أحمد جرعتلي… والإبداع في الرسم ثلاثيّ الأبعاد
شذى حمّود
أحمد جرعتلي، فنان تشكيليّ سوريّ قدّم تجربة فنية جديدة على الساحة التشكيلية السورية، من خلال اعتماده تقنية الرسم ثلاثيّ الأبعاد على الجدران والأرضيات، ما جعله من روّاد هذا الفنّ العالميّ في سورية والمنطقة العربية.
أنهى جرعتلي عمله الجديد وهو الثالث من نوعه بأسلوب الرسم ثلاثيّ الأبعاد من خلال الرسم على أرض منصّة تابعة لمجلس مدينة مصياف، معتمداً المنظور الهندسيّ كأساس له، من خلال نقطة تسمّى «نقطة المركز» التي يرسم من خلالها خطوط العمل العمودية، وهي أيضاً مسقط عين الناظر على الأرض. أما الخطوط الأفقية فتعتمد خطاً افتراضياً يتخيّله الفنان بحسب خبرته.
ويوضح جرعتلي أنه يستند في اتجاهه الفنّي إلى ثلاثة عناصر هي: الخيال الواسع، القوة في رسم المنظور وفهمه، والقدرة على الرسم الواقعيّ. مشيراً إلى أنّ هذا النوع من الفنّ لا يزال في طور تشكيله عربياً، إذ يمثّل اتجاهاً فنّياً له توظيفات كثيرة. لافتا إلى أنّ أهميته تكمن في خداعه البصريّ، كونه يشكّل صدمة للمتلقّي. لذلك يشهد انتشاراً سريعاً، خصوصاً في أوروبا.
ويقول جرعتلي إن كل عمل يقوم بتنفيذه يحاكي موضوعاً معيّناً. فالعمل الأول تحدث فيه عن مدينة مصياف القديمة وآثارها بقصد استحضار قيمة المكان التاريخية والتراثية. أمّا العمل الثاني فجسّد من خلاله ساحة الأمويين ونصب السيف الدمشقي شامخاً في وسطها، مخترقاً سطحاً معيّناً. وعمله الحالي في مدينة مصياف، بلغت مساحته 65 متراً مربّعاً، وهو عمل متخيّل من مدينة البندقية الإيطالية، حيث يلتقي الماء بالبناء.
وأشار جرعتلي إلى أنه يحاول تكريس هذا النوع من الفنّ كي يكون قريباً من الناس، بغية تطوير الذائقة البصرية، وبهدف خروج العمل الفنّي من صالة العرض إلى الشارع. مبيّناً أن كلّ عمل قام بتنفيذه حمل في مضامينه دلالات مؤثّرة بالمتلقي.
وعن الصعوبات التي واجهها في تنفيذه الأعمال قال جرعتلي: في هذه الأعمال عانيت من الأرضية التي أرسم عليها. فتضاريسها لا تخدم العمل، إذ هي غير مجهّزة لمثل هذه اللوحات. وأتطلّع دائماً لإيجاد ساحات حقيقية لتنفيذ أعمالي وتهيئة العناصر الضرورية للحفاظ عليها.
ودعا جرعتلي إلى تعزيز رعاية المؤسسات المعنية هذه التجارب والتقنيات و ودعمها وتوظيفها في خدمة ارتقاء المجتمع فنّياً وجمالياً وثقافياً. إذ يمكن إيجاد فضاءات جمالية تضاهي الجماليات التي حقّقتها أوروبا، إضافة إلى وجود ملتقيات فنّية على مستوى النحت والتصوير ومجالات الفنون الأخرى.
وعن صقل تجربته الفنية أوضح جرعتلي أن مشاركته في عدّة ملتقيات فنية على الجدران، أدّت إلى تطوير تجربته باتجاه فنّ ثلاثيّ الأبعاد. يضاف إلى ذلك دراسته في كلّية الفنون الجميلة، وهذا ما ساعده في طرح هذا النوع من الفنّ على رغم صعوبة أدائه وتحقيق رغبته في اقتراح نمط فنّي جديد في العالم العربي.
يشار إلى أنّ الفنّان التشكيليّ أحمد جرعتلي من مواليد مصياف عام 1984، وهو خرّيج كلّية الفنون الجميلة ـ قسم الاتصالات البصرية. محاضر في «جامعة تشرين» ـ كلّية الهندسة المعمارية. له مشاركات ومعارض عدّة. ويعمل حالياً في رسم بورتريهات احترافية في سورية ولبنان ويصمّم غرافيك إضافة إلى أنه مدرّس في مادة الخطّ العربيّ.