صمود إيران وانتصارها… من أوراق القوة

حميدي العبدالله

تهافت الدول الغربية وتسابقها على إجراء حوارات ثنائية مع إيران، ومسارعة ممثلي الشركات الغربية إلى زيارة إيران لاستكشاف إمكان إبرام العقود معها، يشكلان انتصاراً كامل الأوصاف لإيران، سواء وُقّع الاتفاق مع 5+1 في عشرين تموز المقبل أو لم يوقّع.

هذا الانتصار بعد الصمود الذي استمرّ منذ انتصار الثورة الإيرانية التي شنّت ضدّها الحروب، وفرض عليها الحصار، حققته ثلاثيّة شكلت أوراق قوة إيران:

أول عناصر هذه الثلاثية أنّ الغرب وفي مقدّمه الولايات المتحدة و«إسرائيل» هو عدوّ إيران، وهو الذي خطط للحروب ضدّها، وأحكم الحصار عليها، والغرب و»إسرائيل» هما عدوّا شعوب المنطقة بسبب سجلهما الاستعماري وممارستهما المعادية لشعوب المنطقة وفي مقدمها الشعب الفلسطيني. والغرب إنْ لم يكن عدو شعوب المنطقة فهو على الأقلّ مكروه من شعوب هذه المنطقة، ويصعب عليه أن يحشد وراءه هذه الشعوب لمحاربة أي جهة أو نظام في المنطقة، مهما تكن طبيعة هذه الجهة أو النظام، ولذلك لم يستطيع الغرب أن يحشد ضدّ إيران سوى حكومات مطعون في شرعيتها، أو على الأقل مكروهة من غالبية أبناء شعوبها.

ثاني عناصر هذه الثلاثية أنّ البعض حارب إيران تحت شعارات قومية شوفينية متطرفة عفا عليها الزمن، أو على الأقلّ لا تتماشى مع روح العصر، ولا مع الثقافة التي دأب الغرب على إشاعتها حول العولمة وتخطي الانقسامات القومية، وأدّت هذه الشعارات التي توحد الشعب الإيراني الشيعي والسني الفارسي، طالما أنّ العداء هو للفرس كقوم أو عرق، بموجب تلك الشعارات الشوفينية.

ثالث عناصر هذه الثلاثية، أنّ البعض حارب إيران تحت شعارات مذهبية قائمة على التحريض ضدّ الشيعة، فأدت تلك الشعارات إلى توحيد الشيعي العربي في إيران وخارجها مع الشيعي الفارسي، وكان ذلك مصدر تماسك وقوة لإيران، ووفر لها عمقاً تجاوز حدودها القوميّة.

العدو الغربي و»الإسرائيلي» المكروه من شعوب المنطقة أسقط القدرة على الحشد ضدّ إيران، وألقى بظلال من الشكّ على مشروعية الحرب التي شنّها الغرب ضدّ إيران، وأضفى المشروعية على المقاومة الإيرانية، وأبرز عدالة هذه المقاومة. التحريض المذهبي والقومي الشوفيني وحّد مكوّنات الشعب الإيراني، ووفّر عمقاً لإيران يمتدّ على مساحة المنطقة كلها، وهذه الثلاثية مجتمعة هي التي وفرت الشروط التي قادت أولاً إلى صمود إيران، وثانياً إلى قدرتها على كسب الحروب التي خيضت ضدّها، ولا سيما حرب العراق التي حظيت بدعم الغرب وحكومات المنطقة، وثالثاً الانتصار الذي يتحقّق الآن ليس عبر تهافت الحكومات الغربية والعربية على الحوار وتحسين العلاقات مع إيران فحسب، بل أيضاً في بناء دولة قوية متطورة، ابتداءً من البنية التحتية حتى التكنولوجيا النووية وتكنولوجيا النانو.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى