الإذاعيّ الرائد الأمير يحيى الشهابي في ندوة «أعلام خالدون»

«هنا دمشق» عبارة أطلقها الأمير يحيى الشهابي في الرابع من شباط 1947، معلناً ولادة إذاعة دمشق الوطنية، فكان حقاً أمير الإذاعيين، مطلقاً عهد ذاك برنامجه الأشهر «دوحة الشعر» وكان أول من أذاع البشرى على الشعب السوري بجلاء الانتداب الفرنسي.

اختاره المركز الثقافي في أبو رمانة ليكون نجم ندوته الأسبوعية «أعلام خالدون»، فكانت الندوة فرصة لتبادل حديث ذكريات بين الإعلامي الكبير محمد قطان والمخرج حسن حناوي والمؤرخ الموسيقي أحمد بوبس. وبدأت الندوة بعرض فيلم قصير عن حياة الأمير الشهابي بتوقيع بوبس عرض خلالها السيرة الذاتية لهذا الإعلامي الكبير. وتحدث الإعلامي قطان عن ذكرياته مع الأمير الشهابي إذ كان أول من علمه أصول العمل في التلفزيون في بداياته عبر برامج الأطفال، مشيرا إلى تميز الشهابي بالصبر والتواضع والتعامل مع الآخرين برقي وحكمة ومراقبته أدق التفاصيل.

تطرق قطان إلى الجانب الأدبي في حياة الشهابي من خلال تقديمه برنامج «دوحة الشعر» وتجربته في كتابة القصة مشيراً إلى أن أولى محاولاته كانت قصيدة شعرية باسم العقل كتبها عندما كان في الخامسة عشرة، مستعرضاً دوره في دعم الفنانين العرب والسوريين الرواد من مطربين وممثلين وفتح الباب لهم لبث أغانيهم في الإذاعة السورية مثل فيروز ووديع الصافي وعبد الحليم حافظ. ولم يغفل قطان الحديث عن الشهابي المدرس الجامعي الذي أغنى الحصيلة العملية لطلاب قسم الإعلام في جامعة دمشق من خلال تدريسه مادة الإلقاء، مشيراً إلى أن عدداً كبيراً من طلابه أصبحوا مذيعين في التلفزيون السوري.

فيما اختار المخرج حسن حناوي أن يتناول تأثير الشهابي فيه كإعلامي ودوره في تدريب كوادر التلفزيون منذ نشأته، وأسهب في الحديث عن البرنامج الإذاعي «دوحة الشعر» وعرض مقتطفات بصوت الراحل الشهابي، لافتاً إلى تميزه بصوته الإذاعي الذي رافق الأجيال سنين عديدة.

أضاف الحناوي أن الشهابي سجل في تاريخ الإذاعة السورية كأول صوت إذاعي في إذاعة دمشق وأول من أعلن استقلال سورية من الإذاعة وأول من سمي مديراً لبرامج الإذاعة وهو من قام بالتغطية الإذاعية لأول عرض عسكري بعد جلاء المستعمر الفرنسي عام 1946 وكان في شارع القوتلي ولم تكن هنالك تقنيات تساعده في أداء واجبه فاستعار سيارة شحن لأحد أقاربه ووقف على ظهرها كي يشاهد العرض وينقل وقائعه.

يؤكد الحناوي إلى أن الشهابي كان أول من أذاع البلاغ رقم واحد زمن الانقلابات العسكرية السورية، مخفوراً بعربة عسكرية. ويروي أنه في صبيحة أول انقلاب عسكري وقع في سورية عام 1949 قام به حسني الزعيم أرسل إليه الأخير عدداً من الضباط إلى منزله فدخلوا عليه شاهرين مسدساتهم واقتادوه إلى الإذاعة بقوة السلاح وأعطوه البلاغ رقم واحد وطلبوا منه قراءته من إذاعة دمشق. ولفت الحناوي إلى اهمية انتشار ثقافة التكريم عبر الاحتفاء بالشخصيات الكبيرة والاستمرار بذلك والعمل على توثيق أعمال الراحلين.

الناقدة أسيل الأزعط رأت في الندوة إضاءة رائعة ومميزة على حياة الأمير يحيى الشهابي تعرفنا من خلالها إلى الأمير والإنسان قبل أن نتعرف عليه كإعلامي وأديب.

الجدير ذكره أن الأمير يحيى الشهابي ولد في راشيا عام 1917 ونال إجازة في الترجمة من الفرنسية إلى العربية وبالعكس وشهادة في الإذاعة من جامعة كولومبيا الأميركية، وعاد إلى دمشق وعمل مدرساً في المدارس والثانويات قبل أن يكرّس حياته كلياً للعمل الإعلامي عبر إذاعة دمشق التي استطاع أن يفرد لها مكانة مرموقة بين الإذاعات العربية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى