سياسة مصر السيسي الخارجيّة… قراءة في المؤشرات الأولى

نعيم ابراهيم

في جمهورية مصر العربية اليوم «حكومة مقاتلين» تضمّ مجموعة جيدة جداً من الخبرات والكفاءات، وستعمل في إطار منظومة واحدة لما فيه مصلحة مصر وشعبها.

في جمهورية مصر العربية اليوم «دقت ساعة العمل لبناء دولة قوية لا تحتمل التردّد… والمرحلة المقبلة في حياة مصر هي مرحلة لبناء دولة قوية، بما يعكس إرادة الشعب المصري… مرحلة لا تحتمل الفشل، ويجب ألاّ يشوبها التقاعس عن العمل، أو النزوع إلى التجريب، أو التردّد في اتخاذ القرار».

أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي بشرى خير عبر هذا الخطاب الذي أثلج صدور الجميع من أبناء قحطان وعدنان في مصر وخارجها. غير أنّ ما أثلج الصدور أكثر هو تأكيد السيسي أنّ سياسة مصر الخارجية، تهدف إلى استعادة مصر دورها في محيطها الإقليمي والأفريقي والعربي والإسلامي، محدّداً معالم هذه السياسة بوضوح تام، على أن «تكون سياسة متوازنة منفتحة على كلّ دول العالم»، مشدّداً على أنّ «مصر لا تتدخل في شؤون دول أخرى ولا تقبل تدخلاً في شؤونها الداخلية».

نقرأ في تحليل وتركيب المؤشرات الأولى للسياسة الخارجية المصرية والدقات الأولى لساعة العمل المصرية، فنجد أنّ مصر تدعو «إسرائيل» إلى ضبط النفس وعدم تصعيد الموقف بعد إطلاقها عملية عسكرية في الضفة الغربية المحتلة، بحثاً عن المستوطنين الثلاثة المفقودين منذ عدة أيام، كي يمكن احتواء التوتر المتزايد القائم بين الجانبين الفلسطيني و»الإسرائيلي» والحيلولة دون تفاقم الأوضاع بصورة يصعب السيطرة عليها لاحقاً.

أتساءل كمواطن عربي فلسطيني قرأ بهدوء وبتمعّن هذه المؤشرات وما إذا كانت مصر السيسي ستتحمّل حقيقة مسؤولياتها التاريخية حيال القضية الفلسطينية وما ستؤول إليه الأمور في المنطقة، بطلبها من العدو الصهيوني ضبط النفس وعدم تصعيد الموقف؟

هل يتوافق هذا الطلب مع بشرى زعيم مصر الجديد وحكومة المقاتلين التي جاء بها، إلا إذا اعتبر هو الآخر «إسرائيل» دولة صديقة وجارة عزيزة لها ما لها وعليها ما عليها، وليست كياناً غاصباً محتلاً لبيت المقدس وأكناف بيت المقدس، يقتل ويعتقل ويشرّد ويدمّر ويسرق ويزيّف الحقائق الآنية والتاريخية. إنه كيان ما توقف لحظة عن ممارسة الإرهاب بمختلف تجلياته وصوره ضدّ الشعب العربي الفلسطيني مذ ارتكب المجتمع الدولي جريمة العصر عام 1948 نكبة فلسطين وإعلان قيام «إسرائيل» ، وأما تفاصيل الجريمة وتراكم أسبابها ونتائجها، فإنني أجزم أنها ليست خافية على قائد مصر الحديث وحكومته المقاتلة.

إذن، هل هذه هي مصر الجديدة التي يريدها السيسي، دولة متساوقة مع العدو الصهيوني وإرهابه المنظم؟ أليس الحاصل ضدّ العرب في فلسطين وغيرها من الدول العربية تدخلاً سافراً في شؤون مصر؟ وبالتالي هل هكذا تكون سياسة مصر متوازنة منفتحة على دول العالم كافة؟

بلى، تحدّدت ملامح سياسة مصر الخارجية القادمة في الخطاب الذي ألقاه الرئيس عبد الفتاح السيسي في قصر القبة يوم حلف اليمين، وقال: «إنّ مصر الداخل تملك محدّدات وقدرات ستوجه دفة سياستنا الخارجية وهي التي ستحدّد موقعنا الدولي»، «فكلما كانت جبهتنا الداخلية قوية وموحدة واقتصادنا قوياً كان قرارنا مستقلاً وصوتنا مسموعاً وإرادتنا حرة. وأنّ مصر بما لديها من مقوّمات يجب أن تكون منفتحة في علاقاتها الدولية».

إنّ مصر التي تسلّم السيسي قيادتها هي دولة مسلوبة المحدّدات والقدرات والإرادة، دولة تأكل مما لا تزرع، وتلبس مما لا تصنع دولة تعيش في السواد الأعظم من حياتها على معونات الولايات المتحدة وفتات الغرب، وبما تتفتق به الذهنية الصهيونية من سلام الاستجداء والمخدرات والتجارة بأعضاء الإنسان والتدمير للذات المصرية العربية، اجتماعياً وثقافياً واقتصادياً وفكرياً وعسكرياً وسياسياً وسياحياً وسيادياً، إلخ. ولتذهب مصر العرب، أرض الكنانة إلى الجحيم في استراتيجية بني صهيون اللعين، طالما يُراد لها ذلك من زمن بعيد.

الرئيس عبد الفتاح السيسي أخرج مصر من تحت العباءة الصهيو ـ أميركية الرجعية، وتعالى بها إلى حاضنة العروبة، لتكون دمشقة المستقبل العربي طوبى طوبى، وسكة سكة، لأنّ في هذا التلازم عزة مصر واستقلالها وكرامتها، بل عزة الأمة وكرامتها، ومن يؤمن بغير ذلك يكن من الذين فقدوا عقولهم وعقلانيتهم.

كاتب وإعلامي ـ دمشق

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى