رباعية أخرى… بنيّات متجدّدة
محمد محفوض
التقى وزراء خارجية روسيا والولايات المتحدة والسعودية وتركيا أمس في اجتماع هو الأول من نوعه على مستوى الأطراف لبحث أو ربما الإعلان عن سبل جديدة للحل في سورية.
يأتي هذا الاجتماع كنتيجة مباشرة وغير معلنة للزيارة التي قام بها الرئيس بشار الأسد إلى موسكو بدعوة من نظيره الروسي فلاديمير بوتين، حيث ناقش الرئيسان آخر المستجدات السياسية والعسكرية في ما يخص الحرب في سورية وعليها، ليؤكد بوتين شخصياً أول أمس أنّ موسكو تقف إلى جانب الأسد في المعركة ضد الإرهاب، وضدّ الخطط الغربية لمحاولات إسقاطه.
اجتماع فيينا شكّل سابقة دبلوماسية نظراً للظروف التي أدّت إليه والدول المشاركة فيه والتصريحات التي أطلقها وزراء خارجية الدول المشاركة والتي اتفقت بمضمونها على وجوب السير بطريق الحلّ السياسي مع الرئيس السوري، مهما اختلفت اللهجات واللكنات سعودية كانت أم تركية.
وإلى جانب وصف اللقاء بالحاسم من قبل أوساط روسية قريبة منه، يأتي بنبرة تفاؤلية تجلت في تصريح وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي قال إنه تم الاتفاق على مبادئ مشتركة حول مستقبل سورية، لتردف منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، بعلانية ووضوح عن ضرورة إشراك الرئيس السوري «في عملية الانتقال السياسي».
وزير الخارجية والممثل الأول لسياسة التعنت السعودي عادل الجبير رأى أنّ موقف روسيا من الأزمة في سورية يغذّي الحرب القائمة. وأضاف لدى وصوله إلى فيينا للمشاركة في الاجتماع: «نحن نعتقد أنّ التدخل الروسي في سورية أمر خطير جداً لأنه يزيد من تفاقم الصراع».
تغيب إيران عن المشهد لتحضر في تصريحات لافروف وكيري، حيث أكد الأخير أنّ إيران وعلى غرار الولايات المتحدة وروسيا وأوروبا «موافقة» على مبدأ حلّ سياسي في سورية، وأنّ الولايات المتحدة وروسيا وإيران وأوروبا «متفقون على بقاء سورية موحّدة»، وعلى أنّ الشعب السوري هو مَن يختار قيادته.
أما لافروف فيؤكد أنّ روسيا لا ترى منطقاً في تقديم دعم خارجي لسورية لا تشارك فيه إيران، مضيفاً بأنه لا يمكن تأسيس مجموعة دعم للتسوية من دون طهران.
الوزير الروسي عاد ليجدّد انفتاح بلاده للحوار مع كلّ الأطراف بقوله إنّ «مشاركة إيران ومصر وقطر والإمارات والأردن ضرورية لتسوية الأزمة»، كتعبير عن الدور الجديد الذي بدأت روسيا تلعبه كقطب عالمي فعال في الأزمات الدولية.
وأوضح لافروف أنّ روسيا «أكدت موقفها عندما وافقت على صيغة المحادثات التي اقترحها شركاؤها في لقاء فيينا»، ولم يستبعد انضمام ممثلين من الدول «المعنية» إلى اللقاء.
مهما يكن تبقى لغة الأفعال أبلغ من لغة الكلام، فعاصفة «السوخوي» وقمة الأسد ــــ بوتين، ثم الإعلان بعدها عن رباعية غير مسبوقة في فيينا، كلّ ذلك دفع بوسائل الإعلام العالمية للقول بأنّ هناك خطوة جادّة لإعلان مرحلة انتقالية من أجل إنهاء الأزمة السورية، وأنه بات يُنظر إلى فيينا كمسرح دولي للترويج لما تمّ التوصل إليه بين خطوط النار وتحت الطاولات الإقليمية.