المؤتمر القومي العربي ينعقد في دورته الـ 25 في بيروت بحضور 240 مشاركاً و100 مراقب

محمد حمية

افتتح المؤتمر القومي العربي دورته الخامسة والعشرين في فندق «كراون بلازا» في الحمرا ـ بيروت، بمشاركة 240 شخصية جاؤوا من 18 دولة ومن المهجر، وبحضور حوالى مئة مراقب.

ترأس الجلسة الافتتاحية أمين عام المؤتمر السابق المحامي خالد السفياني الذي أشار إلى مركزية فلسطين في أولويات الأمة، وإلى اقتراح أمين عام منظمة التعاون الاسلامي مؤخراً باعتبار القدس عاصمة للسياحة العالمية عام 2016، ما يشير إلى درجة التردي التي وصلت إليها أوضاعنا، واقترح السفياني أن تكون القدس عاصمة المقاومة ومناهضة الامبريالية.

وافتتح المؤتمر عبد الملك المخلافي أمين عام المؤتمر القومي العربي بكلمة جاء فيها: «بين دورتي المؤتمر الرابعة والعشرين في القاهرة السنة الماضية، وهذه الدورة في بيروت، جرت مياه كثيرة في الأرض والبحار العربية من المحيط إلى الخليج، وذلك أمر طبيعي، ولكن المقلق والمخيف والمزعج أن دماء كثيرة قد جرت أيضاً على الأرض العربية، وأواصر قد مزقت وأثماناً قد دفعت من وحدة دول الأمة ووحدة أوطانها، وجرى الابتعاد عن ثوابت الأمة، وأولويات صراعها مع عدوها الاستعماري الاستيطاني، ممثلاً بالكيان الصهيوني، ومن يقف وراءه من قوى الاستعمار والهيمنة وفي مقدمها الولايات المتحدة الأميركية، نحو دروب فرعية وصراعات جانبية إما داخل الأوطان أو مع الجوار الحضاري، وكل ذلك على حساب مركزية الصراع مع العدو الصهيوني، ومركزية القضية الفلسطينية، واستبدلت فكرة المقاومة للعدو والقتال معه إلى فكرة النزاع مع الآخر الشريك في الوطن، والاقتتال معه، وأحياناً مجرد قتله».

ولهذا فإن انعقاد مؤتمرنا القومي العربي في دورته الخامسة والعشرين، وهذا الحضور اللافت إلى هذه الدورة، يعكس استشعار أعضاء المؤتمر، ومن يمثلون، وما يمثلون، للمخاطر التي تحيط بالأمة، والحاجة إلى استنهاض المشروع القومي الوحدوي والتيار القومي في هذه الظروف، باعتبار أنهما ـ المشروع والتيار ـ البديلان الموضوعيان للمشاريع التمزيقية دينية وطائفية ومذهبية. وما أحوج القوى الوطنية والقومية في كل قُطر، مثلما على صعيد الأمة، إلى طرح مشاريع وطنية وقومية لاستعادة وحدتها، بديلة للمشاريع التمزيقية طائفية ومذهبية وجهوية وعرقية. فلا يمكن مواجهة هذه المشاريع التفتيتية إلا بمشروع وطني وقومي، ولا يمكن أن يشكل بديلاً منها إلا مشروع كهذا، لا مشاريع طائفية وتفتيتية أخرى تتماهى معها حتى ولو جاءت من الطرف الآخر المظلوم. فالمظلوم سيتحول إلى ظالم جديد، والوطن سيبقى ممزقاً ومنقسماً».

شفيق

ثم تحدّث منير شفيق، منسّق عام المؤتمر القومي الاسلامي، وجاء في كلمته: «لقد انتهى عالم أحادية القطبية قبل أن يُثبِّت أركانه، فمنذ أربع سنوات أخذت تتضح أكثر فأكثر سرعة أفول السيطرة الأميركية الأوربية على العالم. أصبح لدينا عالم متعدّد الأقطاب الدولية والإقليمية، ولكنه في طور التحولات الكبرى، ولم يتحول إلى نظام متعدّد القطبية بعد. ولهذا يتسم بالسيولة والفوضى واللاسيطرة، ومن هنا فتحت آفاقٌ لنهوض قوى جديدة من ألوان مختلفة، وأحياناً متضادة، وازدادت فعالية القوى المحلية والإقليمية على حساب تراجع أدوار القوى الإمبريالية الدولية».

وأضاف: «الكيان الصهيوني اليوم ضعيف بسبب ضعف أميركا والغرب، وقد صحب ذلك ضعف بنيوي داخلي نجم عن دخوله مرحلة التفسخ وفقدان ما سمي بالطلائعية سابقاً، والدليل نمو الاتجاهات الأشد عنصرية وتعصباً وتوراتية. فمستوى القيادات أصبح منحطاً بالمعنى حتى الصهيوني الأول.

أما الدليل الأشدّ بلاغة، فهزائم الكيان الصهيوني المتلاحقة منذ تحرير جنوب لبنان عام 2000 وحرب حزيران/تموز 2006، وحربي 2009 و2012 في قطاع غزّة، فقد أصبح جنوب لبنان وقطاع غزّة خارج قدرته على اكتساحهما».

صالح

وجاء في كلمة أمين عام المؤتمر العام للأحزاب العربية قاسم صالح: «أتقدم بالشكر إلى الامانة العامة للمؤتمر لدعوتي إلى المشاركة بِاسم المؤتمر العام للأحزاب العربية في افتتاح الدورة الخامسة والعشرين التي تعقد في رحاب مدينة بيروت عاصمة المقاومة والانتصار، في ظل تطورات وتحدّيات مصيرية تواجه أمتنا.

لقد تمكن مؤتمركم من تشكيل حاضنة فكرية وسياسية وثقافية، وحضوراً لافتاً للقضية القومية، ودعوة دائمة إلى الوحدة، على رغم تفشي النعرات والعصبيات الطائفية والعرقية، والمذهبية والجهوية التي تعمل على تقسيم وتفتيت كيانات الامة استجابة لمشاريع الغرب وتنفيذاً لها، والتي تهدف بالمحصلة إلى إنتاج سايكس ـ بيكو جديدة يحقق حلم أعداء الأمة بفرض مشروع الشرق الاوسط الجديد الذي يفضي إلى قيام كانتونات هجينة، مستلبة الارداة وفاقدة للقدرة والقوة، فيسود العدو الصهيوني، ويتحقق مشروع الهيمنة الغربية على الأمة وثرواتها.

لكن مؤتمركم تمكن منذ نشأته وحتى اليوم في ان يشكل، عبر حمله مشروع الوحدة في مواجهة مشاريع التبعية التي سعى إليها عدد من القوى المرتبطة بالخارج، عبر استجداء التدخل من الولايات المتحدة وحلفائها لشن عمليات عسكرية ضد دول المنطقة وشعوبها بهدف فرض معادلات جديدة توهن جسم الأمة وتبقي على تفوقه وأمن الكيان الصهيوني.

إن ما تتعرض له سورية من حرب كونية تستهدفها منذ ثلاث سنوات، وما لقيته ليبيا في صراع دموي داخلي، وما عصف في السودان من تقسيم لأراضيه. وما تشهده تونس واليمن ومصر من عمليات إرهابية، وما تعرض له العراق مؤخراً من احتلال لجزء من أراضيه على يد العصابات التكفيرية، كل ذلك يضعنا أمام تحدّ مصيري يوجب علينا تحديد رؤية مستقبلية تعيّن الاولويات التي يمكن أن تشكل نقاط التقاء جامعة توحّد الجهود والقوى لنتمكن من رفع راية مصلحة الأمة على ما عداها من مصالح فئوية.

فالأرض تميد من تحتنا، لذا، فإن علينا أن نتجاوز المسائل الخلافية والانقسامية عبر حوار معمق ومسؤول يؤدّي إلى تغليب المشترك والخروج من دائرة الاصطفافات الفئوية، وأعتقد أن ما يجمعنا أكثر بكثير ممّا يفرّقنا».

الجلسة الثانية

الجلسة الثانية ترأسها عضو الأمانة العامة للمؤتمر كمال شاتيلا الذي شدّد على ضرورة إعادة الاعتبار للفكر الوحدوي، للدفاع عن الدولة الوطنية.

ثم عرض الباحث د. كمال خلف الطويل تقرير حال الأمة الذي يعدّه كل سنة مركز دراسات الوحدة العربية، فيما قدّم الأمين العام السابق للمؤتمر معن بشور ورقة تقويمية حول تجربة المؤتمر بعد 25 سنة، تناول إيجابيات التجربة وثغراتها ورؤية مستقبلية.

وفي ختام الجلسة، عرض الدكتور محمد المجذوب التحضيرات الجارية من قبل مركز دراسات الوحدة العربية لإعداد دستور اتحادي عربي بمعونة عدد من القانونيين وبمشاركة أكبر عدد من المهتمين.

وقفة أمام الصليب الأحمر الدولي

وكان المشاركون في المؤتمر قد شاركوا في اعتصام أمام الصليب الأحمر الدولي بدعوة من اللجنة الوطنية للدفاع عن الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الصهيوني، تضامناً مع الأسرى والمعتلقين في سجون الاحتلال «الإسرائيلي»، والأسرى الإداريين المضربين عن الطعام، ودعماً لحق الشعب الفلسطيني باعتماد كل الوسائل لتحرير الأسرى. وتحدث عضو المؤتمر أمين عام اتحاد المحامين العرب رئيس اللجنة الوطنية للدفاع عن الأسرى والمعتقلين الأستاذ عمر زين محيّياً مبادرة المؤتمر وأمينه العام لهذه الوقفة، عارضاً أوضاع المعتقلين.

شهادات على هامش المؤتمر

على هامش الدورة الخامسة والعشرين للمؤتمر القومي العربي، التقت «البناء» عدداً من الفعاليات المشاركة والفاعلة فيه.

المخلافي

أمينه العام عبد الملك المخلافي، الذي اعتبر أنّ انعقاد المؤتمر يحمل المشروع العربي التقدمي الحداثي في ظل ظروف تقسيمية طائفية مذهبية تكفيرية جهوية، وهو ذو دلالة كبيرة على أنه ما زال في العالم العربي مشاريع بديلة لمشاريع التقسيم والتفتيت، ومشاريع تتمسك بالثوابت، وأنّ انعقاد المؤتمر دلالة أيضاً على أن القضية الفلسطينية هي القضية المحورية، وتفضح هذه المشاريع التقسيمية التي تخدم العدو الصهيوني.

وحول التطورات الأمنية الأخيرة في العراق قال المخلافي: «إنّ العدو الأميركي الذي احتل العراق جاء ليطمس هوية العراق الواحدة ووحدة الشعب العراقي من خلال خلق هويات مذهبية طائفية وعرقية عدّة متصارعة من أجل تمزيق العراق وإضعاف دور هذا البلد الكبير. وأعتقد أنه نجح نسبياً في هذا الجانب». وأشار إلى أن المطلوب في العراق اليوم، إطلاق مشروع عربي قومي لإنقاذ العراق، لا إطلاق مشاريع طائفية، وإذا لم يطلق هذا المشروع وتتبنّاه القوى الوطنية العراقية، فإن العراق يراد له أن يدخل من قبل الأعداء في نفق مظلم وحرب أهلية وصراعات لن تتوقف.

وحول ما سيحققه المؤتمر من نتائج، رأى المخلافي أنّ الحشد الذي حضر المؤتمر من كافة الأقطار العربية، على رغم مشاق السفر والكلفة التي يتحملها الأعضاء، لأن المؤتمر لا يمتلك إمكانات هذا الحضور، وتضحياتهم في تحمل تكاليف هذا الحضور، كل ذلك تعبير عن رغبة الجميع في الخروج بنتائج تخدم هذه الأمة وإعادة إطلاق المشروع القومي والحركة القومية العربية.

وتحدّث المخلافي عن الوضع في اليمن في ظل ما يجري في المنطقة، معتبراً أن اليمن تسير بخارطة طريق إيجابية على رغم كلّ المعوقات، وعلى رغم أن أصحاب المشاريع الصغيرة الذين لا يريدون للمشروع الوطني التغييري أن ينجح، لا يزالوا يحاولون إعاقة هذا المشروع، لكن خارطة الطريق التي اتُفق عليها في الحوار الوطني، تسير بشكل إيجابي وننتظر في السنة المقبلة أن يكون هناك دستور جديد في اليمن وانتخابات جديدة تؤسّس ليمن جديد.

البيومي

وتحدث أيضاً الدكتور أشرف البيومي، أستاذ الكيمياء الفيزيائية في جامعتي الاسكندرية وميشغن سابقاً، واعتبر أن هناك عوامل داخلية وخارجية في ما يجري في العراق قائلاً: «نحن دائماً نُتهم أننا نرمي أعباءنا على الخارج، ولكن في المقالب دائماً هناك تفاعل بين العوامل الداخلية والخارجية، والعوامل الداخلية هي أولاً، أن الحكومة العراقية لم تشارك الأطراف الأخرى بعضها شيعي وبعضها سنّي في الحكومة، وثانياً، غياب التدريبات في الجيش العراقي والتماسك داخله، وثالثاً، غياب العمليات الاستخباراتية التي من المفروض أن تحذر من العمليات الإرهابية.

وأشار إلى أن من العوامل الخارجية، دور السعودية الكبير في دعم هذه المجموعات الإرهابية التي اجتاحت العراق، «وأقولها من دون تردّد وبوضوح، إن السعودية تلعب دوراً سلبياً لا يخدم إلا الإمبريالية الأميركية والكيان الصهيوني سواء في سورية أم في العراق، كما أنها تنمّي الطائفية».

وأضاف البيومي: «يجب أن يعامل كل مواطن عراقي كمواطن، لا كسنّي أو شيعي أو آشوري، ولا ننسى أن مجموعة إرهابية صغيرة تستطيع أن تحقق فجأة انتصارات على الأرض كما حصل في الموصل».

ولفت إلى أنه من الصعب طرد هذه المجموعات الإرهابية لأن عناصرها مختلطون مع المدنيين، ولا نريد أن نقلل من صعوبة إخراجهم، ويجب ألا نبالغ أيضاً في قوتهم، وأنهم على وشك السيطرة على السلطة في العراق.

وعن العلاقة بين الأحداث العراقية وما يجري في سورية، اعتبر البيومي أن ما يدور في سورية هو الاخطر والمحوري، لأن ما يجري في سورية ليس حماية لنظام مقاوم رفض الإملاءات الأميركية ورفض المعاهدات مثل «كامب دايفيد» و«وداي عربة» و«أوسلو»، إن بقاء هذا النظام محوري بالنسبة إلى العالم العربي كله، وتبيّن أن ما يجري في سورية مهم على الساحة الدولية لما يجري من تنافس القوى العالمية أي بين أميركا وأوروبا من جهة، وبين روسيا والصين من جهة أخرى، ومن هنا نفهم التأييد المبدئي الروسي الصيني لمكافجة الإرهاب ودعم النظام السوري.

وأضاف: «للأسف الشديد الدعاية الواسعة والمغرضة من قطر والسعودية أثرت على قطاعات واسعة من الشعب العربي، وركّزت فقط على جانب قد يكون له سلبيات في النظام السوري، لكن الآن، هذه الغشاوة بدأت تنقشع في مصر خصوصاً عندما أدرك المصريون أن ما يحدث للإخوان المسلمين والإرهاب الذي يحدث في سيناء، شبيه لما يحدث في سورية».

وعن دور مصر في ما يدور على الساحة العربية اعتبر البيومي أن الواقع التاريخي والجغرافي يجعل دور مصر محورياً، والمواطن المصري غير المتعلم أكثر نقاوة في رؤيته من المتعلّمين، لأن المتعلم يمكن أن يكون انتهازياً ومتطلعاً إلى منصب أم ثراء، أما الشخص الذي ليس له أيّ تطلعات وصحيح أن ثقافته متواضعة جدّاً ولكن لا يعني ذلك أن ليس له إدراك.

وأضاف: «ما حدث في مصر من عدم الثقة في الإخوان المسلمين وتعريتهم، وأيضاً هم لعبوا دوراً أساسياً في كشف أنفسهم، وبعض الأشخاص الذين رفعوا شعارات ناصرية تحالفت مع الإخوان وفشلوا في الانتخابات الأخيرة فشلاً ذريعاً، ما أثبت أن المواطن المصري غير المتعلّم لديه إدراك وليس غبياً».

أمّا كيف يرى مصر بعد انتخاب عبد الفتاح السيسي رئيساً قال البيومي: «هناك نوع من الارتباح في الشارع المصري، وهناك توقعات كثيرة بالنسبة إلى الأمن والاستقرار وتخفيف المعاناة المعيشية، وهناك الكثير من الأعباء على النظام ولكن يبدو أن السيسي لديه ملفات معينة يريد أن يحقق فيها إنجازاً».

