قادة الأعراب نفاق مشهود وعهر سياسي بلا حدود…!
محمد ح. الحاج
في فلسطين معاناة وعسف يفوق الوصف، شباب يواجهون بالخنجر والسكين جيشاً مدجّجاً ومستوطنين يحملون من اللؤم والحقد ما يفوق أشكالاً عانت منها البشرية قبل منتصف القرن العشرين، بل هي أشدّ قسوة وبشاعة بكثير من ممارسات النازية والفاشية.
وفي العالم العربي مآسي – ملهاة أرادها قادة الغرب لصرف الأنظار عما يحدث في فلسطين أو لإخماد جذوة المقاومة للمشروع المستهدف بلاد الشام سورية الطبيعية والأدوات أعراب الردّة والعمالة وجيوش من المرتزقة المتأسلمين وشذاذ الآفاق والمجرمين.
قلة من دول العالم العربي لا ترتبط بعلاقات مع الكيان الصهيوني، بعضها على المكشوف مع تبادل للسفارات والقنصليات، والبعض الآخر من تحت الطاولة – مكاتب تنسيق تجاري وأمني واستثمارات هم أدوات لها مهمة محدودة هي امتصاص غضبة الشعوب، المهمة الأساسية هي التضليل واستمرار حقن الناقمين بمخدّر الأمل، كلهم مع فلسطين والقدس والأقصى والمقدّسات، لكنهم جميعاً ضدّها في واقع الأمر وهي لا تعني لهم شيئاً وإلا ما طالبوا الإدارة الأميركية في أواخر الستينيات بضرب مصر وسورية واحتلال ما تبقى من فلسطين حتى لا تقوم للشعب الفلسطيني قائمة، وبذلك يدفعونه إلى مرحلة اليأس والاستسلام، وما كانوا تواطأوا لطرد المقاومة لاحقاً من الأردن بغضّ النظر عن أخطاء بعض قادة المقاومة، فربما اخترقوا المقاومة ثم من لبنان بعد عقد من الزمان لأسباب مشابهة لتتموضع في تونس وكأنها جوار فلسطين وما كانوا ليوكلوا رئاسة لجنة القدس إلى ملك يكرّم الصهاينة وينسّق معهم… عقود من خيبات الفلسطينيين دفعت بهم ليحملوا صورة المرحوم حافظ الأسد بعد أن كتبوا تحتها لم يبق لنا إلا أنت…!
جيش سورية، وكان المرحوم الأسد الراحل وزيراً للدفاع لم يتخلّ عن الفلسطينيين… أوقف المجزرة في الأردن وكادت تقع حرب، احتضنت سورية المقاومة وفتحت لها الأبواب وأمّنت لها سبل الصمود تدريباً وتسليحاً، وخاضت في لبنان مواقع مع العدو لحماية المقاومة، ولاحقاً دفعت سورية آلاف الشهداء من جيشها المغوار منعاً لسقوط لبنان بين براثن الصهيونية التي أرادته محمية لاختراق الداخل السوري، سورية قاتلت وحيدة بعد أن تخلت عنها كلّ الدول العربية المعنية أو معظمها، فمنعت تقسيم لبنان وحافظت على كيانه، أمدّته بكلّ ما يلزم شعباً وجيشاً في الوقت الذي كان المال العربي يتدفق عبر الخزانة الأميركية دعماً للعدوان ليس سراً بل بمعرفة ورضى قادة الأعراب الذين كانوا أكثر دهاء في خداع شعوبهم، فقد أعلنوا أنهم يدعمون دول الصمود في وجه العدوان، واستمرّوا على نفس المنوال طوال عقود، وقد انطلت لعبتهم على شعوبهم عدا المتنوّرين الذين يعرفون الحقيقة ويبقى صوتهم الأضعف بسبب الإعلام المأجور.
الدكتور بشار الأسد تخصّص في بريطانيا لكنه لم يصبح عميلاً ولا أداة بريطانية، ولا حتى فرنسية بعد استقباله واحتضانه من قبل شيراك، حافظ على ولائه السوري لشعبه، وأمته، وما أصغى لنصائح أدوات أميركا، لا مبارك ولا آل سعود، وهو تبنى المقاومة بهدف وقف الانهيار وإفشال المشاريع الصهيو أميركية في المنطقة، فأصبح العدو رقم واحد للغرب والصهيونية العالمية وأدواتهم من قادة الأعراب في المنطقة، الرئيس الشاب حافظ على وعده الذي جاء في القسم مخلصاً لوطنه ومصالح أمته، لا استسلام ولا مساومة على الحق…
الرئيس الأسد لقبه بعضهم بالأسد الصغير وبعد أن اختلط بالقيادات العربية فاكتشف أسرارهم، مناوراتهم، وتواصلهم من تحت الطاولة مع المنظمة الصهيونية العالمية لم يتمالك نفسه، فضحهم، وبّخ أنصاف الرجال الصامتين عن الحق الوطني الفلسطيني في «القمم العربية»، على التخاذل الذي يعتورهم، فأصبح لهم عدواً يرونه في أحلامهم وأصبح مطلوباً رأسه ورأس الشعب السوري الذي يقف خلفه ويمحضه كلّ الثقة…
في عالم الأعراب أصوات تعلو تضليلاً وخداعاً للرأي العام العربي قائلة إنّ الأسد الأب حمى الكيان الصهيوني أربعين عاماً… لم يفتح النار من الجولان، وتناسوا دماء آلاف الشهداء في الصراع الطويل الدامي مع العدو طوال تلك السنوات، لقد أرادوا أن يفتح جبهة الجولان لتقع سورية تحت عقوبات الفصل السابع فيكون المبرّر لمهاجمتها من القوى الكبرى المتربّصة، الداعمة للكيان الصهيوني… الأسد لم يخرق بنود معاهدة الفصل، لكنه رفض الاستسلام والعلاقات مع العدو من تحت الطاولة أو بالواسطة… اليوم أبواقهم في لبنان وكيانات أخرى تردّد الاسطوانة نفسها، لكنهم لم يسألوا أنفسهم لماذا يصرّ الغرب على إسقاط الأسد؟ أليس بناء على مقتضيات المصلحة الصهيونية؟ ويصفونه بكلّ الأوصاف الشيطانية ويتجاهلون قادة أكبر الديكتاتوريات المتخلفة في المنطقة آل سعود وأمراء ومشايخ النفط، وهم أسوأ بكثير مما قيل في القذافي وأمثاله… القذافي على هنّاته أيضاً كان هدفاً لأنه دعم المقاومة الفلسطينية واللبنانية، عند الغرب الصهيوني الحساب له توقيت ومبرّرات…!
يجتمع قادة العرب والأعراب لنجدة فلسطين، ويصدر بيان للتنديد هو أدنى درجة بكثير من الإدانة، وكأنهم يخاطبون الصهاينة بالقول: «اقتلوا الفلسطينيين ولكن سراً وليس جهاراً أمام عدسات وأعين المراسلين فتكون فضيحتنا أمام العالم، أحرقتم جنوب لبنان، ودمّرتم غزة مرات، ووجدنا لكم المبرّرات، استوليتم على 80 من الضفة الغربية ونحن نوفر لكم التغطية واعترفنا لكم بأنها مملكة يهوذا…! خرّبنا العراق لمصلحتكم، أجّجنا الحرب في سورية وموّلنا تخريبها لترتاحوا من جبهة المقاومة، وأعلنا العداء المطلق لإيران لوقوفها ضدّكم… وأشعلناها في اليمن لنضمن لكم الملاحة في باب المندب بعد أن أعطيناكم مضائق تيران…! أفلا تنتظرون قليلاً لنستكمل المهمة…؟
تصرخ نساء فلسطين طلباً لنجدة الصدور العارية، فتيات فلسطين نزلن إلى الساحات يقاتلن بالحجارة والسكين، ونخوة العربان نائمة لا تستيقظ، أيها الفلسطينيون:
لا تنادوا الرجال من عبد شمس… فما عاد في عبد شمس رجال.
لا تستمعوا لقيادات خرجت من صفوفكم فخانت الأمانة، دعوهم يستمتعون بريالات قطر والسعودية، يكذبون عليكم فهم كما أرادهم سادتهم، أدوات لامتصاص النقمة، للتخدير، لن يستطيعوا نصركم ولن يقفوا معكم لأنهم مجرد ظاهرة صوتية، طبول فارغة، سورية وأشرافها وبعض من عالمها العربي ما تخلت ولن تتخلى عنكم لأنّ القضية الفلسطينية هي قضية سورية في الصميم كما هي قضية اللواء السليب في الشمال… التحرير والتحرّر قضية السوريين وحدهم وأنتم طليعتهم المناضلة، وبسبب هذا الإيمان وهذا الموقف يستهدفونها لكسر ظهور المقاومين ودفعهم إلى اليأس والاستسلام… وهذا لن يكون.
ورد في التنزيل أنّ الأعراب أشدّ كفراً ونفاق… ويصحّ القول إنّ نفاقهم مشهود ويمارسون السياسة بعهر ما بعده خجل ولا حدود.