فيينا تكرّس «الحدث»… إيران «الحدث»
بانطلاق المحادثات في فيينا تتكشف المتغيّرات الكبرى في الشرق الأوسط، وتتوضح التوازنات الجديدة لتظهر من الذي استطاع فرض سياسته وتثبيت رهاناته السياسية والعسكرية طيلة خمس سنوات من الكباش الدولي الحادّ بما فيها الرهان العسكري الذي تخطى حدود دولة بعينها وامتدّ ليصبح نقاطاً يجمعها كلّ من زعيمي الحلفين المتقابلين والمتصارعين «الأميركي – والروسي»، وتبيّن قدرة الاميركيين على المضيّ في مخططات وسياسات تسلحت واشنطن باستنادها على دراسات ومعطيات استخبارية اثببت لها انها تعاني من أزمة كبرى بعدما لم تسطع اخذ الادارة الاميركية نحو ما يحفظ نفوذها في المنطقة، كما كانت تهدف بتفتيت الدول العربية خدمة لـ»اسرائيل» ولها، انما بانقلاب المشهد ودخول روسيا الغير متوقع من قبل كلّ ما سلّم ليد اوباما من دراسات وتقارير استخبارية، فكانت ان تحجم النفوذ الاميركي مسبّباً إحراجاً كبيراً لحلفائه العرب ومعهم تركيا، حتى باتت كل خطوة تتعرّض لنقد داخلي وقلق يهدّد عروشهم وحكمهم وبينهم من غادر الحكم اصلاً بسبب ما تعرّض له نظامهم من اهتزاز هدّد الجوار حال سقوطه.
مع تقدّم مؤشرات التحوّل في سورية بدأ الحديث عن عدم قدرة التمادي في تجاهل أبرز القوى المحيطة، وعلى الرغم من كلّ المؤتمرات التي عقدت من اجل الحلّ في سورية، فانها لم تثمر في إحداث أيّ فارق على الأرض، لأنّ الميدان السوري لم يكن يهدأ او يستكين بانتظارها، وكان كلام المدافع أبلغ من مجاملات إعلامية تعرف انّ الازمة طويلة، لكنها ارادت ان توحي بانّ المساعي لحلها تمضي على قدم وساق، وهذا ما لم يكن حقيقياً على الاطلاق، وها هي الازمة تطول خمس سنوات لكن هذه السنوات الخمس أتت لمصلحة اكتشاف متانة الأفرقاء واستعداد كلّ فريق للمضيّ الى آخر الطريق، وخوض المعركة إلى نهايتها، وعندما كسرت واشنطن هذا المفهوم بدأت التحوّلات تطفو.
كسر واشنطن لهذا المفهوم لم يكن الا نابعاً من قدرتها وبراغماتيتها بالسياسة واستعدادها لتقبّل الواقع في نهاية المطاف، هذا ما لم يعتد عليه من بقي على عناده من الخليجيين وتجسّد السعودية اليوم بلسان وزير خارجيتها عادل الجبير المصرّ على ترداد عبارة «لا دور للاسد في المرحلة الانتقالية»، لكن الأميركي فاجأهم بقبوله فيها، لكنه أيضاً نسي ما كان يقوله سلفه الراحل سعود الفيصل عن «دور إيران الداعم للإرهاب»، وهي اليوم مفاجأة جديدة ابرز المتعاونين لمكافحة الإرهاب وأبرز المنفتحين على واشنطن بتقبّل الأخيرة للحاجة اليها.
حاولت السعودية تحجيم دور ايران في فيينا عبر إدخال عدة دول في المفاوضات، لكي تصبح مثلها مثل غيرها من الحضور العادي، ان تحجم الحدث، لكنه وبعكس التوقعات طغى على كلّ المشهد فاتحاً باباً عريضاً واملاً كبيراً لان تتكوّن ثنائية ايرانية اميركية جدية مقبلة على حلّ باقي الملفات في المنطقة بعد سورية، كالعراق واليمن و… لبنان، وهذا ما سيجعل من هذه العلاقة تتوجه نحو التطبيع تدريجياً.
ايران الحدث بفرض شرعيتها دولياً لا تحجب صوتها المكابرة…
«توب نيوز»