مكابرة سعودية بشأن سورية وتفاقم المأزق في اليمن
يوسف المصري
توفّرت معلومات خاصة لـ«البناء» عن فحوى المحادثات التي أجراها ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال زيارته الأخيرة إلى روسيا ولقائه بالقيادة الروسية.
وتوضح هذه المعلومات أنّ بن سلمان كرّر التعبير عن موقف الرياض المكابر بخصوص عدم التزحزح عن العداء للرئيس السوري بشار الأسد، وطالب بتنحّيه، في مقابل أن موسكو لا تزال تعتبر أنّ هذه القضية يقرّرها الشعب السوري فقط.
وفي نقطة ثانية حول الأزمة السورية، قال بن سلمان إنّ السعودية تدعم «المعارضة المعتدلة» في سورية.
وهنا سأله محاوروه الروس عن أية معارضة تتحدث الرياض. لقد ثبت لكلّ العالم أنه لا يوجد في سورية إلا معارضة واحدة، هي معارضة التكفيريين الذين تخوض موسكو والدولة السورية حرباً ضدهم لمنع سيطرتهم على سورية وتخريب الأمن والاستقرار في الإقليم كلّه؟
وبدا واضحاً بحسب هذه المعلومات أنّ موقف بن سلمان امتاز بالمكابرة، وبأنه أصبح يتيماً حتى داخل البيت الخليجي والعربي. فالإمارات أصبحت ميّالة لأن تلتحق بالموقف المصري من الأزمة السورية، والذي يريد شراكة مع الدولة السورية والجيش السوري لمحاربة «داعش» والإرهاب. كما أنّ الأردن لم تعد متحمّسة لفتح حدودها أمام حركة الإرهاب منها إلى سورية، وباتت تنظر إلى عاصفة «السوخوي» على أنها بداية دولية لاستئصال الإرهاب في سورية ومنع تشظّيه إلى دول جوارها.
وتخلص هذه المعلومات بشأن محادثات بن سلمان في روسيا إلى أنها أسفرت عن استمرار الافتراق بين الجانبين بخصوص الموقف من سورية، علماً أنّ موسكو أبقت الباب مفتوحاً لاحتمال أنّ التطورات الميدانية في سورية، والتبدّلات الدولية تجاه الموقف من أزمتها، وإعطاء الأولوية لمكافحة الإرهاب، ستقود حتماً لأن تجد السعودية نفسها مضطرة للتخلي عن سياسة إنكار الواقع كما هو في سورية، والتعامل بموضوعية معه بدلاً من ذلك، وعلى أساس أنّ مستقبل سورية يحدّده شعبها وجيشها ودولتها، وأنّ زمن «انتداب نادي أصدقاء الشعب السوري» انتهى إلى غير رجعة.
أما على مستوى الموضوع اليمني فتكشف هذه المعلومات أنّ بن سلمان ومحاوريه في موسكو اتفقوا على التالي:
أولاً – تأكيد أنّ الحلّ في اليمن سياسي وليس عسكرياً.
ثانياً – تأكيد ضرورة الحوار من أجل إنتاج حلّ لأزمة اليمن ينهي الحرب عليها وفيها.
وتؤكد هذه المعلومات أنّ نقاشات بن سلمان مع القيادة الروسية انتهت إلى توافق على بدء مسار للتفاوض في اليمن وحول اليمن.
وقد وعد بن سلمان موسكو بأن ترسل السعودية إليها قريباً مقترحات عملية تتعلق برؤيتها للحلّ في اليمن، وذلك من أجل أن تتخذها روسيا كمسودّة للبناء عليها مع الأطراف اليمنية الأخرى، وذلك باتجاه إنتاج حلّ سياسي للأزمة.
وكان واضحاً خلال الأيام الأخيرة انطلاق مسار تفاوض داخلي في اليمن لأول مرة منذ بدء التدخل العسكري السعودي في البلد السعيد. وثمة من يعزو هذا التطوّر إلى أنه قد يكون أولى ثمار مباحثات بن سلمان في السعودية.
ولكن مصادر يمنية تقول إنه حتى الآن لم تصل أية مقترحات سعودية إلى موسكو، وإنّ حدّة المعارك العسكرية داخل اليمن لم يطرأ عليها أيّ تغيير، مع ملاحظة أنّ الرياض ومعها حلفاؤها في اليمن دخلوا مأزقاً على مستويين اثنين: الأول أنهم باتوا يشعرون أنهم أدخلوا أنفسهم ميدانياً في عنق زجاجة الاستنزاف.
الثاني أنهم باتوا متأكدين من أنّ «القاعدة» في اليمن تستخدمهم بدلاً من أن يستخدموها.