«إسرائيل» تختنق بعنصريتها
راسم عبيدات
لا أعتقد أنّ مفتي القدس السابق الحاج أمين الحسيني مسؤول فقط عن تحريض هتلر على حرق اليهود «الهولوكست» بل هو من حرّض الملك السومري نبوخذ نصر على السبي اليهودي الأول والإمبراطور الروماني تيطس لهدم مملكة يهودا والقيام بعملية السبي اليهودي الثاني، كيف لا أحد يصدق هذه الحقائق. فالمفتي الحسيني عاش أكثر من سيدنا نوح و»أبو البشرية» آدم ربما بألفي عام!
ممارسة الكذب والخداع والتضليل والتزوير وقلب الحقائق والوقائع التاريخية، سمة لازمت دولة الاحتلال وقادتها منذ قيام هذه الدولة العنصرية، حيث تصوّر نفسها دائماً على أنها «دولة مظلومة» وتتعرّض لـ»الإرهاب» العربي والفلسطيني، ووظفت قضية «الهولوكست» المحرقة لخدمة هذا الغرض والهدف من أجل استعطاف وكسب ودّ العالم، وخصوصاً ألمانيا التي عانت من عقدة اضطهاد اليهود وحرقهم على يد النازية.
«إسرائيل» مارست إرهاب دولة بحق الشعب الفلسطيني، فهي من احتلت أرضه وشرّدت أبناءه، وتسعى لتطهير عرقي بحق من بقي صامداً على أرضه ووطنه من أبناء شعبنا الفلسطيني.
ونحن لسنا بصدد استعراض سجل «إسرائيل» في هذا الجانب، فهو بحاجة الى مجلدات، ولكن سنتحدّث بشكل أكبر من بعد الهبّة الأخيرة التي بدأت بعد قيام وزير الزراعة الصهيوني أوري أرئيل باقتحام المسجد الأقصى، هذا المسجد الذي يقول نتنياهو وكل جوقة الكذابين من أركان حكومته أنهم لا يريدون تقسيمه، بل المحافظة على «الستاتيكو» القائم في المسجد الأقصى، منذ عهد العثمانيين، ومروراً بالانتداب البريطاني والحكم الأردني، إنّ الأوقاف الإسلامية هي المسؤول الأول والأخير عن المسجد الأقصى من حيث السماح وعدم السماح بالدخول الى المسجد الأقصى، ومن هم مسموح لهم الدخول أو غير مسموح لهم ذلك، وعبر سيطرة كاملة للأوقاف على كامل أبواب الحرم القدسي الشريف، ولكن «ستاتيكو» نتنياهو وجوقة الكذابين من حكومته، وهو إدخال المستوطنين عنوة من باب المغاربة من دون التنسيق مع الأوقاف، ألم تكن ميري ريغيف، وزيرة الثقافة والرياضة الحالية عندما كانت رئيسة لجنة الداخلية في الكنيست هي من دعت إلى وضع تشريع ينص على السماح لليهود بممارسة شعائرهم التلمودية والتوراتية في المسجد الأقصى، والمتطرفة شاكيد وزير ما يسمّى بالعدل، ألم تقل عن الآذان المنبعث من الأقصى: «متى نرتاح من هذا النباح الصادر عن كلاب محمد»؟ وكم وزيراً من حكومتك يا نتنياهو كان يشارك في عمليات الاقتحام للأقصى، ويحرض الجمعيات الاستيطانية والتوراتية على ممارسة عمليات الاقتحام؟ وعندما تفجرت الأوضاع على نحو واسع بسبب اقتحاماتكم المتكررة للمسجد الأقصى، وبات واضحاً أنّ الغضب الفلسطيني عموماً والمقدسي خصوصاً لن يتوقف قبل أن ترتدعوا عن الأقصى وعن القدس وعن فلسطين، وعندما شعرتم بمدى ردّ الفعل العالمي على إجراءاتكم وممارساتكم العنصرية بحق المقدسيين على وجه الخصوص، وقيام مستوطنيكم وجنودكم في ظلّ حالة من الهوس والوسواس بعمليات تصفيات ميدانية بحق الأطفال والشبان الفلسطينيين، الذين لفقتم لهم التهم وبنفس الطريقة والأساليب المخزية، بمحاولة طعن أو دهس من خلال سكين يتمّ وضعها إلى جانب جثة الشهيد، والمخزي والذي كشف زيفكم وكذبكم أنكم أخطأتم فقتلتم يهوداً، فتراجعتم عن رواياتكم بمحاولة الطعن أو الدهس، عند اكتشافكم بأنّ المقتول يهودي أو أريتيري أو غير ذلك.
عندما دخلت حكومتكم ومستوطنوكم مأزقاً كبيراً، وأصبحت مجرد رؤية الفلسطيني تسبّب لكم الكوابيس وحالة من الهستيريا، ووصلتم إلى حدّ الإفلاس السياسي والأخلاقي، عدتم الى جعبتكم المعهودة بممارسة الكذب السافر والمفضوح والخداع والتضليل وقلب وتزوير الحقائق والوقائع التاريخية، ليس فقط باتهام القيادة الفلسطينية والرئيس عباس بالكذب والتضليل، بأنه «داعش» وأنتم تعرفون جيداً من الذي يحتضن «داعش» ويقدّم لها كلّ أشكال الدعم، حتى العلاجات في مستشفياته.
فالأمور لم تقف عند هذا الهراء والصفاقة، بل رئيس حكومتكم بعنجهيته وغطرسته وهوسه وحقده وكره للشعب الفلسطيني الذي يمارس بحقه كل أشكال القمع والاضطهاد والظلم والتنكيل والعقوبات الجماعية والتطهير العرقي، خرج ليقول بأن المفتي السابق لمدينة القدس الراحل الحاج أمين الحسيني، قد حرض هتلر على تنفيذ «الهولوكست» المحرقة بحق اليهود في ألمانيا، في وقت يجمع كلّ المؤرخين بما فيهم اليهود بأنّ ذلك لا يرتقي الى الحقيقة بالمطلق، بل هو قلب للوقائع وتزوير للحقائق التاريخية، فـ»الهولوكست» المحرقة بدأت في ليلة 7/11/1938، ليلة «الزجاج المهشم» حيث خرجت مسيرات غاضبة في معظم المدن الألمانية ضدّ اليهود قتل فيها 100 يهودي واعتقل 30 ألفاً وأتلف 7000 محلّ تجاري وهوجم 1574 معبداً لليهود، وبعد أسبوعين جرى طردهم من المؤسسات الألمانية ومنعوا من الدراسة في المدارس الألمانية، وكذلك منعوا من الزواج من غير اليهوديات، ولتصل الأمور الى حدّ «الهولوكست» المحرقة.
في المقابل، فإنّ مفتي القدس السابق الحاج أمين الحسيني زار ألمانيا في تشرين الأول 1941، أيّ بعد ثلاث سنوات من المحرقة، لكي يبحث مع هتلر والقيادة الألمانية أمر حماية المسلمين في البوسنة من المجازر الجماعية على يد المعارضة أو «الثورة الشيوعية»، والتي جزء منها من اليهود، تلك الثورة التي كان يقودها ميخائيلوفيتش وموشيه بيار اليهودي الذي كان يحرّض على المسلمين في البوسنة.
ولكن يا نتنياهو أنت وحكومتك من المتطرفين الصهاينة تعرفون جيداً أنه لا المرحوم الحاج أمين الحسيني ولا أيّ من القيادات الفلسطينية، ارتكب مجازر دير ياسين وكفر قاسم وقبية والدوايمة والسموع، فمرتكبوها معروفون وجزء منهم ما زالوا طلقاء أو رحلوا، ولكن لم تجر محاكمتهم على تلك الجرائم والمجازر المعروفة والمثبت من ارتكبها.
أنتم تختنقون بعنصريتكم وكرهكم للآخر، أنتم أطول وآخر احتلال في التاريخ، لا تريدون لشعبنا أن ينال حريته واستقلاله، تريدون له أن يبقى تحت احتلالكم، تقمعونه وتعذبونه وتسجنون أبناءه وتحرقون أطفاله أحياء، كما مع الشهيد الفتى أبو خضير وعائلة الدوابشة، وتريدون منه أن يحمي أمن مستوطنيكم وأن يخرج حاملاً وروداً من أجل استقبالكم في مخالفة وقلب لكلّ حقائق التاريخ.
Quds.45 gmail.com