احتيال أميركي سعودي وروسيا تدرس جيداً

أعلنت الولايات المتحدة الأميركية على لسان وزير خارجيتها جون كيري في مؤتمر صحافي عقده في مدريد، أنها تنوي بحث التطورات في سورية في القريب العاجل مع ممثلي قيادة روسيا والسعودية وتركيا والأردن، وذلك من أجل التشاور في كيفية السعي من أجل الحلّ السياسي في سورية.

من جهتها أعلنت موسكو أنّها تدرس اقتراحاً قدّمه وزير الخارجية الأميركي، حول عقد لقاء دولي قريباً لبحث الأزمة السورية. وقالت: «إننا على علم بهذا الاقتراح وندرسه».

المحاولات الأميركية السعودية هنا لتفعيل الحلّ السياسي في سورية، تأتي بعد الإرباك الذي أحدثه التدخّل الروسي العسكري في سورية، وهو الذي خلط الأوراق جميعها، وأحدث صدمة عسكرية ودبلوماسية، والمفارقة أنه جاء قبل أيام قليلة من الانتخابات التركية، وهي الحدث المفصلي بالنسبة إلى المحور الأميركي، الذي لم يكن ليبدأ عملية تغيير الأنظمة في الشرق الأوسط لولا الشراكة التركية.

وفي هذا الإطار، أظهر الاتصال الهاتفي منذ أيام بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، وما حُكي بالنسبة للحلّ السياسي في سورية، بأنّ الأخيرة لا تزال محور الاهتمام المشترك بين الطرفين، وبالتالي فإنّ هذا لن يستمرّ من دون فوز أردوغان في الانتخابات. ومن هنا فإنّ القلق الأميركي انتقل ليصبح قلقاً سعودياً أيضاً، يُترجَم بمحاولات التأثير على العملية الانتخابية بصرف الأموال لدعم حركة أردوغان السياسية علّه يستطيع إحداث خرق بين الأكراد.

وكلّ هذا ليس مضموناً، وهذا التراجع هو من أصعب المواقف التي يمكن أن تكلّف الأميركيّين والسعوديّين تجاه الموقف في سورية. تأتي خطوة الدعوة إلى اجتماع خُماسي حول سورية بمثابة خطة احتيال لاستباق الفشل التركي في الانتخابات، الذي إن تمّ فإنّ التراجع عن المطالبة بتنحّي الرئيس بشار الأسد، وإجراء اجتماعات لحلّ الأزمة بوجوده، سيكون مدوّياً وباهظ الثمن، أما إذا رضيت روسيا وكلّ الأطراف، اليوم، بهذا الاجتماع، فإنّ هذا يعني طريق أمان لواشنطن وحلفائها في الحالتين، أي في حالة فشل أردوغان والتعاطي مع الحكومة الجديدة حول حلّ سياسي في سورية، وأمّا فوز أردوغان، وحينها يصبح هامش الحرية أكبر عند الحلف، وربما تتنصّل واشنطن وتركيا من الاجتماع ويرتفع عندها منسوب المناورة.

ووسط كلّ هذا تدرك روسيا أنّ المُراد من هذا كلّه واضح، وأنّ قبولها يسهّل المَخرَج الأميركي – السعودي بكلّ الأحوال. وهنا تبقى العين على القرار الروسي وما إذا كان سيقبل الدخول بالمشاورات التي دعا إليها كيري. وبالتالي إذا كان الاحتيال الأميركي – السعودي واضحاً بالنسبة للروس، فربما يكون القرار الروسي بالمشاركة أشدّ وضوحاً لجهة الثقة بأنّ أردوغان غير قادر على إحداث أيّ تغيير، سواء فاز في الانتخابات أو خسرها.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى