مَنْ يجرؤ على الاحتكام لشرعية الصندوق…؟
سعدالله الخليل
من جديد يفتح الرئيس السوري بشار الأسد باب الحلّ السياسي للأزمة السورية على مصراعيه معلناً خلال استقباله وفداً برلمانياً روسياً في دمشق استعداده لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة والمشاركة فيها، إذا أيّده الشعب السوري في ذلك، والموافقة على بحث إمكانية إدخال تعديلات على دستور البلاد وإجراء انتخابات برلمانية بمشاركة القوى السياسية الراغبة في إحلال السلام والاستقرار في سورية.
من حيث الشكل لا جديد في ما طرحه الرئيس الأسد يقدّمه على المشهد السوري، إنما يأتي في سياق التأكيد على ما تؤمن به القيادة السورية، والذي أعلنته أكثر من مرة طوال السنوات الخمس من عمر الأزمة السورية، والتي لم تترك مناسبة إلا وأبدت الاستعداد للذهاب إلى حلّ سياسي ينهي نزيف الدم السوري ويوقف الدمار والتدمير الممنهج للوطن السوري بحجره وبشره وبنيته، لقناعتها بأنّ ما يجري في سورية يتجاوز حدود المطالب الشعبية، وكلّ ما عرفه التاريخ من ثورات رفض خلالها ثوار الناتو الساعين إلى الديمقراطية والحرية والعدالة لوطنهم أيّ احتكام إلى قواعد السياسة وشرعية الانتخابات، وأصرّوا على صوت السلاح في مسعى لنيل شرعية وهمية على دماء وأجساد السوريين.
ما قاله الرئيس الأسد للوفد الروسي علانية يتقاطع مع ما أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن ضمانات حصل عليها من الرئيس الأسد بالسير في حلّ سياسي ضمن هذه الرؤية، ويأتي في خضمّ عملية عسكرية سورية روسية على الأراضي السورية هدفها القضاء على التنظيمات الإرهابية المرتبطة بتنظيم «القاعدة» في الشكل والمضمون، والتي لا تؤمن بطبيعة الحال بأيّ شكل من أشكال الحلّ السياسي، وبعكس ما تشيعه الأوساط الداعمة لما تطلق عليه واشنطن المعارضة السورية المعتدلة عن أنّ غايتها ضرب تلك المعارضة، فقد أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف استعداد سلاح الجو الروسي للتنسيق مع الفصائل المعارضة الوطنية وحتى «الجيش الحرّ» لضرب التنظيمات الإرهابية كـ»داعش» و«النصرة»، وهو ما لا تحلم به أيّ قوة أو فصيل معارض يقاتل تلك التنظيمات على أرض الواقع. أما مَن وضع نصب أعينه قتال الدولة السورية بناء على توجيهات وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر فلن تترك له موسكو فرصة اللعب على هذا الوتر، ولن تسمح بتمرير المشاريع الأميركية السعودية على الأرض السورية وآخرها الاتفاق على دعم ما يُسمّى بـ«المعارضة المسلحة المعتدلة» خلال لقاء وزير الخارجية الأميركي جون كيري والملك السعودي سلمان بن عبد العزيز بما يتعارض مع أجواء فيينا التي أعلنها الطرفان بالسعي للتوصل إلى تسوية سياسية بشأن الأزمة في سورية.
على الأرض تشتدّ المعارك على الجبهات ويتوالى سقوط معاقل الإرهاب الواحد تلو الآخر، وفي دمشق يتقلد الرئيس بشار الأسد من الوفد البرلماني الروسي نسخة من راية النصر التي رفعها السوفيات فوق دار الحكومة الألمانية في برلين العام 1945، فيما يجوب كيري المنطقة متجاهلاً ما لم يعتده من قبل صوت هدير الطائرات الروسية في أجواء المنطقة، ونواح أتباعه على الأرض وتخبّط ساسته في واشنطن بحثاً عن إعادة الشرعية للفارّين من أتباعها بدءاً بالرئيس اليمني عبد ربه هادي منصور إلى تنظيمات خُدَّج ولدت ميتة، ويصمّ السمع عن دعوات السير في مقتضيات الديمقراطية التي تدّعي بلاده رفع رايتها.
من دمشق إلى كلّ العالم لا شرعية يمنحها الدم لكائن من يكون، الشرعية الوحيدة في صندوق الانتخابات ومن يجرؤ على الاحتكام لها فأهلاً وسهلاً به شريكاً في الوطن.
«توب نيوز»