الصحافة الأميركية تعزف مجدداً «نغمة» تقسيم سورية
أمام التقدّم الميداني الذي تحقّقه الطلعات الجوّية الروسية والقوات البرّية السورية ومعها المقاومة في الحرب ضدّ «داعش» والتنظيمات الإرهابية الأخرى في سورية، لم يبق أمام الصحافة الغربية إلا العودة إلى العزف على وتر التقسيم، معيدةً نغمة تقسيم سورية إلى دويلات تراعي التنوّع الطائفي، بحجة أنّ هذا التقسيم يمنح سورية السلام والأمن!
هذا ما ادّعته أمس مجلة «ناشونال إنترست» الأميركية على لسان الكاتب مايكل أوهانلون، الذي قال إنه يصعب تحقيق السلام في سورية. ودعا المجتمع الدولي إلى تفكيك البلاد إلى جيوب تكون أكثر أمناً، وقابلة للحكم والاستمرار على مرّ الزمن، وذلك بدءاً من تشكيل مناطق عازلة في أنحاء مختلفة من البلاد. مدّعياً أن الحلّ الأمثل للأزمة السورية يتمثل في تقسيم البلاد إلى أجزاء آمنة بحيث يمكن توحيدها مستقبلاً على شكل اتحاد كونفدرالي، وذلك لأنه يصعب الخروج بسورية موحدة بطريقة أخرى شاملة في الوقت الراهن. وأنه من أجل تأمين نجاح هذه الخطة فإنه جدير بالمجتمع الدولي إنشاء منطقتين أو ثلاث مناطق عازلة آمنة بحيث يقوم على حمايتها نحو ألف جندي أميركي، إضافة إلى قوات عمليات خاصة من الدول الأخرى.
وفي سياق الحديث عن تقدّم روسيا على الولايات المتحدة الأميركية، سلّطت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية الضوء على مقال نشرته مجلة «فورين بوليسي» الأميركية، تقول فيه إن روسيا تستخدم أسلحة وآليات قائمة على التكنولوجيات العالية من شأنها التشويش على الطائرات من دون طيار وحجب الاتصالات كافة في منطقة العمليات الحربية. واعتبرت المجلة ذلك حلقة واحدة في سلسلة عمليات الحرب الإلكترونية البارعة التي يخوضها الجيش الروسي في أوكرانيا وكانت مفاجأة للخبراء الأميركيين.
«ناشونال إنترست»: دعوة إلى تفكيك سورية تمهيداً لاتحاد كونفدراليّ
تستعر الحرب في سورية منذ نحو خمس سنوات، ويتزايد عدد اللاعبين فيها على المستويين الداخلي والخارجي حتى أصبحت الأزمة السورية المتفاقمة تمثل كابوساً ينذر بانتشار شرارة الحرب إلى المنطقة برمّتها.
في هذا الإطار، نشرت مجلة «ناشونال إنترست» مقالاً تحليلياً مطولاً للكاتب مايكل أوهانلون قال فيه إنه يصعب تحقيق السلام في سورية. ودعا المجتمع الدولي إلى تفكيك البلاد إلى جيوب تكون أكثر أمناً، وقابلة للحكم والاستمرار على مرّ الزمن، وذلك بدءاً من تشكيل مناطق عازلة في أنحاء مختلفة من البلاد.
وأوضح الكاتب أن استراتيجية إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تجاه سورية منذ انطلاق «الربيع العربي» في الشرق الأوسط تمثلت في سوء التقدير والإحباط والمآسي من دون أن تساهم في إيجاد حلّ للحرب الكارثية التي أسفرت عن مقتل مئات آلاف السوريين وتشريد الملايين من أبناء الشعب السوري.
وأضاف الكاتب أن صعود تنظيم «داعش» ربما لا يمثل تهديداً وشيكاً للأمن القومي الأميركي، ولكنه يمثل مخاطر كبيرة لأمن العراق ومستقبل سورية واستقرار لبنان والأردن، كما أنه يشكل خطراً على حياة الأميركيين، خصوصاً في حال عودة الجهاديين الغربيين من الشرق الأوسط إلى بلدانهم الأصلية.
وأشار إلى أن تنظيم «داعش» يشكل خطراً داخل سورية، خصوصاً في حال تمكّن «المعارضة» من إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وذلك لأن التنظيم قد يستولي على سورية بالكامل بدلاً من سيطرته الحالية على نصف مساحة البلاد، ما ينذر بالتالي باقترافه مجازر بحق الطائفة العلوية في غرب البلاد، وبحق الأقليات الطائفية الأخرى.
وأشار إلى أن تنظيم «داعش» يقوم بتجنيد نحو ألف مقاتل جديد في الشهر الواحد، ما يجعله يعوّض أي خسائر بشرية.
وأوضح الكاتب أن الحل الأمثل للأزمة السورية يتمثل في تقسيم البلاد إلى أجزاء آمنة بحيث يمكن توحيدها مستقبلاً على شكل اتحاد كونفدرالي، وذلك لأنه يصعب الخروج بسورية موحدة بطريقة أخرى شاملة في الوقت الراهن.
وأضاف أنه من أجل تأمين نجاح هذه الخطة فإنه جدير بالمجتمع الدولي إنشاء منطقتين أو ثلاث مناطق عازلة آمنة بحيث يقوم على حمايتها نحو ألف جندي أميركي، إضافة إلى قوات عمليات خاصة من الدول الأخرى.
واقترح الكاتب إقامة منطقة عازلة شمال سورية بحيث تكون ملاصقة للحدود التركية، وأخرى جنوبها ملاصقة للحدود الأردنية بحيث تكون هناك منطقة للأكراد وأخرى للعلويين بحماية روسية، واستمرار الجميع بالضغط على تنظيم «داعش» وعدم السماح له بالتمدّد.
وأضاف الكاتب أنه يمكن تزويد هذه المناطق العازلة بمواد الإغاثة اللازمة، ويمكن إعادة فتح المدارس فيها، ويمكن كذلك التجنيد والتدريب فيها لمصلحة «المعارضة»، وأشار إلى حاجة هذه المناطق إلى قوات حفظ سلام دولية. كما أشار إلى أن هذه المناطق تشكل الفرصة المناسبة لتوفير الأمن لجميع السوريين، وأنه يمكنها أن تأخذ بالتمدد والاتساع في المستقبل ثم تُنشئ علاقات كونفدرالية في ما بينها بدعم ورعاية من المجتمع الدولي.
«نيزافيسيمايا غازيتا»: روسيا تنتصر على الولايات المتحدة في الحرب الإلكترونية
نشرت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية مقالاً نقلت فيه عن مجلة «فورين بوليسي» الأميركية قولها إن روسيا تستخدم أسلحة وآليات قائمة على التكنولوجيات العالية من شأنها التشويش على الطائرات من دون طيار وحجب كافة الاتصالات في منطقة العمليات الحربية.
وأشارت الصحيفة إلى أن الطائرات من دون طيار التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا التي تتابع سير النزاع في جنوب شرق أوكرانيا تواجه مقاومة شديدة من جانب القوات الروسية التي تشوش إلكترونياً على عملها وتقوم بتعميتها عملياً.
وقالت «فورين بوليسي»: يعتبر ذلك حلقة واحدة في سلسلة عمليات الحرب الإلكترونية البارعة التي يخوضها الجيش الروسي في أوكرانيا وكانت مفاجأة للخبراء الأميركيين. فقد وجدوا أنفسهم يواجهون الجيش الروسي في أوكرانيا وسورية، المجهّز بمنظومات الحرب الإلكترونية من طراز «كراسنوخا». وتقوم هذه المنظومات بالتشويش على الرادارات والطائرات من دون طيار، ما جعل كبار الضباط في الجيش الأميركي يعترفون بأنهم قد تأخروا عن الروس في هذا المجال. ونقلت المجلة عن رونالد بونتيوس نائب قائد القوات الإلكترونية الأميركية قوله: لا يمكن القول إننا نمضي قدماً بوتائر سريعة كما تقضي بذلك الخطورة التي نواجهها.
وجاء في مقال «فورين بوليسي» أنّ الروس استعرضوا قدرات حربهم الإلكترونية منذ بدء تدخلهم في القرم ربيع عام 2014. وبعدما استخدموا معدّات الحرب الإلكترونية، وجد العسكريون الأوكرانيون أجهزتهم اللاسلكية عاطلة، إذ تنقطع عن العمل لمدة ساعات.
وأضافت أن مراقبي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أبلغوا قيادتهم أكثر من مرة بأن طائراتهم من دون طيار تتعرّض لعملية إسكات اتصالاتها عبر نظام «GPS» للملاحة الفضائية من قبل وسائل الحرب الإلكترونية الروسية.
واعترف جافري تشيرتش رئيس إدارة الحرب الإلكترونية في القوات البرية الأميركية بأن تصفية التأخر الأميركي في هذا المجال أمر غير سهل لأن ذلك يتطلب تجاوز النقص في معدّات الحرب الإلكترونية والخبراء ذوي الكفاءة العالية في ظروف عجز الموازنة العسكرية.
ونقلت المجلة عنه قوله إنه تمكن من تدريب بضع مئات من الخبراء في هذا المجال وهذا يشكل قطرة في البحر بالمقارنة مع قوة الحرب الإلكترونية التي تملكها كل من روسيا والصين. وفي هذا السياق، كانت الرئيسة السابقة لإدارة الحرب الإلكترونية في القوات البرية الأميركية قد أعلنت في آب الماضي أن قدرات روسيا على الاتصالات اللاسلكية تزيد عن قدرات الولايات المتحدة في هذا المجال بعدة أضعاف. وأضافت قائلة: لدينا استطلاع إلكتروني لاسلكي ممتاز، وبوسعنا التنصّت على العدو طوال 24 ساعة يومياً. لكن القدرات الروسية على إسكات اتصالاتنا تزيد بعدة أضعاف ما لدينا.
«غارديان»: كيف دمّر الغرب ليبيا وأعادها إلى كراهية الماضي؟
نشرت صحيفة «غارديان» البريطانية مقالاً للكاتب الجزائري ياسمينة خضرا اسم مستعار تساءل فيه: ما الذي أسقطه الغرب في ليبيا فعلاً عندما أطاح بنظام معمر القذافي؟ هل أطاح بديكتاتور أو طاغية أو نظام لاستغلال المواطنين؟
ويوضح خضرا أنه كان من الواضح جداً قبل التدخل الغربي أن العواقب ستكون وخيمة، لكن حلف شمال الاطلسي الناتو لم يتعلم أي دروس مما جرى في العراق من كوارث.
ويضيف خضرا أن الخبراء العسكريين خططوا لدحر نظام القذافي وضربوا كل مراكز التخطيط واتخاذ القرار والاتصال والقواعد الجوية ومراكز الحرب الإلكترونية وما إلى ذلك، لكنهم لم يتذكروا الأهمّ، والمتمثل بطبيعة العرب والبربر، وبالتالي كان من الواضح أن ليبيا تتجه إلى النمط العراقي نفسه.
ويوضح الكاتب أنه لا يمكن أبداً أن تقدم على هذه الخطوات العسكرية البسيطة من دون أن تعرف طبيعة الشعب الذي تتعامل معه، لأنك في هذا الحالة تجعل نفسك عرضة للمفاجآت.
ويعرّج خضرا إلى طبيعة أفراد القبائل العربية وقبائل البربر في ليبيا وثقافتهم، موضحاً أن الشعب الليبي تاريخياً لم يكن متّحداً تحت نظام حكم واحد إلا خلال فترة متأخرة من التاريخ، وأنهم كشعب تكوّن من اتحاد عدد من كيانات مستقلة وقبائل متفرّقة يربط بينها منطق التفاخر والسيادة.
ويؤكد خضرا وجود تاريخ من التناحر بين الأعراق والقبائل المختلفة التي عاشت في ليبيا، ما كسا تاريخها بالعداء والغارات والثأر المتبادل وهي أمور استمرت في التراكم على مدى أجيال كثيرة.
ويؤكد خضرا أن القذافي حقق ما لم يحقّقه حاكم قبله، وذلك بجمع شمل القبائل والأعراق المختلفة في دولة واحدة وعلى مدى عقود بعد الاطاحة بالملكية وتأسيس الجماهيرية مستفيداً من أصوله القبلية والفقيرة.
ويشير خضرا إلى أنه حالياً، وبعد العنف الذي استشرى في البلاد، بدأت كل عرقية أو قبيلة في التراجع إلى مناطق نفوذها التاريخية مطالبة بمنطقة سيادة خاصة أو حكم ذاتي، وهو ما يهدد وجود ليبيا كدولة موحدة.
ويعتقد خضرا أن هذه النموذج بدأ يستشري في كل منطقة شمال أفريقيا حيث أصبحت كل دولة عبارة عن لغم يمكنه أن ينفجر في أي لحظة، ويقوض الدول المجاورة في دول حوض البحر المتوسط.
ويخلص خضرا إلى وجوب فرض حكومة موحدة وبشكل فوري على جميع مناطق ليبيا كوسيلة أخيرة يمكنها أن تنقذ المنطقة من المصير المشؤوم.