سلام: نسعى إلى إيجاد الإطار القانوني المناسب لتشجيع الاستثمار سلامة: المديونية في القطاع الخاص تعوق النمو وتشكل عبئاً على العائلة
أكد رئيس الحكومة تمام سلام أنّ الحكومة تولي عناية كبيرة لملف النزوح السوري وملف الغاز والنفط «الذي يجري العمل عليه بطريقة علمية ودقيقة، تمهيداً لبدء مرحلة الاستكشاف التي تدل كل المؤشرات إلى أنها تبشر بالخير، مع ما يعنيه ذلك من فرص استثمار وعمل للقطاع الخاص المحلي والعربي والأجنبي».
وخلال رعايته افتتاح «منتدى الاقتصاد العربي» بدورته الـ22، صباح أمس في فندق فينيسيا – بيروت، قال سلام: «إنّ حكومتنا، وفي انتظار انتخاب رئيس للبلاد، ستؤدي واجباتها كاملة بكل أمانة، انطلاقا مما نصّ عليه الدستور، وبروحية التوافق الوطني الذي هو غايتنا الدائمة. وسنبقى حريصين على خدمة مصالح المواطنين وتسيير شؤون البلاد، وساهرين على حسن عمل المؤسسات التي ليس مسموحا تعطيلها والحكم عليها بالشلل، تحت أي ذريعة كانت، وفي أي ظرف كان».
وأضاف: «إننا في عملنا الحكومي، نولي أهمية كبرى للجانب الاقتصادي المتعلق بتشجيع الاستثمار. وندرك أنّ من المهمات الرئيسية أمامنا، القيام بالإصلاحات الإدارية التي تسهل حركة المستثمر وتجعل لبنان مكاناً جاذباً للاستثمارات، سواء استثمارات اللبنانيين المقيمين والمغتربين، أو العربية والأجنبية منها. وإننا نسعى إلى إيجاد الإطار القانوني المناسب لتشجيع الاستثمار. ولهذه الغاية سوف نعمل على إنجاز قانون للشراكة بين القطاعين العام والخاص».
وتابع سلام: «أما في الجانب الاقتصادي العام، فإننا نضع نصب أعيننا اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة لتشجيع الصناعة اللبنانية، عبر تخفيض كلفتها لجعلها قادرة على المنافسة، ولمساعدة القطاع الزراعي في إيجاد الأرضية المناسبة للاستثمار في مشاريع كبيرة تخلق قيمة مضافة في الإنتاج الزراعي». ولفت إلى «أنّ قطاعنا المصرفي، الذي يمضي في مسيرته الناجحة، ويشكل أحد الأعمدة الرئيسية للاقتصاد اللبناني، ما زال على رغم الأوضاع الدقيقة، يسجل نسب نمو في الودائع تقارب ستة في المئة. كما أنّ نسب الملاءة فيه تتجاوز نسب الملاءة في الغرب، فضلاً عن امتلاكه نسباً عالية من السيولة تعتبر عنصراً مشجعاً على الاستثمار».
سلامة
وأشار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى أنّ الاقتصاد اللبناني يواجه «تحديات شتى من أهمها خفض مديونية القطاع الخاص.
وقد بلغت مديونية هذا القطاع ما يساوي 100 في المئة من الناتج المحلي وربما ما يتعداه. فإنّ المديونية في القطاع الخاص قد تعوق الاستثمار وبالتالي النمو في الاقتصاد. كما تشكل عبئاً على العائلة لا سيما في ما يتعلق بالقروض الاستهلاكية التي أصبحت تشكل ما يقارب الـ50 في المئة من مدخول العائلة». وأضاف: «ومن هذا المنطلق ننشط، بصفتنا رئيساً لهيئة الأسواق المالية، لتطوير هذه الأسواق بحيث تتسم بالإدارة الحكيمة والشفافية وتصبح ساحة قابلة لتمويل المؤسسات في القطاع الخاص عن طريق المساهمة وربما تحويل بعض الدين إلى مساهمة.
ونهدف إلى إيجاد أسواق سائلة لتسنيد القروض الاستهلاكية.
هذا الأمر من شأنه أن يحسن أيضاً ملاءة ونوعية المحفظات الائتمانية في القطاع المصرفي. وفي هذا الإطار، ندعو الحكومة إلى المبادرة إلى تخصيص بورصة بيروت كما نص على ذلك قانون تنظيم الأسواق المالية الذي صدر عن الدولة اللبنانية،
فتكون هذه المبادرة بداية انطلاقة جديدة لعملية تشجيع القطاع الخاص على تحويل الشركات الخاصة إلى شركات يساهم فيها الجمهور وإلى تسنيد القروض الاستهلاكية تحت رقابة هيئة الأسواق المالية تفادياً للمفاعيل السلبية».
وتابع سلامة: «تشير الأرقام إلى أنّ الثقة بالاقتصاد اللبناني موجودة، فقد حقق ميزان المدفوعات لغاية آخر نيسان الفائت فائضاً تراكمياً وصل إلى 788 مليون دولار أميركي، كما أنّ الودائع في القطاع الخاص تنمو بنسبة تقارب الـ6,5 في المئة. وأيضاً تشهد سوق القطع في لبنان استقراراً. ونرى أنّ الإقبال على الإصدارات بالسندات اللبنانية في السوق الثانوية قد شجع على تحسين أسعارها. واللافت أنّ هنالك أيضاً اهتماماً غير لبناني بشراء هذه السندات».
وقال: «إنّ مصرف لبنان وبهذه الظروف الدقيقة التي نمر بها قد سبق له أن أعلن، وهو يكرر، أن وجوده سيستمر في الأسواق مؤمناً السيولة بكل العملات ومؤمناً ملاءة الدولة».
القصار
واعتبر رئيس الهيئات الاقتصادية اللبنانية والرئيس الفخري لاتحاد الغرف العربية الوزير السابق عدنان القصار أنّ «انعقاد منتدى الاقتصاد العربي، في ظل الحوادث والتطورات التي تمر بها منطقتنا العربية، يستوجب تضافر جميع الجهود من القادة الحكام والمسؤولين العرب ورجال الأعمال والاقتصاديين، في سبيل التصدي للمفاعيل التي تولدت عن «الربيع العربي» إن على المستوى السياسي، أو على المستوى الاقتصادي وخصوصاً في ما يتعلق بتنامي معدل البطالة في صفوف الشباب العربي، هذا إلى جانب كثير من التحديات الاقتصادية التي تستوجب تكثيف التعاون بشأنها، من أجل بناء منظومة اقتصادية عربية قوية تؤدي في ما تؤدي إلى الوصول للاتحاد الجمركي عام 2015، ثم السوق العربية المشتركة عام 2020، ولم لا في مرحلة لاحقة منافسة الاقتصادات الكبرى وخصوصاً في ظل المقدرات والإمكانات الطبيعية والبشرية الهائلة التي تتمتع بها منطقتنا العربية».
باسيل
واستهل رئيس جمعية المصارف فرنسوا باسيل كلمته بالحديث عن الوضع السياسي اللبناني، معتبراً أنه «ليس طبيعياً أو مقبولاً أن يستمر الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية اللبنانية، خلافاً للدستور وللأعراف ولمقتضيات توازن عمل المؤسسات. ويجب ألا يستهان بهذا الواقع لما يترتب عليه من انعكاس على سير عمل الدولة وعلى صدقية التمثيل. وواجبنا جميعاً كل من موقع مسؤوليته، التنبيه إلى الأخطار الناتجة أو المرتبطة بإفراغ المؤسسات. فتصاعد التطرف سياسياً واجتماعياً، ولنا عليه شاهد كل يوم على امتداد عالمنا العربي، يعود إلى ضعف سلطة الدولة، وإلى عدم قيامها بوظائفها في خدمة المواطنين. ويعود إلى تردي الأوضاع الاجتماعية والخدمات العامة. فيلجأ الناس إلى بدائل من الدولة أو إلى الغربة عن الوطن».
وأضاف: «ليس مقبولاً كذلك على الصعيد الاقتصادي، المرتبط جزئياً بالوضع السياسي، أن نكتفي بمعدلات نمو متواضعة يقدرها صندوق النقد الدولي بما بين 1,5 في المئة و2 في المئة للبنان وبما بين 2,4 في المئة و3,3 في المئة للمنطقة العربية لعامي 2014 و2015. هذا المستوى من النمو ليس كافياً لاستيعابِ القوى العاملة الشابة المتدفقة إلى أسواق العمل العربية، وثمار النمو تشكو من تفاوت كبير ومن سوء توزيع للدخل يفاقم الأوضاع الاجتماعية، ويفقد الدول والأنظمة الشرعية الحقيقية. ويفقدها في أونة واحدة المداخيل الكافية فتلجأ إلى مزيد من الاستدانة. ما يعني أنّ نسب العجز العام والمديونية العامة إلى الناتج المحلي الإجمالي متجهة إلى مزيد من التدهور».
وتابع باسيل: «نحنُ في لبنان كنّا نعاني عجزاً بحدود الأربعة مليارات دولار فصرنا أمام عجزٍ متوقَّع يفوق الـ5 مليارات دولار، أي أنه يتخطّى نسبة 11 في المئة من الناتج كما يتبيّن من مشروع موازنة عام 2014. هذا من دون أخذ مفاعيل إقرار سلسلة الرتب والرواتب في الاعتبار. وحسَناً تتصدّى بعض الكتل النيابية للعشوائيّةِ والشعبويّةِ في التشريعاتِ المالية تفادياً لانزلاقٍ مالي يؤذي البلدَ ويضرُّ في المقام الأول بذوي الدخلِ المحدود. وكنا نأملُ أيضاً في القطاع المصرفي أن تستفيدَ الدولةُ من تراجعِ الفوائد على الدين العام بشكل جذري خلال السنوات القليلة الماضية، وأن تستفيدَ الدولةُ من تراجع خدمة الدين كنسبةٍ من النفقات العامة كي تُضبط النفقاتُ الأولية، فيتوقّف تدهور المؤشّرات وتفاقمُ الدين. ذاك أنّ خدمة الدين بقيت بين عامَيْ 2009 و2013 عند مستوى 6000 مليار ليرة. بينما زادت المديونيّة العامة للدولة من 74 ألف مليار ليرة إلى 91 ألف مليار أي بنسبة 23 في المئة، نتيجة تزايدِ كلفةِ الأجور من جهة والنفقاتِ الأولية من جهة ثانية. وأتت الأرقامُ المعلنة عن موازنة عام 2014 لتأكيد هذا المنحى المتسارع في الإنفاق بدل إرساءِ عملية إصلاحٍ مالي تدعم الاستقرارَ النقدي وتعزّزُ الاستثمار والإنتاج».
أبو زكي
ورأى الرئيس التنفيذي لـ«مجموعة الاقتصاد والأعمال» رؤوف أبو زكي «أنّ ازدهار اللبنانيين في الخارج ساعد الاقتصاد اللبناني في تعويض كثير مما فاته وأعطاه امتدادات إقليمية عبر الشركات والمؤسسات الناجحة التي أسسها لبنانيون في مختلف أنحاء العالم».
وقال: «إننا نتطلع إلى حلول السلام وعودة الأمن والاستقرار إلى جميع الدول العربية ولا سيما سورية الجارة العزيزة بل الشريكة الكبيرة للبنان، ونعتقد أنّ العلاقات التاريخية التي تربط بين البلدين والتداخل الكبير بينهما سيجعلان من الشركات اللبنانية طرفاً مؤهلاً للمساهمة في إعادة إعمار سورية شرط الاستعداد لذلك بتوفير القاعدة السياسية والأمنية والاقتصادية الضرورية لها».
خلف
واعتبرت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة الأمينة التنفيذية لـ«الأسكوا» ريما خلف أنّ «الاقتصاد الناهض يعزز فرص نجاح التحول الديمقراطي والبناء الديمقراطي السليم، بما يؤسسه من حكم القانون وتكافؤ الفرص، ما يؤدي إلى ازدهار اقتصادي يجني ثماره الجميع».
كامل
أما رئيس الغرفة التجارية الصناعية في جدة صالح كامل فقال:
«إنّ كل الدول العربية قد حباها الله بثروات طبيعية متنوعة ومتوزعة ولكننا مازلنا مزارع للمواد الخام تعود إلينا هذه المواد التي صدرناها، بعد أن تضاف إليها من المناطق المختلفة القيمةُ المضافةُ بعشرات الأضعاف، مازلنا مزارع ومازلنا مستوردين لثروات أرضنا العريبة، بل ومازلنا ندفع أضعاف ثمنها ونحن نضحك وعلينا أن نعترف نحن رجال الأعمال أنّ هذه هي مسؤليتنا وأنّ علينا ألا نعلق كل شيء على مشجب الحكومة فشماعاتها لم تعد تحتمل كل الأعباء. فكل الدول في الدنيا هي نسيج من شعب وحكومة. فهما المكونان للمجتمع».