الأسد في الكرملين… صمت أميركي وردود فعل سعودية ـ تركية

في زيارة سرية لم تعلن إلا بعد يوم واحد من إتمامها، استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره السوري بشار الأسد أول من أمس بحضور وزيري الدفاع والخارجية الروسيين.

وقد عقد الرئيسان ثلاثة اجتماعات في لقاء القمة، لقاء موسّع بحضور وزيري الخارجية والدفاع الروسيين، ولقاء ثنائي مغلق، وعشاء عمل بحضور رئيس الحكومة الروسية ووزيري الخارجية والدفاع، حيث أطلع الرئيس الأسد نظيره الروسي على الوضع في بلاده والخطط المستقبلية للجيش السوري. كما جرت مناقشة مختلف جوانب العلاقات الثنائية بين البلدين.

وأفاد المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف أن الرئيسين فلاديمير بوتين وبشار الأسد ناقشا المسائل المتعلقة بمتابعة العملية الجوية الروسية في سورية. وقال: «ناقش الرئيسان بالطبع مسائل محاربة المجموعات الإرهابية المتطرفة، والقضايا المتعلقة بمتابعة العملية الروسية ودعم العمليات الهجومية للقوات المسلحة السورية».

من جهة أخرى، أكد الرئيس السوري أن العملية العسكرية الروسية تجري في إطار القانون الدولي، وعبر عن أمله في أن تتابع موسكو ودمشق عملية إعادة بناء سورية اقتصادياً وسياسياً. وقال: «يفهم الجميع أن أي عمل عسكري يفترض خطوات سياسية لاحقة». وعن المساعدة الروسية في محاربة الإرهاب قال الأسد: «لولا قراراتكم وأعمالكم لكان الإرهاب الذي انتشر في المنطقة شغل مساحات أكبر بكثير وانتشر في مناطق أوسع بكثير».

أما الرئيس الروسي بوتين فأعرب عن استعداد روسيا لتقديم المساعدة في التسوية السياسية للأزمة السورية، منوهاً بأن الكلمة الحاسمة في التسوية يجب أن تكون بلا أدنى شك للشعب السوري. وقال: «روسيا مستعدة ليس فقط للمساهمة في العمليات الحربية لمكافحة الإرهاب، بل وفي العملية السياسية»، منوهاً بالاستعداد للتعاون مع الدول الكبرى والإقليمية الأخرى المعنية بحل النزاع السوري سلمياً. وأشار الرئيس الروسي إلى أن سورية كانت وحدها عملياً خلال سنوات عدة تحارب الإرهاب وتتحمل خسائر جدية «كان الشعب السوري وحده عملياً يقاوم ويحارب الإرهاب الدولي طوال سنوات عدة ويتحمل خسائر جدية، ومع ذلك يحقق في الفترة الأخيرة نتائج إيجابية جدية».

وأعلن أن روسيا بشأن الوضع الراهن في سورية تنطلق من أن التسوية في هذا البلد في النهاية ممكنة فقط على أساس العملية السياسية يمكن التوصل في نهاية المطاف إلى تسوية مستقرة بمشاركة كل القوى السياسية والمجموعات الإثنية والدينية. وفي نهاية المطاف تبقى الكلمة الفصل للشعب السوري.

وقد لاقت زيارة الأسد ردود فعل تركية سعودية في حين لم يصدر عن واشنطن أي تعليق بالتزامن مع اتصال هاتفي بين وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري، بحث خلاله الوزيران التطورات في سورية والتحضيرات للقاء روسي أميركي سعودي – تركي سيعقد في فيينا غداً الجمعة على مستوى وزراء الخارجية.

وفي السياق، اتصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هاتفياً بنظيره الروسي بعد زيارة الرئيس السوري، بينما تمنى رئيس الوزراء التركي لو بقي الأسد في روسيا إلى الأبد.

وقال دميتري بيسكوف الناطق الصحافي للكرملين إن الأخير أبلغ نظيره التركي بنتائج زيارة الرئيس السوري لموسكو، وبحث الزعيمان التطورات الأخيرة في سورية.

وذكر الديوان الرئاسي التركي أن أردوغان أعرب لبوتين، عن قلقه من التطورات الأخيرة في سورية وتحدث عن مخاوفه من احتمال تنامي تدفق اللاجئين على خلفية تصاعد العمليات القتالية.

وفي وقت سابق، جدد رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو إصراره على ضرورة تقديم ضمانات على رحيل الأسد قبل إطلاق مرحلة انتقالية. وقال تعليقاً على زيارة الأخير إلى موسكو «أتمنى أن يبقى هناك»، ونفى تعديل موقف بلاده حيال التسوية السورية، موضحاً أن أية عملية سياسية في البلاد يجب أن تأتي بضمانات على رحيل الأسد.

وأعلن الكرملين أن الرئيس بوتين أبلغ العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز خلال مكالمة هاتفية بينهما، بنتائج زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى موسكو.

وفي وقت سابق، ذكرت وكالة الأنباء السعودية أن الملك سلمان تلقى اتصالاً هاتفياً اليوم الأربعاء من الرئيس بوتين، مضيفة أنه جرى خلال الاتصال بحث العلاقات الثنائية، إضافة إلى الأوضاع في المنطقة ومستجدات الأحداث على الساحتين الإقليمية والدولية.

أما دميتري بيسكوف الناطق الصحافي باسم الرئيس الروسي فقال تعليقاً على المكالمة الهاتفية إن المحادثات بين بوتين والملك سلمان تناولت التطورات في سورية، كما أبلغ الرئيس الروسي العاهل السعودي بنتائج زيارة الرئيس السوري إلى موسكو.

وفي سياق متصل، قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إنه لا يمكن لروسيا أن تسمح بتنامي الخطر الذي يمثله تنظيم «داعش» الإرهابي، ولذلك ستواصل دعم السلطات السورية الشرعية.

وأكد شويغو أمس خلال اجتماع مشترك لهيئتي القيادة في وزارتي الدفاع الروسية والبيلاروسية أن السلطات الحكومية في سورية بفضل الدعم العسكري الروسي انتقلت من الدفاع إلى الهجوم، وحررت جزءاً من الأراضي التي سبق لتنظيم «داعش» أن استولى عليها، وقال: «إننا نخطط لمواصلة تقديم المساعدة للسلطات الشرعية في سورية والعمل على توفير المقدمات لتسوية هذا النزاع».

ونفت القيادة العامة للجيش السوري وجود جنود روس يشاركون في الأعمال القتالية البرية داخل سورية، ووصفت الأنباء التي تناقلتها وسائل إعلام بهذا الشأن، بأنها دعاية كاذبة. وأوضحت أن المشاركة الروسية تقتصر على الضربات الجوية.

الى ذلك، أكد نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد أن سورية ليست لقمة سائغة لا للقطرييين ولا للسعوديين ولا للأتراك، محذراً من أن رد دمشق سيكون قاسياً في حال أي عدوان عليها.

وقال المقداد رداً على تصريحات وزير الخارجية القطري: «إذا نفذت قطر تهديداتها بالتدخل عسكرياً في سورية سنعتبر ذلك عدواناً مباشراً» مضيفاً أن دور الدوحة والرياض وأنقرة كان واضحاً في تدمير سورية، مؤكداً أن «سورية ستستمر بالدفاع عن الشرعية الدولية بوجه من يدعم القتلة والإرهاب».

وكان وزير الخارجية القطري خالد العطية قال في مقابلة إن بلاده لا تستبعد إعادة النظر في الخيار العسكري في سورية، كما أنها لا تستبعد أي عرض مع السعودية وتركيا في سبيل تحقيق ذلك.

وفي معرض إجابته على قال العطية إن «أي شيء سيؤدي إلى حماية الشعب السوري، ويحمي سورية من الانقسام لن نألو جهداً للقيام به مع أخوتنا السعوديين والأتراك، مهما كان هذا الشيء، وإذا كان التدخل العسكري سيحمي الشعب السوري من وحشية النظام السوري فبالطبع سنقوم به».

ميدانياً، ذكرت وزارة الدفاع الروسية أن تنظيم «داعش» الإرهابي في سورية يجري مفاوضات مع بعض فصائل «جبهة النصرة» حول توحيد الصفوف لمواجهة الجيش السوري.

وأوضح اللواء إيغور كوناشينكوف الناطق باسم وزارة الدفاع أن وسائل الاستطلاع الروسية اعترضت مكالمات عديدة تدل على بدء عملية تفاوضية بين قادة فصائل كبيرة عدة منضوية تحت لواء «جبهة النصرة» من جهة، وقادة تنظيم «داعش» من جهة أخرى، حول إمكانية توحيد الصفوف في وجه هجمات الجيش السوري.

في غضون ذلك دمرت القاذفات الروسية مركز مراقبة لـ «داعش» يقع على جبل سيرياتل في ريف إدلب، كما دمرت مستودع ذخائر مموه في جسر الشغور. وبين كوناشينكوف أن «المركز كان يتحكم في القصف الذي تجريه العصابات في ساحة القتال حيث كان يتم توجيه القصف من مرابض الهاون».

و أكد كوناشينكوف أن الطائرات الروسية قامت خلال الـ24 ساعة الأخيرة بـ46 طلعة شنت خلالها 83 ضربة على مواقع البنية التحتية تابعة لـ«داعش»، في كل من ريف إدلب وحلب ودير الزور ودمشق وحماة.

وأكد أن المسلحين المنسحبين تحت ضربات الجيش السوري يتخذون تكتيك تلغيم الأماكن والأبنية في الأحياء السكنية التي ينسحبون منها بقنابل موقتة، يتم تمويهها بشكل جيد وتحديد الوقت لحين دخول الجيش السوري وعودة الأهالي إلى بيوتهم.

وذكر أنه في ريف حلب دمرت المقاتلات الروسية موقعاً لـ«جبهة النصرة» حيث كانت تُصنع عبوات ناسفة يتحكم فيها عن بعد، بالإضافة إلى تدمير مستودع مليء بمواد متفجرة وشاحنتين محملتين بها كانتا مركونتين قرب المستودع.

وقال بيان وزارة الدفاع الروسية إن قاذفات سو-25 دمرت في خان شيخون في منطقة الغاب معسكراً ميدانياً لـ«جبهة النصرة» بعد تحديد موقعه من خلال الاستطلاع الجوي.

في غضون ذلك، رصدت مكالمات لاسلكية في الـ19 من تشرين الأول معلومات تفيد باعتزام زعماء العصابات الناشطة في سرمين بريف إدلب عقد اجتماع في ما بينهم، وبعد تدقيق إضافي للمعلومات من مصادر أخرى، تم تحديد زمن ومكان الاجتماع حيث تبين أنه عقد في بناء مهجور فأرسلت طائرات من دون طيار لمراقبة المكان، الذي وصلته ليلة الأربعاء 9 سيارات رباعية الدفع عليها رشاشات ذات عيار كبير، وشنت قاذفة سو-34 غارة دقيقة بقنبلة كاب-500 دمرت المكان بالكامل على من فيه.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى