نصرالله لأميركا وآل سعود والتكفيريين: لا نعطيكم إعطاء الذليل ولا نقرّ إقرار العبيد
دعا الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله القيادات والقوى السياسية والشعب اللبناني لعدم انتظار التطورات في المنطقة مجدداً، وأن يبادروا إلى التفاهم والتعاون لإيجاد الحلول للأزمات الخطيرة التي تعصف بالبلد، والتعاطي بجدية مع الحوار القائم في مجلس النواب»، معتبراً أنه «لا بديل من طاولة الحوار القائمة الآن».
وشدد على الالتزام المطلق بمواجهة المشروع الصهيوني في المنطقة ومقاومة «إسرائيل» والعمل الدؤوب على رفع جهوزية المقاومة. كما أكد مواجهة الحرب الأميركية التكفيرية الإرهابية وتوجّه إلى أميركا وآل سعود والتكفيريين بالقول: «لا والله، لا نعطيكم بيدنا إعطاء الذليل ولا نقرّ إقرار العبيد»، مستنكراً «العدوان السعودي على شعب اليمن المظلوم، والقمع السعودي والخليجي لشعب البحرين»، ومتطلعاً إلى «انتصار القوات العراقية والحشد الشعبي على داعش».
مشاركة شخصية في ملعب «الراية»
شارك السيد نصرالله شخصياً مرة جديدة خلال أقل من 24 ساعة بمراسم إحياء اليوم العاشر من محرم أول من أمس، في ملعب «الراية» في ضاحية بيروت الجنوبية، في ختام مسيرة حاشدة انطلقت من «مجمع سيد الشهداء» بعد قراءة المصرع الحسيني. وألقى السيد نصرالله بالمحتشدين كلمة مقتضبة استهلها باستذكار أسباب ثورة الإمام الحسين، وتوجه بالتحية إلى الشهداء والجرحى في الميادين كلها.
وأضاف: «السلام على مجاهدينا في المقاومة، المرابطين على الحدود الجنوبية في مواجهة إسرائيل، وعلى الحدود الشرقية في مواجهة التكفيريين، والحاضرين في ساحات القتال في سورية وفي كل ساح. السلام عليهم، على بصيرتهم وإيمانهم ويقينهم وثباتهم وشجاعتهم وشهامتهم وهاماتهم الشامخة ووفائهم في كل ساعة للبيعة في بيعتهم للحسين».
وتطرق السيد نصرالله إلى التطورات في لبنان والمنطقة، مجدداً «وقوفنا إلى جانب شعبنا الفلسطيني المظلوم والصابر في مقاومته وانتفاضته، وتأييدنا المطلق لثورته وإيماننا المطلق بأحقيته، وندعو كل العالم الاسلامي وأحرار العالم إلى مساندته ودعمه وتأييده في دفاعه عن الأقصى والمقدسات، وعن حقوقه المشروعة».
وأعلن «التزامنا المطلق بمواجهة المشروع الصهيوني في المنطقة، ومقاومة «إسرائيل»، وبالعمل الدؤوب على رفع جهوزية المقاومة. لا نتنياهو و«لا جدّ جدّ نتنياهو» سيمنعون هذه المقاومة من أن تمتلك كل السلاح، الذي تحتاجه وكل المقدرات التي تحتاجها للدفاع عن لبنان وحماية شعبه وحماية المقدسات ومواجهة أي عدوان أو حماقة من «إسرائيل».
الجهاد متواصل
وأكد «مواصلة جهادنا في مواجهة الحرب الأميركية التكفيرية الإرهابية على إسلامنا وديننا ونبينا وأمتنا ومقدساتنا وشعوب منطقتنا … مهما بلغت التضحيات، بلا تردد وبلا تراجع، وبلا أي شك في انتصارنا الآتي، إن شاء الله. فكما هزمنا «إسرائيل»، في كل حروب المقاومة معها، سيُهزم التكفيريون وسادتهم الأميركيون بقبضاتكم ودمائكم وتضحيات كل المجاهدين في المنطقة».
وقال مجدداً «صرختنا العالية واستنكارنا الشديد للعدوان الأميركي السعودي على شعب اليمن المظلوم، وندين هذه الاستباحة السعودية لكل المحرمات في اليمن على مرأى ومسمع العالم الساكت عن أكبر مجزرة ترتكب اليوم، يرتكبها آل سعود أمام وسائل إعلام العالم» مؤكداً «وقوفنا إلى جانب صمود الشعب اليمني وجيشه ولجانه الشعبية وقواه الإسلامية والوطنية، ونفتخر بصمودهم الأسطوري، ونؤمن بانتصارهم الآتي مهما تفاوتت المقدرات والإمكانات، لأن دماءهم الزكية ستنتصر على سيوف الطغاة والغزاة».
ودان السيد نصرالله «القمع السعودي الخليجي لشعب البحرين الثائر والمستضعف والمؤمن والصابر، وفي الوقت نفسه العازم على تحقيق حقوقه في الحرية والسيادة والكرامة، مهما اشتد القمع والإرهاب».
واستطرد مترحّماً «على حجاج بيت الله الحرام في منى، الذين تجاوز عددهم في آخر إحصائية 2200 شهيد، مع فقد الكثيرين حتى الآن بسبب إهمال وفشل وتقصير النظام السعودي في خدمة وحماية حجاج البيت الحرام»، مجدداً الدعوة «إلى التحقيق في هذه المجزرة الرهيبة، وإلى عدم نسيان هذه الفاجعة الكبرى، مهما طال الزمن».
وأشار إلى أننا «نتطلع إلى انتصار القوات العراقية والحشد الشعبي على داعش بالرغم من خذلان العالم لهذا الشعب ولهذا الحشد ولهذه القوات. ونفخر بانتصاراتهم في هذه الأيام داعياً العراقيين إلى عدم الرهان على الأميركيين ولا على غرب ولا على أي مخادع أو منافق في هذا العالم. لديكم في شعبكم من الرجال والشباب والعزم والشجاعة والإقدام والاستعداد للتضحية، ما يجعلكم ـ بإرادتكم وبقوتكم ـ تهزمون داعش وألف داعش».
الإقلاع عن الرهانات الخارجية
وفي الشأن اللبناني دعا السيد نصرالله القيادات والقوى والنخب السياسية والشعب اللبناني إلى عدم انتظار التطورات في المنطقة. مؤكداً وجوب أن «تبادر جميع القوى السياسية إلى التفاهم والتعاون لإيجاد حلول للأزمات الخطيرة، التي تعصف بالبلد بعيداً من المكابرة والعناد واستقطاب الرأي والبحث عن الشعبية، لهذا الزعيم أو ذاك، والتعاطي بجدية كاملة مع الحوار الوطني الواسع القائم في مجلس النواب، إذ لا يوجد اليوم ولا في المدى المنظور أي بديل آخر عن طاولة الحوار الوطني القائمة الآن».
أضاف «خلال سنوات، أو اكثر من سنتين، انتظرتم البرنامج النووي الإيراني، وقلنا لكم لا تنتظروا في فيينا وفي غير فيينا، لن يناقشوا لبنان ولا الرئاسة في لبنان ولا الحكومة في لبنان، ولكن ظننتم ظن السوء وكانت النهاية أن انتهى النقاش حول البرنامج النووي الايراني وحصل الاتفاق والأمور تذهب إلى الإجراء. ماذا تبدل بالنسبة إليكم: هل باعتنا الجمهورية الإسلامية في إيران من أجل البرنامح النووي الايراني؟».
وأردف «أبداً، قلت وأعيد اليوم في اليوم العاشر إن إمامنا السيد علي الخامنئي وإخواننا في إيران هم أعلى وأشرف وأوفى من أن يبيعوا صديقاً أو حليفاً من أجل مصلحة إيرانية هنا أو هناك، بل هم يضحون بمصالحهم الوطنية من أجل الأمة ومصالحها ومقدساتها. وهذا موقفهم من إسرائيل ومن القدس ومن الصراع مع العدو «الإسرائيلي» واضح في كل يوم».
وتابع: «انتظرتم النووي الإيراني وانتهت الأمور. انتظرتم سورية أن تسقط لتتحكموا بلبنان، وها هي السنوات الخمس تقترب على النهاية وسورية لم تسقط. وأنا أقول: بإذن الله وبمشيئة الله لن تسقط ولن تستفيدوا من هذه الفرصة التي تبتعد عنكم يوما بعد يوم».
ورد على القائلين إن «الرئاسة في لبنان تنتظر حرب اليمن»، وقال: «أنتم تراهنون على وهم وعلى سراب، وعلى خيالات. دعكم من هذه الخيالات. تعالوا واستفيدوا ولنستفد جميعاً من حرصنا كلبنانيين على إيجاد حلول وطنية لبنانية لمشاكلنا التي تفاقمت إلى الحد الذي يقترب من انهيار البلد، لنتخلص من الارتهان للخارج. ونحن قلنا وفي أكثر من مناسبة: نحن في لبنان أصحاب قرارنا، نحن نصوّت لمن نشاء، ننتخب من نشاء، نقبل بقانون الانتخاب الذي نشاء. لا يوجد أحد في هذا العالم يفرض علينا قراراً».
أسياد وعبيد
واستطرد «نحن، وانتبهوا لهذه الجملة، عند أميركا يوجد عبيد، عند الطغاة وغزاة المال والنفط والغاز يتعاطَون كأسياد مع عبيد، أما نحن، حزب ولاية الفقيه، فنحن سادة عند الولي الفقيه».
وقال: «اليوم، يضيعون الوقت بتوجيه التهم. ماذا ينفع لبنان التراشق بالتهم. تقولون عنّا نعطّل انتخابات الرئاسة وغير انتخابات الرئاسة. ونحن أيضاً نقول عنكم أنتم تعطلون انتخابات الرئاسة لأنكم تمنعون انتخاب الممثل الحقيقي والصحيح والمناسب للرئاسة في هذا البلد. هل ستزيد شعبيتنا أو شعبيتكم إذا تقاذفنا تهم التعطيل؟ لنضع هذا الأمر جانباً ولنذهب إلى الحوار الجدي الذي لا بديل منه. لا تنتظروا حوارا إيرانياً ـ سعودياً، الأمور تزداد تعقيدا في المنطقة. لا تنتظروا مبادرة أميركية أو غربية، لبنان خارج اهتمامات الدول، لبنان اليوم متروك لزعمائه ولأحزابه الذين يجب أن يتحملوا المسؤولية التاريخية في هذه المرحلة».
وتوجه إلى الحشد المشارك قائلاً: «أيها الحسينيون والزينبيات: أما نحن وأنتم أيها الطيبون، فسنبقى هنا نملأ الساحات ونملأ الميادين، لن تهزنا لا حروب «إسرائيل» ولا تهديدات نتنياهو ولا حروب التكفيريين وتهديدات زعمائهم، وسنعمل في الليل وفي النهار. هذه مسؤوليتنا الإنسانية والأخلاقية والدينية والإسلامية والمحمدية والحسينية، سنعمل من أجل كرامة كل أبناء شعبنا بكل طوائفه ومناطقه، من أجل كرامته وسلامة وسعادة وأمن وخلاص شعبنا وأمتنا في الدنيا والآخرة، ومهما بلغت الصعوبات والتحديات والأخطار، ونحن رجالها ونساؤنا نساؤها».
أضاف «ألسنا أنصار الحسين، ألسنا أنصار الحسين، الذي قال في مثل هذه الساعات وقبل بدء المعركة في الخطاب الحاسم عندما طلبوا منه الخضوع: لا والله، لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر إقرار العبيد ولا أفرّ فرار العبيد. نحن اليوم أبناء الحسين، نقول لأميركا، نقول لـ «إسرائيل»، نقول لآل سعود، نقول للتكفيريين: لا والله، لا نعطيكم بيدنا إعطاء الذليل ولا نقر إقرار العبيد. نحن أهل الجهاد وأهل المقاومة. أليست هذه مدرسة الحسين، التي تعلمنا فيها حسم الخيارات؟».
وتابع «كل مَن يمثل وما يمثل يزيداً من طغيان واستكبار واستبداد وعدوان على الإسلام وعلى قيم الإسلام يضعنا بين خيارين، ونحن خيارنا واضح، ألا إن الدّعي ابن الدّعي ـ في كل زمان ومكان يزيد وابن زياد ومن يمثل اليوم حقيقة يزيد وابن زياد ـ ألا إن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين، بين السِّلة والذلة وهيهات منّا الذلّة. من يأبى لنا الذلة؟ يأبى الله لنا ذلك، ليس هوساً شخصياً، ليست حماسة شخصية، ليست عقدة نفسية عند بعض الناس، إنهم والله يحبون الشهادة. كلا يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون ونفوس أبية وأنوف حمية من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام. وفي هذا الطريق الحسيني والزينبي ما رأينا وإياكم إلا العزة والشرف والكرامة والانتصار والشموخ … لن يكون لمن يمشي في هذا الطريق سوى النصر والكرامة والشرف والعزة».