رجال مبارك يتجهّزون لدخول البرلمان
نشرت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية تقريراً أعدّته هبة صالح، تقول فيه إن إيهاب العمدة، وهو رجل أعمال ثريّ، وأحد الأقوياء في نظام الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، يجهّز نفسه للعودة إلى الساحة السياسية.
ويشير التقرير إلى أن العمدة كان قد انتُخب ثلاث مرات للبرلمان، ممثلاً عن الحزب الوطني الديمقراطي المنحلّ، وترشح مستقلاً للانتخابات البرلمانية التي تُجرى حالياً في مصر.
وتنقل الصحيفة عن العمدة 47 سنة قوله: «لا أحد ينفق مثلي، ولكنني لا أشتري الأصوات، أنا لا أحتاج إلى ذلك. أساعد كل من يطرق بابي ويطلب مساعدة أو خدمة، ولذلك بالتأكيد إن كان هناك وفاء فسيصوت الناس لي في الانتخابات. أذهب لتعزية الناس في مناسبات الوفاة، وأحضر خمسة أعراس في الليلة، حتى أصاب بالتعب».
وتقول صالح: «ربما ظنّ المصريون بعد الإطاحة بحسني مبارك عام 2011 أنهم لن يروا حزبه، الذي عُرف بالفساد، ولكن يبدو أن كثيرين من أعضاء الحزب قد يعودون إلى الحياة العامة في البرلمان الجديد. إذ ترشح أكثر من ألفَيْ عضو سابق في الحزب المنحل للانتخابات البرلمانية، وهو الأول الذي سيعقد تحت رئاسة عبد الفتاح السيسي، وهو الرئيس الذي أطاح بالرئيس المنتخب عندما كان وزيراً للدفاع، في انقلاب لاقى دعماً جماهيرياً عام 2013».
ويلفت التقرير إلى أنه منذ ذلك الوقت، أُسكِتَت المعارضة، فالإخوان المسلمون، الذين تفوقوا في الانتخابات منذ الإطاحة بمبارك، حُظرت حركتهم، وسجن الآلاف من قياداتها وأعضائها.
وتورد الصحيفة نقلاً عن الناشط الديمقراطي خالد عبد الحميد، قوله: «لا أظن أن هذا البرلمان قادر على تحقيق معارضة فعالة، وعودة الأعضاء السابقين للحزب الوطني هي النتيجة الحتمية لموت السياسة في السنتين المنصرمتين».
وتذكر الكاتبة أن هذه الانتخابات تأتي بحسب نظام الفوز للمرشح الحائز على أكثر عدد من الأصوات، الذي ينظر إليه على أنه يعطي فرصة أفضل للوجهاء في مناطقهم، الذين يستطيعون تحصيل أصوات عشائرهم، وذوي العلاقات الواسعة. مشيرة إلى أن كثيرين من هؤلاء هم أعضاء سابقون في الحزب الوطني ترشحوا مستقلين، مثل العمدة، أو بتأييد من أحزاب تحاول تحسين فرصها.
وينقل التقرير عن رئيس منتدى الانتخابات في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية يسري العزباوي، قوله: «تتعامل الأحزاب مع الموضوع مثلما تتعامل نوادي الكرة عندما تشتري اللاعبين المحترفين، إنها تدفع للمرشحين الذين يحظون بشعبية محلية أو من لديهم عشيرة كبيرة أو تاريخ في الخدمة المحلية، وهؤلاء بالضرورة عائلات الحزب الوطني».
ويفيد التقرير أن حزب المصريين الأحرار، الذي أنشأه نجيب ساويرس بعد الثورة، سيرشح مئة عضو سابق في الحزب الوطني من أصل 220. ويتساءل العمدة: «هل كل من حمل عضوية الحزب الوطني فاسد؟». ويجيب: «كنا نرى نواب الحزب الوطني يسائلون الحكومة في الماضي.
ويقول العمدة، الذي تمت تبرئته في 2012، بعد 18 شهراً في السجن، بتهمة الدفع لبلطجية لمهاجمة المتظاهرين خلال الثورة، إنه دخل المعترك السياسي لأنه «يحب خدمة الناس»، وأضاف أن تجارة عائلته في شراء الأراضي، ثم تقسيمها وبيعها، لم تستفد يوماً من علاقاته السياسية.
ويتابع العمدة للصحيفة قائلاً إن إنجازاته، لأنه عضو برلمان، تتضمن رصف الشوارع، ومد نظام صرف صحي وشبكة غاز طبيعي لمنطقته، وخلال الصيف أرسل مئة حافلة من سكان دائرته لقضاء عطلهم في منتجعات الجيش قرب قناة السويس.
وتبيّن صالح أن العمدة تفاخر بـ«مهارته الخاصة» في التوسط في النزاعات، لمنع اشتعال صراعات طائفية بين المسلمين والمسيحيين، ومنع وقوع قتال دام بين العشائر، التي تنحدر من مناطق مختلفة من البلاد. وقال: «أمس، كان عندي 500 شخص في قصري لحل خلاف، أفعل هذا كل يوم، وإن ذهب الناس هنا للشرطة أو المحكمة، يكون ذلك بعد أن نتوصل إلى اتفاق».
ويشير التقرير إلى أن البرلمان المصري الجديد سيملك سلطات واسعة النطاق نظرياً، بما في ذلك إقالة الرئيس، ورفض اختياره رئيس الوزراء، مستدركاً بأنه في الواقع يتوقع المحللون، مثل العزباوي، أن يكون البرلمان مليئاً بالمستقلين، وأن يكون مجزّأً إلى حدّ كبير، بحيث يصعب عليه اقتراح أي قوانين، أو تحدي السيسي، الذي مرّر مئات القوانين بمراسيم رئاسية.
وتشير الصحيفة إلى أن بعض السياسيين يتحدثون من الآن عن تغييرات لزيادة سلطات الرئيس، وتقليل سلطات البرلمان. مبينة أنه لا يعرف إن كان سباق فيه هذا العدد الكبير من الحزب الوطني السابق سيحمّس الناخبين.
وتذكر الكاتبة أن الانتخابات قبل الثورة امتازت بقلة المصوتين، خصوصاً في المدن. ويقول محمد خليل، الذي يعمل سائقاً، إنه سيدلي بصوته «لأننا بحاجة إلى ممثل يتكلم بِاسمنا»، ولكنه كان متحفظاً في خصوص الأعضاء السابقين في الحزب الوطني.
وتختم «فايننشال تايمز» تقريرها بالإشارة إلى أن المحلل التجاري أحمد محمد يقول إنه لن يصوت لأن الانتخابات «تبدو الآن مثلما كانت أيام مبارك، فلم لا نكمل الصورة بعدد قليل من المصوّتين»، ويقول العمدة: «سيصوّت الناس، ولكن عدد المصوّتين لن يثير إعجاب أحد».