فوتوغرافيّات أشرف بزناني غرابة خارج المألوف
كتب حسن سلمان: في أعماله الخارجة على المألوف، يحاول الفنان والمصور الفوتوغرافي المغربي أشرف بزناني الجمع بين الحقيقة والخيال في إطار سوريالي غرائبي يصدم المشاهد للوهلة الأولى، قبل أن يكتشف لاحقاً أن في الأمر «حيلة ما» انطلت عليه في البداية.
يقول بزناني: «أشتغل على أنواع مختلفة من التصوير مما هو مألوف، كتصوير الطبيعة والبورتريه، إلى الماكرو وغيره. لكن اهتمامي ينصب أكثر راهناً على التصوير المفاهيمي والتعبيري والسوريالي الخارج على المألوف والمتعارف عليه، ومن خلاله يمكن خلق صور تجمع بين النقيضين، الحقيقة والخيال بحيث تمتزجان وتتشكلان في قالب فني واحد يكون مدعاة للغرابة والتساؤل والدهشة». ويرى أن الخروج على المألوف يضع الأعمال الفوتوغرافية في مراتب متقدمة ومميزة مضيفاً: «أود أن أمنح الجمهور فرصة تذوق هذا الفن التصويري الرائع الذي لم يعرف في العالم العربي إلا منذ نحو عشر سنوات، بينما عُرف في الغرب منذ ستينات القرن الفائت».
أصدر بزناني حديثاً ألبوماً جديداً عنوانه «عبر عدستي» يعرض فيه أبرز أعماله الفوتوغرافية، ويقول إنه يعزز من خلاله مكانته كـ مصور فوتوغرافي مغربي ضمن لائحة الفوتوغرافيين العالميين في مجال التصوير السوريالي والمفاهيمي». تميزالألبوم الجديد الغرائبية والتداخل بين الواقع والخيال، وهي سمات تطبع جميع أعمال الفنان المغربي الشاب. ويركز أشرف دوماً على تصوير نفسه في حالات متعددة، فتارة يجلس داخل قارورة أو يقرأ كتاباً داخل مصباح كهربائي وأخرى يخرج دماغه ليتأمله أو يتجول بين أحجار الشطرنج! يقول بزناني: «قبل كل عمل أستحضر في ذهني مفهوماً معيناً وأبدأ بالتحضير لالتقاط الصورة التي تناسب هذا المفهوم، وهنا يعمل الخيال على تطوير الفكرة التي يمكن تنفيذها بمساعدة برامج خاصة. ولكل صورة رسالة مرتبطة بها تؤثر في الفكر على نحو مباشر».
ويؤكد أنه أول من أدخل هذا الفن إلى المغرب، مشيراً إلى أنه تأثر كثيراً بأعمال مصوّر الحروب الهنغاري روبرت كابا، خاصة صورته «الجندي لحظة الموت» التي التقطها لجندي مجهول عام 1932، ويظهر الجندي متراجعاً وفي حالة سقوط في اللحظة نفسها لإصابته برصاصة، وتعتبر هذه اللقطة إحدى أهم صور الحرب في القرن العشرين، ولاقت نجاحا باهرا رغم مأسويتها».
حول الفرق بين عمله الغرائبي والأعمال الفنية الأخرى مثل «الكيتش» وغيره، يقول أشرف بزناني: «التصوير الغرائبي والمفاهيمي فن نخبوي وراق جداً ويمثل الحداثة الفنية ولا غرض ربحياً من ورائه، على عكس الكيتش الرخيص والمبتذل».
يرى بعض الخبراء وجود تداخل كبير بين فن التصوير الضوئي والفن التشكيلي، مشيرين إلى إمكاني تحويل الصور الفوتوغرافية إلى لوحات فنية باستخدام عدد من البرامج التقنية.
يقول بزناني: «التصوير الفوتوغرافي هو أساساً رسم بواسطة الأشعة الضوئية، إنما باستخدام آلة تصوير محاكية لعمل العين البشرية. أما الفن التشكيلي فهو كل شيء يؤخذ من الواقع، ويُعاد صوغه أو تشكيله بطريقة مختلفة. أما بالنسبة إلى التصوير الرقمي فهو كل فن تصويري يمكن إنتاجه أو ابتكاره بواسطة الكمبيوتر باستخدام برامج خاصة للتعديل على الصورة والتغيير فيها». ويضيف: «من هنا يمكن الجزم بأن التصوير الرقمي يفيد من التقنية من لتوليد عمل فني مبتكر جديد يحمل صفات جمالية راقية، فمهما اختلفت الوسائل والتسميات والتوجهات الفنية، يبقي المبدع رساماً أو مصوراً على استخدام معظم الأدوات المتاحة ليعبر بها عن نفسه وروحه المتجددة».
ينتقد بزناني غياب الاهتمام بفن التصوير الضوئي في المغرب والعالم العربي عامة، مشيراً إلى أن الصورة «لم تستطع إيجاد مكان محترم مثلما يحدث في الغرب، فالصورة في الغرب جاءت بعد تراكم طويل لعدد من الفنون البصرية مثل النحت والرسم والمسرح والسينما، لكن الصورة في المغرب لم تجد إلاّ تجارب غير مكتملة لبعض الفنون البصرية، ما حد من نسبة الإبداع وتطوّر التصوير الفوتوغرافي محليا».
يستدرك قائلاً: «رغم ندرة معاهد ومدارس التصوير في المغرب إلاّ أن المشهد يعد حقاً بتوسع قاعدة الممارسين له في المستقبل القريب».