وتابع البيومي قائلاً: «من السابق لأوانه تقويم رؤية السيسي للقضايا السياسية والاقتصادية، ولكننا نرى أن هناك تحسناً ما في العلاقة المصرية ـ السورية، ونلاحظ أن الحكومة المصرية لا تتحدث مع ما يسمى «الائتلاف السوري»، وهناك تغييرات ولكن هل هي كافية؟ بالتأكيد لا».

وشدّد البيومي على أنه لا بد من عودة السفير السوري إلى مصر ومن المعيب أن يكون لدى العدو الصهيوني سفيراً في مصر وألا يكون لسورية سفير، وللأسف أن أحد الناصريين هو من طالب في مجلس الشعب بسحب السفير المصري من سورية».

كما انتقد البيومي بعض مواقف المشاركين في المؤتمر قائلاً: «في المؤتمر القومي العربي السابق في القاهرة، حاول شريحة من قيادات المؤتمر أن تفرض علينا راشد الغنوشي ليتحدث في المؤتمر، وكان هناك اعتراض واسع على هذا، والبعض برّر ذلك من منطلق حرية الرأي»، كما انتقد بعض المواقف في المؤتمر المجحفة بحق سورية».

اللامي

واعتبر نائب رئيس «التيار العربي» في العراق، ونقيب الصحافيين العراقيين الأسبق عبد الله اللامي، أن ما يشهده العراق من ظروف صعبة ومعقدة، لا سيما بعد إنجاز الانتخابات البرلمانية التي جرت في العشرين من الشهر الماضي، يؤشّر إلى أن هناك عدداً من المفاهيم والموضوعات المعقدة والصعبة التي طرحت على الساحة السياسية العراقية، لا سيما لناحية تشكيل الحكومة العراقية والولاية الثالثة لرئيس الوزراء السابق نور المالكي.

وأضاف: «هناك عددٌ من التعقيدات التي جرت على الساحة العراقية أبرزها تشكيل حكومة شراكة وطنية أم حكومة أغلبية، ونحن كتيار عربي سياسي له مكانته على الساحة السياسية العراقية، نجد أن حكومة الشراكة الوطنية ومن خلال تجربتنا على مدى السنوات الثماني الماضية، شابتها صعوبات وتعقيدات لأن عملية الشراكة الوطنية عبارة عن شراكة لنهب ثروات العراق وتوزيع الحصص السياسية على الكتل المتصارعة، ونحن نطالب بحكومة غالبية كائناً من كان رئيس الوزراء.

ولفت في هذا السياق إلى أن في حكومة الغالبية نجد معارضة حقيقية تستطيع درس الملفات الخاصة بالحكومة وتشكيل حكومة الظل، وحكومة الظل هذه تستطيع درس الملفات والمعوقات والمشاكل التي تعيق حكومة الغالبية، وحينذاك تستطيع حكومة الظل تشكيل حكومة أمر واقع.

واعتبر اللامي أن المشكلة ليست في ترؤس الرئيس نور المالكي الحكومة المقبلة، بل في الاتفاق على كيفية إدارة هذه الحكومة، «ونحن نرى أن حكومة الغالبية هي الواقع السليم لقيادة البلد للسنوات الأربع المقبلة، لأن حكومة الشراكة الوطنية تعطل فيها تطبيق القوانين، إذ لم يستطع رئيس الحكومة إقالة مدير عام ولا محافظ ولا قيادة البلد إلى بر الأمان، وعندما تتعطل مصالح الكتل السياسية تتعطل الحركة البرلمانية وتتعطل الحكومة، ومن ينادي بحكومة الشراكة الوطنية يريد تعطيل الحياة السياسية».

أما كيف يرى اللامي العراق من زاوية العروبة وهل هو فعلاً بؤرة للإرهاب أو في طليعة الدول المواجهة له، أشار إلى أن العراق بجميع قياداته بمن فيها الحكومة الحالية والشعب والأحزاب الوطنية والقومية، يجد أن تصدّي الحكومة للعمليات الإرهابية يدعو للفخر والاعتزاز، «لكننا نرى من وجهة أخرى أن السلاح لم يستطع أن يحل مشكلة، بل إن الحوار واحترام الرأي الآخر وإفساح المجال للآخرين في الإدلاء بآرائهم يخدم المجتمع العراقي ويخدم العروبة ويضع العراق شريكاً لمصر وسورية، لا سيما بعد الانتخابات المصرية والسورية التي أفرزت قائداً جديداً لمصر العروبة وسورية بقيادة الرئيس القائد بشار الأسد، ونعتقد أن لمصر دوراً فاعلاً في المنطقة العربية، وتستطيع أن تجسد الواقع العربي من أجل خدمة أهداف العروبة، والحوار هو العمل الأساسي والصحيح لعملية البناء وانتقال الدولة المدنية وتأسيسها وقيادتها إلى برّ الأمان».

وأكد اللامي أن الضعف في الأداء الحكومي مصدر تعدّد في الآراء والأفكار والتعليمات التي قد تكون حكومية أو حزبية أو تكتلية، وهذه التعليمات تأتي من خلال وجود حكومة الشراكة الوطنية، لكنه إذا كانت هناك حكومة غالبية يستطيع رئيس الوزراء وضع يده على الجرح ومداواته، ولكن في حكومة الشراكة الوطنية يكون هذا الوزير أو ذاك المسؤول الذي ينتمي إلى هذا الحزب أو تلك الكتلة سبباً في تعدّد المراكز السياسية في الحكومة، وإصابتها بالشلل، ما يجعلها غير قادرة على النهوض بمهامها.

وأضاف: «منذ بداية الغزو الأميركي للعراق عام 2003، هناك صراعات بين الدول الإقليمية، وكل دولة تريد أن تضع يدها على مساحة معينة من العراق، والعراق ليس مثل أفغانستان والصومال، بل هو بلد غني في كل شيء حتى في بشره».

واشار إلى «أن السعودية أرادت أن تشعل نار الفتنة بين المكونات العراقية وأنا رجل علماني ولا أؤمن مطلقاً بالمحاصصة الطائفية، والتفرد بمسألة الحكم لا يخدم أحداً ومشاركة الجميع في عملية البناء هي عملية سليمة تستطيع أن تبني الدولة المدنية المتقدمة وتلغي عسكرة المجتمع كما كان سائداً في السابق»،

مشدداً على «أن هدف الصراعات الإقليمية بين الدول هي تفتيت وحدة العراقيين ولكن وحدة المفاهيم والمشتركات الأساسية لعملية البناء وجمع القوى والحوار فيما بينها يمكن من قيادة البلاد وتعزيز العلاقة مع الأشقاء في الدول الإقليمية والعربية لا سيما الدولة الشقيقة العزيزة على العراق وعلى جميع العرب سورية خاصة بعد فوز الرئيس بشار الأسد لولاية جديدة».

يرى اللامي «أن العراقيين حالهم كحال الأشقاء في سورية استطاعوا أن يتصدوا ببطولة ومهارة عالية والوقوف مع رئيسهم القائد الرئيس المناضل بشار الأسد في التصدي للمؤامرات».

وأضاف: «سورية وقفت مع العراق قلباً وقالباً، والعراق بلد عروبي لا يمكن في يوم ما أن يتخلى عن سورية، ولا سورية عن العراق ولا عن مصر. إنّ مشروع الفتنة سيتعثر في العراق كما تعثر في سورية، وكما تعثر في مصر بقيادة الرئيس السيسي، وسيتعثر في العراق على أيدي أبناء العراق بكافة طوائفهم ومكوناتهم».

ورأى أن المؤمر القومي العربي في دورته الخامسة والعشرين يعدّ انطلاقة قومية عروبية في ظل ظروف معقدة وصعبة اجتاحت سورية والعراق، ويضمّ نخبة خيرة من القوميين العرب في البلدان العربية لطرح رؤىً وأفكار ومعالجات لما يمرّ به العالم العربي من مخاض عسير وصعب، «ونحن نريد من المؤتمر القومي الجديد رسم سياسة جديدة ترسخ وتعزّز موقع الامة، ونثق ثقة كاملة أن مؤتمر القوميين العرب الذي يحتضنه لبنان العروبة والثقافة سينجح بتحقيق أهدافه المشتركة والتي تخدم عالمنا العربي».

ووجّه اللامي ختاماً تحية إلى «البناء» معبّراً عن فخره بها قائلاً: «البناء تبني مجتمعاً خالياً من الشوائب بجهود كل العاملين فيها، نأمل أن يعيش لبنان العزيز خالياً من «الدواعش» والمنظمات الإرهابية، ليتقدم خطوات إلى الأمام وينهض بمسؤلياته».

تصوير: أكرم عبد الخالق

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى