سورية غير قابلة للتقسيم اقرأوا دروس التاريخ وتعلّّموا…
هشام الهبيشان
تزامناً مع الوقت الذي يحقق فيه الجيش العربي السوري مدعوماً بسلاح الجو الروسي ـ السوري، إنجازات كبرى في الميدان السوري بحربه الشاملة على التنظيمات الإرهابية العابرة للقارات، أصبحنا اليوم نسمع كثيراً جملة «تقسيم سورية» التي يردّدها الكثير من المحللين على شاشات ومنابر الإعلام على تعدّد مرجعياتها وتوجهاتها، ويأتي كلّ ذلك في الوقت الذي يستكمل فيه الجيش العربي السوري حسم المرحلة قبل الأخيرة من تطهير محيط مدينتي حلب وإدلب، تمهيداً لانطلاق المرحلة الأخيرة لتحرير محافظة إدلب بشكل كامل، وتطهير أجزاء واسعة من محافظة حلب، فاليوم يجري وبكلّ هدوء ومن دون أيّ ضجيج إعلامي التحضير لمعارك تحرير جسر الشغور في ريف إدلب الغربي وخان شيخون في ريف إدلب الجنوبي، ومناطق أخرى في محافظة إدلب، التي ما زال الجيش السوري يحافظ على وجود وإنْ كان محدوداً في داخلها، وخصوصاً في ريف إدلب الشمالي وريف إدلب الجنوبي.
وعلى محور موازٍ، يتزامن التحضير لمعركة محافظة إدلب الكبرى مع التحضير لنقل زخم عمليات الجيش العسكرية من ريف حلب الجنوبي الغربي بعد الانتهاء من حسم معركته الى محيط ريف حلب الشمالي الشرقي والشمالي والغربي لحسم جملة معارك في عمق هذه الأرياف لتأمين عبور آمن لتطويق أحياء مدينة حلب الشرقية والمساهمة بتطهير أجزاء واسعة من محافظة حلب، تمهيداً لإطباق السيطرة الكاملة على ريف حلب الشمالي الذي يعتبر الخزان والمعبر الرئيسي للسلاح والمسلحين من الحدود التركية الجنوبية الى شمال سورية، ويتزامن كلّ هذا الحراك العسكري بالشمال السوري، مع استعدادات لإطلاق المرحلة الثانية من عمليات تحرير بعض المناطق الاستراتيجية في الجنوب السوري، والتي بدأت بتحرير مناطق متعدّدة بمحيط مدينة درعا وريفا القنيطرة الشمالي الغربي والجنوبي الغربي.
ويتزامن التحضير لمجموع هذه المعارك الكبرى مع المعارك الكبرى التي يخوضها الجيش السوري وبحرفية عالية دفاعاً عن مناطق سيطرته في مدينتي الحسكة ودير الزور شمال شرقي وشرق سورية، والتي أسقط من خلال دفاعه المستميت عنهما في وجه المجاميع الإرهابية الغازية للمدينتين، مخططاً تآمرياً كان معدّاً لتشكيل واقع عرقي تقسيمي جديد للشمال الشرقي لسورية، لكنّ صمود الجيش وتكامل هذا الصمود بدعم أهالي المدينتين، أسقط مرحلياً هذا المخطط، فصمود حامية مطار دير الزور العسكري وصمود وحدات الجيش العسكرية بمدينة الحسكة أمام غزوات متعدّدة، استهدفت أماكن سيطرة الجيش العربي السوري، يؤكد أنّ سورية من شمالها إلى شرقها ومن غربها إلى جنوبها ما زالت وستبقى واحدة موحدة بتصدّيها وهزيمتها للمجاميع الإرهابية العابرة للقارات وداعميها.
كذلك يستكمل الجيش العربي السوري اليوم مخططاً محكماً وضعه لتحرير مناطق استراتيجية في أرياف شرق وجنوب شرقي وشمال محافظة حمص، ونجح من خلاله في تحرير مرافق اقتصادية ونفطية مهمة في عموم هذه المناطق في ريف حمص الشرقي، أما في ريف اللاذقية الشمالي فهناك عمليات نوعية وخاطفة وضربات محكمة يوجهها الى التنظيمات المسلحة الموجودة في بعض بؤر إرهابية مبعثرة في الريف الشمالي، وهذا الأمر ينطبق كذلك على تطهير مناطق سيطرة المسلحين في أرياف حماة الشمالي والشمالي الغربي والغربي والشمالي الشرقي.
اليوم وبعيداً من تطورات الميدان، فإنّ ما يهمّنا من كلّ هذا هو واقع سورية المعاش في هذه المرحلة، وبعيداً من حروب الإعلام وكلام المتآمرين وشركاء الحرب على سورية، ومع مرور نحو خمس سنوات على حرب أميركا وحلفائها على سورية، يتضح للمتابع في أحيان كثيرة أنّ الأحداث والمواقف المتلاحقة لوقائع الحرب «المفروضة» على الدولة السورية، بأنّ الدولة السورية استطاعت منذ مطلع النصف الثاني من هذا العام وبدعم من حلفائها أن تبني مساراً جديداً للحسم وإسقاط كلّ مخططات أعدائها التقسيمية التدميرية لسورية.
أما بالنسبة إلى التدخل الروسي في سورية لدعم الدولة السورية في حربها على الإرهاب، فنحن نعلم جيداً أنّ للروس مصالح كما للأميركيين، ولكن الفرق هنا أنّ لأميركا مصالح في تدمير سورية الدولة، أما الروس فلهم مصالح مع سورية الدولة ويسعون اليوم لدعمها والوقوف معها»، ولكن أن يأتي البعض اليوم ليتحدّث أنّ التدخل الروسي مع سورية الدولة هو تأمين لجغرافيا معيّنة تسعى روسيا إلى تأمين مصالحها فيها، تمهيداً لتقسيم سورية… هذا الأمر خاطئ جداً، وليس من العقلانية والصواب الحديث فيه، فالروس جاؤوا إلى سورية لاستعجال الحلول السياسية ولحسم معركة سورية العسكرية مع قوى العدوان، ولهم مصالحهم القومية والدولية في ذلك… وعلى المحور الآخر من يقرأ دروس التاريخ وتاريخ سورية تحديداً سيتيقّن بشكل كامل من أنّ سورية، لن تقبل القسمة لا على اثنين ولا على ثلاثة، فسورية ستبقى سورية الواحدة الموحدة القابلة للتمدّد لجمع شمل وشتات الأمة بهمّة وعزيمة أبنائها المخلصين وعلى رأسهم بواسل ومجاهدو الجيش العربي السوري.
ختاماً، إنّ صمود سورية اليوم عسكرياً، ودعم حلفائها لها، وتوسّع الجيش العربي السوري بعملياته لتحرير الأرض مدعوماً ومسنوداً من قاعدة شعبية تمثل أكثرية الشعب السوري، هذه العوامل بمجموعها ستكون هي الضربة الأولى لإسقاط أهداف ورهانات الشركاء في الهجمة الأخيرة على سورية، وبحسب كلّ المؤشرات والمعطيات الماثلة ليس أمام قوى العدوان على سورية، ومهما طالت معركتهم وحربهم على سورية، إلا الإقرار بحقيقة الأمر الواقع، وهي فشل وهزيمة حربهم على سورية، والمطلوب منهم اليوم هو الاستعداد والتحضير لتحمّل كلّ تداعيات هذه الهزيمة وتأثيرات هذا الفشل عليهم مستقبلاً.
كاتب وناشط سياسي ـ الاردن
hesham.habeshan yahoo.com