سلمان يتّصل ببوتين… وبن علوي عند الأسد… وبوغدانوف: التقينا الجيش الحرّ أردوغان ينتظر العدّ التنازلي لـ«أحد الانتخابات»… واستطلاعات الرأي تبشّره بالفشل

كتب المحرّر السياسي

تسارُع الحدث السوري بإيقاعه السياسي والميداني لا يرحم الذين يحملون الأجندات المستحيلة، ويُجبرهم على التواضع والتسارع لِلّحاق بحجز مقعد قبل أن يفوتهم القطار. هذا هو حال الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز الذي يعرف درجة الأذى الناتج عن صبيانية وزير خارجيته عادل الجبير، فبادر للاتصال بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فاتحاً الباب لتفاهمات تحت شعار أنه أبلغ حلفاءه بالتحضير للقاء في باريس تحت عنوان نريد حلاً سياسياً في سورية.

بالتوازي كان وزير خارجية عُمَان، التي واظبت على دور وسط بين سورية والسعودية، كما بين إيران وأميركا من قبل، واليوم بين السعودية وإيران، يتوّج استقباله وزير الخارجية السوري وليد المعلم بزيارة رسمية لسورية فيصير الخبر، أول وزير خارجية خليجي وعربي يزور دمشق رسمياً، يوسف بن علوي يلتقي الرئيس السوري بشار الأسد. الخطوة عُمانية وتعبّر عن سياسة مسقط، لكن توقيت مسقط سياسي ويعرف الخليج والرياض خصوصاً بصورة جيدة، وبمعزل عما إذا كان بن علوي قد حمل رسالة سعودية أم لا، فالتوقيت لم يكن بعيداً عن العين السعودية، ولا عن التنسيق الذي تحرص عليه مسقط مع الرياض وطهران وواشنطن وموسكو.

المؤشرات المتسارعة لتلاقي تسارع العمليات العسكرية في الميدان، حيث الجيش السوري بدعم جوي روسي حقق السيطرة على المزيد من المواقع في أرياف حمص وحماة وإدلب وحلب واللاذقية، وتقدّم بصورة لافتة على جبهة جوبر الدمشقية وجبهة حرستا في الغوطة الشرقية، كانت باريس تستعدّ لتستقبل اليوم لقاء يضمّ حلفاءها من أنقرة وواشنطن والرياض ولندن والدوحة وعُمان للبحث في مفهوم واحد للحلّ السياسي يمكن التقدّم به في لقاء فيينا الموسّع المقبل المفترض أن تحضره روسيا وإيران ومصر وربما العراق وحضور لقاء باريس، بينما كان نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف يفاجئ حضور باريس بالإعلان عن تواصل بين موسكو و»الجيش السوري الحرّ» سارع الائتلاف المعارض إلى نفيه، في ما بدا أنه مشروع انشقاق في اليافطة التي استعملها خصوم سورية طويلاً وجاء وقت روسيا لتنال حصتها من هذه اليافطة.

الحدث يبقى تركياً من اليوم حتى يوم الأحد المقبل، حيث الانتخابات التركية البرلمانية تحجز المشهد الأول في المنطقة، ويبدأ العدّ التنازلي لحكم حزب العدالة والتنمية وسط تشاؤم استطلاعات الرأي حول مستقبله السياسي.

فقد كشف الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة «جازيجي» التركية لاستطلاعات الرأي عن تراجع الحزب الحاكم 1.6 نقطة عن الانتخابات التي جرت في حزيران الماضي إلى 39.3 ، فيما أظهر استطلاع الرأي الذي شمل خمسة آلاف شخص في الفترة بين 12- 13 من الشهر الحالي، تقدّماً لحزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي بحصوله على 28.1 مقابل 25 في انتخابات حزيران.

بينما كشف الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة «متروبول» أنّ حزب العدالة والتنمية، الذي ينتمي إليه أردوغان، سيحصل على 41.7 بالمئة من أصوات الناخبين، أما حزب الشعب الجمهوري فسيحصل على 25.5 بالمئة منها، مقابل 15.7 بالمئة لحزب الحركة القومية، و14.7 لحزب الشعوب الديمقراطي.

وحسب استطلاع «ماك»، فإنّ حزب العدالة والتنمية، سيحصل على 44.7 من الأصوات، إذا أجريت انتخابات مبكرة على الفور، بزيادة تبلغ نحو أربع نقاط مئوية عن نسبة 40.9 التي حصل عليها في انتخابات حزيران الماضي، فيما سيحافظ كل من حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية على نسبة كل منهما دون تغيير، بينما سيتراجع تأييد حزب الشعوب الديمقراطي الكردي.

الحصيلة التي تقولها كلّ استطلاعات الرأي بما فيها مَن يتوقع تقدّماً لحزب أردوغان – أوغلو، أنّ الحصول على الأغلبية اللازمة لتشكيل حكومة مستحيل، خصوصاً مع الإجماع على الموقع الذي تحتله الأزمة السورية في تشكيل الرأي العام الناخب.

فقد جدّد رئيس حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة في تركيا، كمال كليجدار أوغلو، وعده بإعادة اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا إلى سورية، وعدم التدخل في شؤون الشرق الأوسط، في حال فوز حزبه في الانتخابات البرلمانية. وقال كليجدار أوغلو، في خطاب جماهيري، ألقاه أول أمس، الأحد، في محافظة ساكاريا التركية: «تركيا لديها هموم ومشكلات بحجم الكون، وفوق ذلك جاءها مليونان ومئتا ألف سوري. ماذا سيحلّ بهؤلاء؟ أبناؤنا أصبحوا عاطلين عن العمل. وها هم الآن الحكومة يحاولون إيجاد وسيلة لإيجاد وظائف لهم. الجمهورية التركية تعاني اليوم أكبر الأزمات في تاريخها». وأضاف كليجدار أوغلو: «هذا وعد قطعناه على أنفسنا، سوف نجلب السلام إلى الشرق الأوسط، ولن نتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة».

وتبدو حكومة أوغلو مضطرة لمراعاة هذا التحوّل فمنذ صدور قرار السلطات التركية مؤخّراً، بمنع تنقل السوريين بين الولايات التركية إلا بإذن مسبق من دائرة الهجرة، و»بشكل مؤقت»، تحت شعار ضبط الأمن خلال فترة الانتخابات النيابية المقبلة، أُثير جدل بين المعارضين السوريين والحقوقيين وبين السياسيين المختصين في الشأن التركي، حول انتهاء ربيع السوريين في تركيا، وهل هذه القرارات ستحدّ من تواجد السوريين فيها، وهل هي بداية لإصدار قرارات أخرى تنهي ربيع السوريين في تركيا؟! فكتب المعارض السوري بسام شحادات تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» بعد إصدار القرار، قائلاً: «لا أبالغ إنْ قلت إن ربيع السوريين في تركيا قد انتهى».

ويضيف صلاح لبيب، وهو باحث سياسي في الشأن التركي، أنّ تعاطي الحكومة مع القضية السورية بات عبئاً عليها بخاصة ملف اللاجئين السوريين، إضافة لما جلبه ذلك من تصاعد المواجهات مع «داعش» وتهديدات التنظيم للحكومة التركية. ويتابع، كما أنّ نتائج الحزب في الانتخابات الأخيرة أشارت إلى تنامي مشاعر الرفض لسياسة الحكومة تجاه اللاجئين السوريين وجاء مع تنامي مشاعر قومية وتراجع اقتصادي واضح ظهر في تراجع الليرة التركية والتصنيفات الائتمانية الدولية.

تركيا إلى الانتخابات، ولبنان عاجز عن التفاهم على مواصفات انتخاباته الرئاسية والنيابية، ويرتضي اللبنانيون من الحوار المخصّص للتفاهم بين قادته السياسيين أن يستمرّ لمجرد الاستمرار، فيقود رئيس مجلس النواب نبيه بري حوارَيْن، واحد في البرلمان تحت عنوان جدول أعمال وفاقي، يبدأ من رئاسة الجمهورية عقد واحدة من جلساته أمس كحوار طرشان بلا نتيجة، ويعقد اليوم حواراً حزبياً بين تيار المستقبل وحزب الله في عين التينة. يأمل بري أن تذلل خلاله العقبات من طريق حلّ أزمة النفايات، التي تصدّرت مشهد بيروت قبل أن يخطف الأضواء نبأ إلقاء القبض على أمير سعودي في مطار بيروت وبحوزته في طائرته الخاصة حقائب تحتوي طنَّيْن من المخدرات.

الحوار «مواصفات الرئيس» مجدداً

مرة جديدة انعقدت الجلسة الثامنة من الحوار الوطني أمس في المجلس النيابي بحضور رؤساء الكتل النيابية باستثناء رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط لأسباب صحية والرئيس فؤاد السنيورة والوزير بطرس حرب بداعي السفر ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل الذي قاطع الجلسة بسبب عدم انعقاد الحكومة.

وشهد النصف الأخير من الجلسة استكمال البحث في ملف النفايات وتحدّث رئيس الحكومة تمام سلام عن العراقيل التي تواجه خطة وزير الزراعة أكرم شهيب لمعالجة أزمة النفايات لجهة إقامة مطامر في كسروان والمتن وفي سرار في عكار، مهدداً بتقديم استقالته إذا استمر الوضع على ما هو عليه، في حين أكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري أنه سيبحث معالجة هذه الأزمة في حوار عين التينة اليوم بين حزب الله وتيار المستقبل، بحضور الوزير علي حسن خليل.

وكانت الجلسة قد شهدت نقاشاً حول مواصفات رئيس الجمهورية لا سيما تبنّيه لخيار المقاومة والنأي بالنفس عن الصراعات الخارجية، حيث قدم كل طرف مقاربته لمواصفات الرئيس، ورفع الرئيس بري الجلسة إلى الساعة الثانية عشرة من ظهر الثلاثاء المقبل في الثالث من تشرين الثاني.

تفاصيل صفحة 3

«النفايات» تحدّد مصير الحكومة

حكومياً، لم يحصل أي تطور على صعيد خطة النفايات التي على أساسها سيحدد رئيس الحكومة تمام سلام مصيرها في مهلة أقصاها الخميس المقبل كما قالت أوساطه، في ظل استمرار العقبات أمام اختيار موقع لمطمر في البقاع وغيره من المناطق، ما يهدد بتكرار مشهد سيول النفايات التي اجتاحت شوارع العاصمة بيروت أول من أمس وبالتالي تزايد أخطار موجات أمراض قد تجتاح البلاد جراء امتزاج المياه الجوفية بالقمامة العائمة.

وأكد مصدر بقاعي لـ«البناء» أن محاولات إيجاد موقع بيئي وصحي لمطمر في البقاع قد وصل إلى طريق مسدود، وأشار المصدر إلى أن «رؤساء بلديات بعلبك والهرمل أبلغوا وزير الزراعة أكرم شهيب وعبره رئيس الحكومة رفضهم إقامة مطامر في البقاع، لكنهم أبدوا استعدادهم للموافقة على إنشاء معامل لفرز النفايات».

ولفت المصدر إلى أن «مطمر سرار في عكار لن يشغَّل بسبب المخاوف من أحداث أمنية دامية قد تقع إذا تم نقل النفايات إليه»، وأوضح أن «تيار المستقبل أعطى الموضوع طابعاً مذهبياً، إذ ربط اعتماد مطمرَي سرار وصيدا باعتماد مطمر في البقاع وتحديداً في بعلبك – الهرمل وليس في البقاع الغربي».

وأضاف المصدر: «تمّ رفض الموقع الأخير لمطمر في البقاع وتحديداً في الهرمل القاع لأسباب أمنية، كما تم رفض موقع رياق- كفرزبد لأسباب صحية وبيئية لقرب المطمر من مياه نبع شمسين ونبع الغزيل».

وعلمت «البناء» أن «عرضاً تلقاه صاحب شركة «ورد» شريف وهبي بأن تلزم شركته إدارة النفايات في الجنوب مقابل أن يبحث عن موقع لمطمر في الجنوب».

استقالة الحكومة تسبّب الشلل التام

وأكد وزير العمل سجعان قزي لـ«البناء» أن موقف الرئيس سلام لم يتغيّر وهو لن يدعو إلى جلسة لمجلس الوزراء إلا بعد الوصول لحل بملف النفايات ونجاح خطة الوزير شهيب، لكنه أشار إلى أن «الخطة لن تنجح إلا باتفاق بين جميع الأطراف السياسية».

وحث قزي سلام إلى الدعوة لجلسة لمجلس الوزراء مهما كلف الامر، وأبدى أسفه أن ينسحب الصراع المذهبي على موضوع النفايات، وتمنّى قزي أن «لا تستقيل الحكومة، لأن حكومة تصريف الأعمال تعني غياباً كاملاً لأي مؤسسة دستورية تحمل الصفة الشرعية، فالمجلس النيابي معطل وفراغ رئاسي ما يعني دخول البلد في شلل تام».

وأوضحت مصادر وزارية لـ«البناء» أنه «رغم العوامل الخارجية والتوازنات الداخلية التي تشكل مظلة حماية للحكومة الحالية، إلا أن سلام رجل مستقل وصاحب قرار ومسؤولية ويستطيع اتخاذ القرار الذي يراه مناسباً، لكن هو يأخذ وقته ويتريث قبل اتخاذه القرار لتجنّب خراب البلد».

«الثنائي» في عين التينة اليوم

الى طاولة الحوار يعود «حزب الله» و«تيار المستقبل» اليوم بعد التصعيد الأخير في مواقفهما، حيث سيبحث الطرفان في الجلسة موضوع الحكومة وملف النفايات.

وعشية الحوار الثنائي، تابع الوزير المشنوق تصعيد الموقف ضد «حزب الله» من دار الفتوى، حيث أشار بعد لقائه مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان إلى أن «هجوم أمينه العام السيد حسن نصرالله على المملكة العربية السعودية سيؤثر على الحوار الثنائي بينهما».

اجتماع بري ـ عون

في هذه الأثناء، تتجه الأنظار اليوم إلى اجتماع هيئة مكتب مجلس النواب لنقاش جدول أعمال جلسة «تشريع الضرورة»، حيث سيبحث المجتمعون في البنود التي تحمل صفة الضرورة.

وأشارت مصادر التيار الوطني الحر لـ«البناء» أن اجتماعاً حصل بين الرئيس بري ورئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون بعد جلسة الحوار الوطني لبحث موضوع الجلسة التشريعية، حيث قال عون لبري إن «التكتل غير ممثل في هيئة مكتب المجلس وأنت تمثلنا فيه ولن أقول أكثر منذ ذلك».

وأكدت المصادر أن «النواب تسلموا 42 اقتراح ومشروع قانون من ضمنها أموال البلديات وسلسلة الرتب والرواتب وسيظهر جدول الأعمال النهائي في جلسة اليوم بعد تصفيتها واختيار الأكثر إلحاحاً منها، وشدّدت على التنسيق وتوحيد الموقف مع «القوات اللبنانية» في هذا الموضوع».

وإذ لفتت المصادر إلى أن التيار الوطني الحر ضد توقف عمل المجلس النيابي، اتهمت تيار المستقبل بتعطيل عمل المجلس، وأشارت إلى أنه ليس شرطاً أن يُبحث قانونا الانتخاب والجنسية في الجلسة الأولى للمجلس، بل المهم أن يتم وضعهما على جدول الاعمال ويتم بحثهما في جلسات لاحقة، وأضافت: «التيار لا يضع شروطاً على الرئيس بري».

توقيف أمير سعودي في المطار

وفي أضخم عملية تهريب للمخدرات عبر مطار بيروت، أحبطت فصيلة التفتيشات في سرية درك المطار أمس، محاولة لتهريب كمية ضخمة من حبوب الكبتاغون إلى حائل في المملكة العربية السعودية، على متن طائرة خاصة وهم خمسة أشخاص سعوديين موضوعة ضمن 40 حقيبة ويبلغ وزنها حوالي 2 طن .

وتجري السلطات المختصة في المطار التحقيقات اللازمة بالتنسيق مع السلطات القضائية المختصة لكشف ذيول هذه العملية الضخمة، والأشخاص الخمسة الآن هم رهن التحقيقات. وتبيّن أن المهرِّب هو الأمير السعودي عبد المحسن بن وليد بن عبد العزيز وأن المخدّرات ضبطت على متن طائرته المتجهة للسعودية. واستجوب النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي داني شرابية الامير السعودي ومرافقيه وأمر بتوقيفهم وتحويلهم إلى القضاء المختص.

وأفادت قناة «المنار» أن السفارة السعودية في بيروت وتيار «المستقبل» يمارسان الضغوط على وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق والقضاء اللبناني لتحييد الأمير السعودي عن قضية تهريب المخدرات.

وردّ المشنوق، في تصريح أنه «لم يجر ولم يتلقَّ أي اتصال بشأن الأمير السعودي الموقوف، وما نُشر بهذا الشأن لا أساس له»، مشدداً على أن «الموضوع عند القضاء اللبناني وهو الذي يتولى التحقيق به».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى