباع ولا تشترى وصحتنا ونظافة منطقتنا غير قابلتين للمساومة.

ويختم العبدالله داعياً الوزير شهيّب الى إقامة المطمر في منطقة أخرى أقرب من عكار الى بيروت، طالما يؤكد أنّ المطمر صحي، وبالتالي يوفر مسافة 120 كلم على الشاحنات للقدوم ورمي النفايات في سرار، كما انّ إقامة مطمر في منطقة في ضواحي بيروت يوفر على خزينة الدولة أعباء مادية، خصوصاً أنهم يدّعون الحرص على أموال الخزينة.

«قرار شهيّب»… عرضة للطعن

على الصعيد القانوني أشار المحامي زياد بيطار في رسالة الى وزير الزراعة أكرم شهيّب، والتي دعاه فيها الى سحب قراره القاضي بإقامة مطمر في سرار، الى عدد من المغالطات في قرار شهيّب كونه يتنافى مع مواثيق حقوق الإنسان العالمية والدستور اللبناني، من حيث المساواة بين المواطنين.

ويضيف: «انّ المراسيم الإشتراعية يجب أن تكون منبثقة عن السلطة التشريعية، وهنا يبرز السؤال عن القرار الصادر بتاريخ 9 أيلول 2015 بخصوص خطة الوزير شهيّب والجهة التي صدر عنها، ومن هنا نحن في صدد رفع دعوى بناء على توكيل من قبل بعض رؤساء البلديات في عكار الرافضين لإقامة المطمر.

كذلك يؤكد المحامي بيطار انّ «قرار شهيّب» لا يمكن تحويله الى مرسوم لأنه خطأ من حيث الشكل ووفق المادة 66 من الدستور، لا يحق لوزير الزراعة ان يصدر قراراً يتعلق بوزارة البيئة، وزير البيئة هو الجهة المخوّلة بترؤس هذه اللجنة.

ويسأل بيطار عن مصدر تمويل إقامة المطمر في عكار وإذا ما كان من أموال البلديات فهو غير قانوني وفقاً للمادة 87 من قانون البلديات التي تمنع التصرف بأموال البلديات، وبالتالي يصبح قرار وزير الزراعة غير دستوري وسيتمّ الطعن به امام المحاكم القضائية لإبطاله.

من جهة ثانية يلفت المحامي بيطار إلى أنه تقدّم بإخبار ضدّ شركة «سوكلين»، يفيد بمنع تلزيمها كونها جزءاً من خطة شهيّب لنقل النفايات من المناطق وبيروت إلى عكار مقابل عمولات، كما يشير إلى أنّ بعض رؤساء البلديات في عكار ادّعوا بصفتهم الشخصية على شركة «سوكلين» لأنه الشركة تقبض الأموال منذ 20 سنة دون تقديم حلول، فهي اغتصبت مبالغاً بقيمة حوالى 400 أو 500 مليون دولار رغم انّ عقدها غير قانوني، فالبلديات لم توقّع عليه، إضافة الى أنّ «سوكلين» كانت تقبض الأموال على أساس القيام بفرز النفايات، وهذا الشيء لم يكن حاصلاً في مطمر الناعمة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى